الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
صمتُ المواقيت

بواسطة azzaman

صمتُ المواقيت

جليل إبراهيم المندلاوي

 

يَا حكَايَا العُمْرِ كَمْ أَرْهَقْتِ رُوحًا

تَرْتَجِي شَدَّ الرِّحَالِ

كُلَّمَا اسْتَيْقَظَ فِينَا نَبْضُ شَوْقٍ

عَادَ يَغْفُو فِي الزَّوَالِ

فَأُنَادِي القَلْبَ مَهْلًا إِذْ أُنَادِي

فالهَوَى صَعْبُ المَنَالِ

يَا فُؤَادِي كَمْ تُعَانِي مِنْ جِرَاحٍ

مَا لَهَا فِي الدَّهْرِ آلِ

كُنْتُ أَمْضِي شَارِدَ الذِّهْنِ حَبِيسًا

بَيْنَ أَسْوَارِ الضَّلَالِ

عَلَّ رُوحِي تُمْسِكُ الحُلْمَ أَسِيرًا

قَبْلَ أَنْ يَطْوِيَ ظِلَالِي

هَائِمٌ أَبْحَثُ عَنْ دَرْبٍ عَتِيقٍ

ضَاعَ مِنِّي فِي خَيَالِي

فَدَنَتْ مِنِّي عَجُوزٌ حَيْثُ قَالَتْ:

يَا بُنَيَّ.. لَا تُبَالِي

فَاللَّيَالِي لَا تُبَالِي بِأَنِينٍ

أَوْ دُمُوعٍ أَوْ وَبَالِ

إِنَّ مَنْ تَهْوَى سَتَأْتِي، فَتَجَلَّدْ

يَنْجَلِي هَمُّ اللَّيَالِي

لَيْسَ فِي الدُّنْيَا سِوَى الصَّبْرِ مَلَاذًا

حِينَ يَعْيَا كُلُّ حَالِ

فَاسْتَرِحْ مِنْ لَوْعَةِ الشَّوْقِ المُعَنَّى

وَاهْجُرِ الغَمَّ لَيَالِي

وَاسْتَعِنْ بِالصَّبْرِ مِنْ حُرْقَةِ عِشْقٍ

قَدْ تَمَادَى فِي اشْتِعَالِ

إِنَّمَا العِشْقُ ابْتِلَاءٌ وَامْتِحَانٌ

بَيْنَ هَجْرٍ وَوِصَالِ

قُلْتُ يَا سَيِّدَتِي هَلْ لِي خَلَاصٌ

مِنْ جَوًى يُرْهِقُ حَالِي

فِي دُرُوبِ العِشْقِ أَضْحَى القَلْبُ شَاكٍ

مِنْ حِكَايَاتِ الوِصَالِ

قَدْ بَنَيْنَا مِنْ رَمَادِ الأَمْسِ قَصْرًا

بَيْنَ أَحْضَانِ التِّلَالِ

وَرَسَمْنَا أَلْفَ حُلْمٍ مُسْتَفِيضٍ

فَوْقَ كُثْبَانِ الرِّمَالِ

ثُمَّ جَاءَ الرِّيحُ يَمْحُو كُلَّ أَثْرٍ

مَا تَبَقَّى مِنْ وِصَالِ

قَدْ تَبِعْنَا وَهْجَ وَعْدٍ مِنْ سَرَابٍ

لَاحَ فِي لَيْلِ السُّؤَالِ

نَرْتَجِي صَمْتَ المَوَاقِيتِ وَنَخْشَى

كُلَّ ظَنٍّ وَاحْتِمَالِ

كُلُّ دَرْبٍ فِيهِ ذِكْرَى.. فِيهِ جُرْحٌ

كُلُّ جُرْحٍ فِيهِ بَالِ

كَيْفَ أَمْضِي وَالمَسَافَاتُ بِحَارٌ

وَالمُنَى مَوْجٌ عُجَالِ

نَحْنُ فِي التِّيهِ نُنَاجِي كُلَّ نَجْمٍ

عَلَّهُ يَمْحِي الضَّلَالِ

لَيْتَ فِي الأَيَّامِ رِفْقًا أَوْ سُكُونًا

لَا انْتِظَارًا لَا مُحَالِ

هَمَسَتْ تِلْكَ العَجُوزُ بِاتِّزَانٍ

يَا بُنَيَّ سِرْ لِلْمَعَالِي

فَقَمِيصُ يُوسُفَ الشَّافِي سَيَأْتِي

حِينَ تَشْقَى بِالثِّقَالِ

وَتَأَسَّى صَبْرَ يَعْقُوبَ فَتَلْْقَى

أَنَّ هَذَا الصَّبْرَ بَالِي

وَاصَلَتْ تِلْكَ العَجُوزُ النُّصْحَ حَتَّى

أَقْبَلَتْ مَنْ فِي خَيَالِي

فَالْتَقَيْنَا.. بَيْنَ صَمْتٍ وَانْكِسَارٍ

بَعْدَ هَجْرٍ وَانْفِصَالِ

فَلَمَحْتُ الدَّمْعَ فِي عَيْنَيْهَا يَغْفُو

مِثْلَ حُزْنٍ لَا يُقَالِ

فَدَنَتْ مِنِّي بِغُنْجٍ وَدَلَالِ

ثُمَّ قَالَتْ بِانْفِعَالِ

فَلْنُصَافِحْ هَذِهِ الأَحْزَانَ سِرًّا

ثُمَّ نَمْضِي لَا نُبَالِي

رُبَّمَا فِي آخِرِ الدَّرْبِ ارْتِيَاحٌ

أَوْ جَوَابٌ لِلسُّؤَالِ

فَالْتَزَمْتُ الصَّمْتَ مُرْتَابًا لِظَنِّي

لَسْتُ أَدْرِي مَا جَرَى لِي

فَدَنَتْ مِنْهَا العَجُوزُ ثُمَّ قَالَتْ

يَا ابْنَتِي لَا.. لَا تُغَالِي

ذَلِكَ العِشْقُ إِذَا مَا عَادَ يَوْمًا

عَادَ مِنْ دُونِ جِدَالِ

إِنَّمَا العِشْقُ إِذَا طَالَ اغْتِرَابًا

عَادَ كَالقَطْرِ المَسَالِ

وَإِذَا أَمْسَى بَعِيدًا.. عَادَ قُرْبًا

رَغْمَ أَهْوَالِ المُحَالِ

فَاحْذَرِي أَنْ تُفْرِطِي فِي الظَّنِّ يَوْمًا

وَاحْذَرِي صَمْتَ الرِّجَالِ


مشاهدات 686
الكاتب جليل إبراهيم المندلاوي
أضيف 2025/12/08 - 3:31 PM
آخر تحديث 2025/12/09 - 7:01 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 185 الشهر 6280 الكلي 12790185
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/12/9 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير