التراجع والحشد والرسالة
فاتح عبد السلام
التراجع الرسمي في بغداد عن إقرار قانونين يخصّان الحشد الشعبي والفصائل في البرلمان العراقي، يخفف قليلا من الاحتقان الكبير في المنطقة الساخنة ويرسل رسالة تهدئة عراقية، لكنه لا يبعد البلد من عين العاصفة فيما لو تدهورت الازمة الجارية حول النووي بين إيران والغرب مرة أخرى، مع وجود إصرار إسرائيل على عدم إبقاء وضعها امام قنبلة موقوتة لا تدري متى تستهدفها في إشارة الى ايران.
لم يكن المقصود في رفض الولايات المتحدة سيدة نعمة النظام العراقي المؤسس بعد 2003 هو اصدار قوانين الحشد الشعبي، وانّما كان الرفض ينصب على الدور والشكل الوظيفي المستقبلي للفصائل المسلحة وتأثير ذلك على القرار السياسي والتوازنات الإقليمية واستقرار حلفاء واشنطن في المنطقة أيضا.
من الوهم والسذاجة، بل من الغباء أيضاً، أن يذهب سياسيون «متذاكون” في بغداد أو أماكن أخرى الى ترحيل الازمة الى مرحلة أخرى ذات فرص مختلفة في نجاح إقرار المشاريع والقوانين كالفترة التي ستعقب خروج الرئيس دونالد ترامب من البيت الأبيض واحتمال ان يأتي رئيس متخاذل ومفرط بالسلم العالمي مثل جو بايدن.
هذا “التذاكي” وهذه “ الكلاوات” ليس لها محل في هذه المعادلة مهما كان شكل الحكم في البيت الأبيض مستقبلاً. فالولايات المتحدة لن تضع مسارها ومصالحها في أيدي أعدائها في الشرق الأوسط، وحين تريد أن تعاقب طرفاً يشق عصا الطاعة وينكر فضل ولي نعمته وحامي كراسيه، فإنّ الضوء الأخضر قد يعطى لإسرائيل لكي تصفي حساباتها كما تراه مناسبا بعيد عن الفيتو الأمريكي الذي يحتمي به العراق حتى الساعة. هكذا هي المعادلة قائمة لاستمرار الحكم الحالي في العراق، رسالة واضحة، ليس من ذنب الامريكان أو الغرب عدم وجود أحد في سدة الحكم بالبلد يجيد قراءتها.
التراجع عن تشريع قانوني الحشد لا يمكن ان يكون تكتيكاً، واذا كان الأمر كذلك فإنّ النتيجة هي واحدة بوجود القانون او عدمه.
fatihabdulsalam@hotmail.com