أنتم شأننا في معان أخرى
محمد خضير الانباري
استوقفتني هذهِ العبارةِ الجميلةِ الرائعةِ (دعونا وشأننا، فأمسكوا بنا، وقالوا أنتمْ شأننا ) ، لقد تناولها العديدَ منْ المعلقينَ والكتابِ في مقالاتٍ وتحاليلَ وتفاسيرَ متعددةٍ . لقدْ تمعنتْ فيها كثيرا ، لأجدْ لها في عقليٍ ومخيلتي عشراتِ المعاني والتفاسيرِ لها. يكمن المعنى العامُ لها، بالتمسكُ بشخصِ ما منْ قبلِ البعض، ، مؤكدينَ حبهمْ وولائهم له، يرغبون في استمرار علاقتهم معه.
هنالكَ معانٍ أخرى لهذهِ العبارة، فبعضُ الأشخاص، يريدَ أنْ يكونَ بعيدا، عنْ المشاكلِ والعيشِ بهدوءِ خاصة، والابتعاد من بعض الأقاربُ أو الأصدقاءُ الثقلاء، لينفردَ في زاويةِ الحرية، ويتنفسَ الصعداءَ بعيدا عنْ تساؤلاتِ الفضوليين، وهذا ما يجنبه، سماعُ الغيبةِ والنميمةِ، والسكوتِ عنها في مجاملاتٍ فارغة. في بعض الأحيان، تجد منْ يبحث، عنْ الهدوءِ والسكينة والابتعاد عن الآخرين، وخاصةَ ما يسمونَ أنفسهمْ منْ أصحابِ النخبِ المثقفةِ في المجتمعِ منْ الأدباءِ أوْ الفلاسفةِ أوْ منْ أصحابِ القلمِ الحرِ ، ليتفرغوا لكتاباتهمْ الخاصةِ منْ أجلِ إيصالها لجمهورهمْ أوْ متابعيهم تحملَ العبارةُ طابعا أدبيا عميقا، يقومَ على المفارقاتِ الجميلةِ ما بينَ طلبِ الحريةِ الشخصيةِ « دعونا وشأننا «، وبينَ قيودُ الآخرين: « فأمسكوا بنا، وقالوا أنتمْ شأننا « إذ، تتجلى الفكرةُ في الصراعِ ِ بينَ الرغبةِ في الخصوصية، وبينَ تدخلِ الآخرينَ أوْ المجتمعِ أوْ السلطةِ بشكلٍ عام في حياتهم الخاصة. تبدأَ العبارةُ « دعونا وشأننا « أيْ الرغبةِ في الاستقلال، ربما تكون النتيجة عكسية « فأمسكوا بنا، وقالوا أنتمْ شأننا «. هنا يظهرُ التناقضُ بينَ الحريةِ والقيودِ التي تفرضُ منْ السلطات المختصة في بعضِ الدول، عندما تراقبُ أصحابَ القلمِ الحرِ والكلمةِ المؤثرة، لنشاطهمْ الخاصِ ، منْ نقدِ المفاهيمِ الخطأِ في المجتمعِ ، وهذا، ما يتجلى عندما تشرعُ أو تسن بعضَ الدولِ بعض التشريعاتِ التي تقيدُ الحريةُ الخاصة. في دورِ الفضولي، فقدْ حدثني أحدُ الأصدقاءِ بعدَ زارَ أحدُ المرضى في سكنه، بعدُ أنْ خروجهِ منْ المستشفى مصطحب معهُ باقةُ وردِ وعلبةِ حلوى، فيقول: بعدُ السلامِ على المريضِ والاستفسارِ عنْ صحته، بادرني بأسئلةٍ تحقيقيةٍ عنْ حياتي الخاصة، وكأنما ضابط تحقيق، فأجبتهُ بالنصِ حجيْ « أنا جئتُ لأطمئنْ عليك، وليسَ لتفتح تحقيقَ معي «، ثم، شكرته، وتركتْ المكان، وعدتْ مسرعا إلى سيارتي، وقلتْ في نفس: يا ليتني لمُ أزره. ! . قدْ يعني المعنى، صرخةُ فردٍ في وجهِ المجتمع، منْ يريدُ أنْ يعيشَ كما يشاء، لكنَ الآخرين، يعتبرَ حياتهُ شأن عام، فيتدخلون، أوْ قدْ يكونُ المعنى، يحملَ تقسيطا سياسيا أوْ اجتماعيا منْ قبلُ الأشخاص، الذين، يبحثونَ عنْ حريةِ الرأي، لكنْ السلطاتِ التنفيذية، تمنعهمْ بالقول: أنتمْ أمرٌ يخصنا، أنتمْ شأننا. في هذا الشأن، يقولَ الشاعرُ الأمريكيُ المتمرد؛ (تشارلزْ بوكوفسكي ) ؛ منْ الحكمةِ أنْ يخفيَ الذكيُ ذكاءهُ أحيانا، ليبقى في سلامٍ معَ لا علاجَ لجهلهم.