كيف تصنع الإستخبارات الفعّالة إستقرار الدولة ؟
مقداد ميري
تُعدّ الإستخبارات إحدى الركائز الأساسية في منظومة الأمن الوطني ، إذ لا يمكن لأي دولة أن تحقق الإستقرار السياسي و الأمني ، من دون جهاز أستخباري فاعل ، يتمتع بالمهنية و القدرة على إستباق المخاطر .
علم وفن
فالإستخبارات ليست مجرد جمع معلومات بل هي علم و فن و إدارة للأزمات قبل وقوعها ، و هي خط الدفاع الأول في مواجهة التهديدات الظاهرة و الخفية .
أولاً : الإستخبارات كأداة للوقاية الوظيفة الأهم للإستخبارات و هي المنع المبكر ، أي أكتشاف التهديدات قبل أن تتحول إلى أزمات حقيقية .
و من خلال الرصد و التحليل المستمرين ، تستطيع الأجهزة الأمنية أن :
• - تحدد و تتابع تحركات التنظيمات الإرهابية و الجريمة المنظمة .
• تكشف الخلايا النائمة أو التهديدات السيبرانية قبل تنفيذها .
و بذلك تُجنَّب الدولة كلفة المواجهة المباشرة و تحقق الإستقرار الوقائي .
ثانياً : الإستخبارات كصانع للقرار .
و الإستخبارات الفعّالة لا تقف عند حدود جمع المعلومة ، بل تتحول إلى مورد إستراتيجي لصانع القرار ، إذ تُزوِّده بمعلومات دقيقة و محللة تمكّنه من :
• إتخاذ قرارات سياسية و أمنية رشيدة .
• صياغة إستراتيجيات دفاعية و هجومية متوازنة .
• تعزيز القدرة التفاوضية للدولة في الملفات الإقليمية و الدولية .
ثالثاً : الإستخبارات و المجتمع .
الإستخبارات الحديثة ليست بعيدة عن المجتمع ، بل تعمل على تعزيز الثقة المتبادلة بين المواطن و الدولة وذلك عبر :
• مكافحة الشائعات و الدعاية السوداء .
• حماية الأمن الإقتصادي والاجتماعي .
• المساهمة في مكافحة الفساد والجريمة المنظمة .
فكلما شعر المواطن أن هناك جهازاً يحميه من المخاطر ، زاد إرتباطه بالدولة و ثقته بها .
رابعاً : مقومات الإستخبارات الفعّالة
لكي تكون الإستخبارات أداة أستقرار حقيقية ، يجب أن تتحلى بعدة خصائص أساسية منها :
1. المهنية : الإعتماد على الكفاءة وتدريب المستمر .
2. التكنولوجيا : إستثمار أدوات الذكاء الإصطناعي ، و البيانات الضخمة و أنظمة المراقبة الذكية .
3. السرية و المرونة : القدرة على التحرك بهدوء و سرعة في آن واحد .
4. التكامل المؤسسي : التعاون مع الجيش و الشرطة والدبلوماسية .
خاتمة
إن الدولة التي تمتلك جهاز أستخبارات فعّال هي دولة قادرة على حماية أمنها القومي ، و أستباق التهديدات ، و بناء أستقرار سياسي و أقتصادي و أجتماعي متين .
فالإستخبارات ليست أداة للقمع أو السيطرة ، بل هي وسيلة حضارية لحماية حياة الناس و ضمان مستقبل الأوطان .
قال الله تعالى : (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا أسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَ مِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَ عَدُوَّكُم ) [الأنفال: 60]
و هي دعوة خالدة للإستعداد الدائم و صناعة القوة الوقائية ، التي تمثل الإستخبارات الحديثة جزءاً أساسياً منها .
□ رئيس دائرة العلاقات و الإعلام – وزارة الداخلية