الإنتخابات وصور المرشّحين
عبد الهادي البابي
يصاب المواطن العراقي بالدهشة والذهول وهو يرى شوارع وساحات المدن العراقية صارت مثل غابات من الصور واللافتات الخاصة بالمرشحين للإنتخابات البرلمانية 2025 ..
نعم المنظر يبدو مثل غابات أستوائية (من ورق وألوان) قد ظهرت فجأة في الجزرات الوسطية وأرصفة الشوارع والمفترقات الرئيسية حتى لايكاد السائق يرى جهة الرصيف من شدة تشابك اللافتات وكثرة الصور بشكل غير مسبوق.!!
وطبعاً تتنوع الصور وتختلف بالأحجام والجودة والدقة من مرشح لآخر ..فهناك صور غالية الثمن وذات مواصفات قوية وورق خاص وترتكزعلى قضبان وهياكل حديدية قد حفرت نفسها فوق مقرنص الشوارع فحفرته وشوهته بلا رحمة ..! وهذه الصور تعود لحيتان الأحزاب وملوك السلطة وأمراء الوزارات وأتباعهم وحواشيهم الذين هم ماسكون بالكراسي بأسنانهم وقرروا أن (ماينطوها) !..
وهناك صور بسيطة من المقوى الرخيص ومعلقة بخيوط على أعمدة الكهرباء تتلاعب بها الرياح يميناً وشمالًا وهي تعود لمرشحين مستقلين أو من الجدد الذي لايملكون أموال الدعاية الإنتخابية ..وتعلو أغلب الصور شعارات طنانة من قبيل (النزاهة ، القوة ، حب الوطن ، عزة العراق ووووغيرها من شعارات المرشحين الفارغة التي تغرق البحر وتفلق الصخر )..!!!
أتذكر أول أنتخابات برلمانية جرت عام 2005 وكيف كانت الدعاية الإنتخابية بسيطة وسريعة ..وأتذكر بأننا خرجنا وأنتخبنا من كل قلوبنا لنؤسس برلماناً عراقياً وطنياً يؤدي دوره التشريعي والرقابي كما هو حال برلمانات دول العالم .
صور مرشحين
الآن وبعد مرور 20 عاماً ورغم الفشل المتكرر للدورات البرلمانية السابقة بسبب المحاصصة والصراع على المناصب نرى نفس صورالمرشحين (الوقحين) الذين أنتخبناهم قبل 20 عاماً خصوصاً الذين هم سبب الفساد وسبب الفرقة وسبب عدم حصول المواطن العراقي على أبسط حقوقه وهي تعود إلى الواجهة من جديد ..نرى هذه الصور لمرشحين ممن صاروا وزراء ونواب ووصلوا إلى مناصب عليا في الدولة خلال دورات برلمانية سابقة وقد أزدادوا ثراءا وتحولت أحوالهم إلى تجار ومضاربين وبعضهم أحاط نفسه بالحمايات والسيارات والبهبهة وأصبحت لهم ممالكهم ومحمياتهم الخاصة دون أن يقدموا لهذا المواطن المسحوق سوى السخرية به والإستهزاء منه وعدم تلبية حاجاته وحقوقه البسيطة...ودون أن يقدموا للوطن الذي يهتفون بأسمه كذباً وزوراً أي شيء ..!
ولكن...على هؤلاء (أصحاب الوقاحة والصلافة ) أن يدركوا أنهم لايستحقون من المعدومين المحرومين الذين تجاهلوهم كل هذه السنين سوى (البصاق) على صورهم ، وعدم تصديق وعودهم وشعاراتهم الكاذبة الخادعة التي لم تعد تنطلي على أحد في هذا البلد..لقد وعدوا وأخلفوا ...فلاأخلف الله عليهم في الدنيا والآخرة !
وحتى لايكون كلامنا تعميماً على الجميع فإننا نرى في (القليلة جداً جداً) لمرشحين ممن لهم سيرة صادقة وصالحة في وظائفهم أو في تجربتهم البرلمانية السابقة وبعضهم ترشح لأول مرة ونحن نعرفهم عن قرب ..هؤلاء هم من يستحقون أن نعطيهم أصواتنا من أجل أن تستمر العملية السياسية - رغم ضعفها وكثرة مشاكلها - حتى لاتعود علينا دواليب الدكتاتورية أويحدث فراغ دستوري وسياسي يتسبب بالفوضى وعدم الأستقرار..!
أما أصحاب المال والسلاح وسكنة القصور والأرصدة من أمراء البرلمان والحكومة الذين لم نرى منهم سوى الكذب والخداع والدجل ولم يعملوا إلاّ لأنفسهم ومنافعهم الخاصة ..فهؤلاء قد عرفهم المواطن العراقي الشريف وعرف نواياهم فلا يجب أن يعطيهم صوته أبداً ...بل واجبه أن يعطيهم التجاهل والإزدراء والإحتقار كما فعلوا به ..!