مفارقات ثلاثية وأكثر
فاتح عبدالسلام
هناك مفارقات تمر في أوقات مهمة من الاحداث والمواقف، لا يبدو تفسيرها سهلا، لذلك هي أقرب للمفارقات والخيال السياسي منها الى الواقع الصحيح والمستقر.
المثال الأول، هو اجتماع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع زعماء دول عربية وإسلامية في نيويورك هي تركيا وقطر والسعودية والإمارات وإندونيسيا ومصر والأردن وباكستان، وخرج ترامب من الاجتماع متفائلا ومؤكدا انه اول اجتماع ناجح له لإنهاء حرب غزة، بالرغم من انّ الطرفين المعنيين بالحرب غير موجودين، وانّ الدول الحاضرة ليس بيدها أي قرار لحسم تلك الحرب. لو كان أمر حرب غزة بيد أي من تلك الدول لما وصلت التداعيات الى هذا الوضع المأساوي الذي يزداد سوءاً بالدقائق وليس الأيام.
المفارقة الثانية انّ المرشد الإيراني الأعلى أرسل وزير خارجية إيران الى نيويورك للتفاوض مع الثلاثي الغربي بريطانيا وفرنسا وألمانيا بشأن الملف النووي قبل أن تنفد المهلة المحددة وتعاد العقوبات، في حين انه صرح بالتزامن مع ذلك الاجتماع الإيراني الغربي لوقف التدهور، بأنّ المفاوضات غير مجدية وأنها في طريق مسدود، مشدداً على أن التفاوض مع واشنطن “ليس فقط لا يعود بالفائدة، بل يتسبب أيضاً بأضرار كبيرة في الظروف الحالية التي يمكن وصف بعضها بأنها غير قابلة للإصلاح”. وقال خامنئي ايضاً: «يقول الجانب الأميركي: عليكم ألّا تخصّبوا على الإطلاق»، مضيفاً: «لم ولن نستسلم للضغوط في قضية تخصيب اليورانيوم. وفي أي قضية أخرى أيضاً، لم ولن نستسلم للضغوط».
وذكر المرشد الايراني في خطابه المتلفز انّ: أمريكا تريد ألا نمتلك صواريخ بما في ذلك الصواريخ المتوسطة المدى.
يبدو المرشد الإيراني واضحاً في رفض الشروط الامريكية رفضاً نهائياً بما يجعل اية مفاوضات مقبلة مستحيلة. اذن ما الحاجة لمفاوضات مرفوضة من الجانبين في الأساس؟ وبديل المفاوضات ليس خافياً.
المفارقة الثالثة، هي انّ دولاً كبرى تعلن اعترافها بدولة فلسطين أو انها على طريق الاعتراف بدولة يجري في ذات الوقت مسح جزء أساس منها وهو قطاع غزة. في حين لا يزال الرئيس الفلسطيني غير قادر على الوصول الى الأمم المتحدة لإلقاء خطابه بسبب منع الولايات المتحدة منحه تأشيرة دخول، والأمم المتحدة تخضع لقانون يتيح لها استقلالية اكتشفنا انها نظرية على الورق، ويلومها الرئيس ترامب من دون ان تلومه هي في التدخل في سياقات عمل المنظمة الدولية.