السياسة أخلاق لا نفاق
جاسم محمد حمزة الجبوري
كثيراً ما تطرأ مشكلات بين أشخاص داخل وحدة اجتماعية ، وبين الحين والآخر تنشأ خلافات بين دول مجاورة وغير مجاورة لأسباب عدة قد تكون سياسية، اقتصادية ، اجتماعية، حدودية وفي هذا الإطار فإنّ عملية التسوية التي تقوم بها وتتعهد برعايتها أيّة جهة كانت من أجل الوصول إلى حلّ مقنع يُرضي المتنازعين إذا كانوا أشخاصاً أو جماعاتٍ أو طوائف أو قبائل أو دولاً تسمى سياسة ، وعليه فكلّ تصرّف مناسب ولائق ومسموح به ويسترشد بالقيم والمبادئ الاخلاقية سواءً في معالجة نزاع داخلي أم خارجي يُعرف بالسياسة الأخلاقية لاسيما إذا كان الطرف المعني بحلّ النزاع يقف على مسافة واحدة من جميع الفرقاء ، وكما تهتم الأخلاق بوضع مبادئ توجيهية للسلوك البشرى في هذا المجال و ما يماثله أيضاً تهتم بوضع قواعد ومقاييس للسلوك في المجال السياسي لتحديد ما هو مقبول منه وما هو غير مقبول . إذن السياسة بدون أخلاق كبيت في الظلام لا يتلقى أيّ نور ولا يمكن أنْ تكون هناك سياسة ناجحة إلّا على هذا الأساس ومن ما قيل عن الأخلاق في القرآن الكريم قوله تعالى :( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) القلم/4 وعن أنس قال : (كان رسول الله أحْسنَ الناس خُلُقاً) فالأخلاق نور للسياسة يُضيئ لها الطريق ويوجّه إلى بناء علاقات صحيحة وذات نتائج جيدة ومفيدة على المستويين الداخلي والخارجي ولكن في هذا العصر الراهن تحديداً لم نُدرك من بعض الحكومات وضع مبادئ علم السياسة قيد الاختبار أو الاستعمال في بناء العلاقات سواءً على الصعيد العالمي أو الداخلي ، بل على العكس من ذلك نحن نواجه سياسة تنطوي مواقفها على قدر كبير من النفاق في حال كانت سياسة محلية أو سياسة خارجية . واليوم وللأسف بسبب تفاقم النفاق السياسي أصبحت الفوضى سائدة وموجودة في كلّ مكان من بلادنا إضافة إلى ذلك أضحى الظلم بسببه ظاهرة متفشّية وأمراً طبيعياً و مألوفاً بدلاً من أنْ يكون حالة شاذة أو سلوكاً غير طبيعي ، ولكي تكون السياسة غاية سامية يجب أنْ تبتعد عن ممارسة ما هو محرّم من الأمور في علم السياسة ؛ لأنّ ذلك يرمي بها في مستنقع الكراهية و بالنتيجة تفتقد شعبيتها لدى عامة الناس و مستقبلاً لا يبقى لها ذكر بحكم إلقائها في مزبلة التاريخ وقال الحقَّ من قال :» مَنْ يفتقد الأخلاق في السياسة يفتقد كلّ شيء «.