الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
السلام المنفلت أم البشر المنفلت؟

بواسطة azzaman

السلام المنفلت أم البشر المنفلت؟

كامل الدليمي

 

تشهد بعض المناطق في العراق منذ سنوات نزاعات عشائرية متكررة تذهب ضحيتها أرواح بريئة، ويُزج فيها بأبناء قواتنا المسلحة الذين يندفعون للتدخل بهدف فضّ النزاع وحماية المدنيين، فيتحولوا أحياناً إلى طرف مستهدف أو ضحية لهذا الانفلات. هذه الظاهرة لم تعد مجرد خلافات محدودة، بل أصبحت تهديداً مباشراً للسلم المجتمعي ولأسس الدولة والقانون.

المفارقة المؤلمة أن العراق، الذي عُرف تاريخياً بقوة الروابط الاجتماعية والعشائرية، أصبح اليوم يشهد تصدعاً في هذه القيم. فالعشيرة التي كانت تمثل صمام أمان، وركناً أساسياً في منظومة الاحترام المتبادل، صارت في بعض الحالات تتحول إلى أداة صراع بدلاً من أن تكون رافعة للسلم الأهلي.

الانفلات الحقيقي ليس في السلاح وحده، بل في الإنسان حين يفقد وازع العقل والقيم. فالسلاح بيد المنضبط قد يكون وسيلة حماية، لكنه بيد المتهور يتحول إلى أداة قتل وخراب. ومن هنا فإن الخطر الأكبر يكمن في “البشر المنفلت”، الذي لا يقيم وزناً للقانون، ولا يحترم الدم العراقي، ولا يضع في اعتباره أن النزاع العشائري لا يحل بالرصاص وإنما بالحكمة والعقل.إن العودة إلى ترسيخ قواعد الاحترام العشائري المتبادل ضرورة وطنية. فالعشيرة العراقية لم تكن يوماً سبباً للفوضى، بل كانت على مدى عقود ركيزة أساسية في حل الخلافات وإطفاء الفتن وحماية السلم الاجتماعي. وما أحوجنا اليوم إلى استعادة هذه الروح الأصيلة، حيث الكلمة الراجحة تُقدم على الرصاصة، وحيث مجالس الصلح تُقدَّم على ساحات القتال. ولعل الحل يكمن في شراكة متكاملة بين الدولة والعشائر حيث الدولة بسلطتها وهيبتها وتطبيقها الصارم للقانون. والعشائر بمرجعياتها الاجتماعية وامتدادها العشائري ..

بهذا فقط يمكن أن نتجاوز حالة “السلام المنفلت” الذي لا يستقر على حال، ونواجه “البشر المنفلت” الذي لا يردعه سوى وازع الضمير والقانون. فالعراق بحاجة اليوم إلى عقد اجتماعي جديد يقوم على الاحترام المتبادل، ورفض العنف، والاحتكام إلى العقل بدل السلاح .

 

 

 

 


مشاهدات 57
الكاتب كامل الدليمي
أضيف 2025/09/08 - 2:49 PM
آخر تحديث 2025/09/09 - 3:49 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 128 الشهر 5984 الكلي 11423857
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/9/9 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير