ضياء طالب حيدر
محمد علي محيي الدين
ولد الشاعر ضياء مناف عبد المطلب ال حيدر الحلي في محلة الطاق بالحلة سنة 1946 ، اكمل دراسته حتى الاعدادية في مدينة الحلة وتخرج في معهد المحاسبة العالي في بغداد سنة 1966، تطوع في كلية الضباط الاحتياط الدورة الاولى ومنح رتبة ملازم ثاني وتخرج في كلية الدفاع الوطني- جامعة البكر للدراسات العسكرية العليا وأحيل على التقاعد برتبة رائد عام 1981.
من الشعراء الشعبيين المعروفين في الحلة نشأ في أسرة شاعرة لها باع طويل في الشعر والأدب، وكان لمحلته تأثيرها عليه بحكم استقطابها لشعراء كثيرين ووفرة المجالس الادبية فيها وحفظ الكثير من الشعر الحسيني اضافة لحفظه الاغاني العراقية وزامل الشعراء عبد الستار شعابث وعلي عزيز بيعي في نهاية الخمسينيات وكان من المتابعين لبرنامج الشعر الشعبي الذي يقدمه الراحل ابو ضاري من دار الاذاعة العراقية وبرنامج الراحل الدكتور زاهد محمد عام 1959م والذي حل محله الشاعر المعروف غازي مجري عام 1963 وطالع الدواوين الشعرية والصحف التي تعنى بالشعر الشعبي مما أنضج شعره وجعله يواكب الشعراء في تلك المرحلة.
وهو أحد المساهمين في تأسيس جمعية الشعراء الشعبيين في الحلة واختير رئيسا لها في الدورة الاولى سنة 1972 واستمر في رئاستها حتى عام 1993 ومن مؤسسي نادي الشعراء الشعبيين في الحلة ورئيس هيئته الادارية منذ تأسيسه عام 1983 حتى سنة 1993 واول رئيس لأتحاد ادباء وكتاب بابل ثم جرى تغييره لعدم تواجده ونسب السيد علي الحسيني رئيسا مؤقتا للاتحاد لكونه أكبر الأعضاء سنا لحين انتخاب رئيس جديد . يقول عنه الناقد د. رشيد هارون «يميز اللغويون بين اللغة الرسمية واللغة العامية (الثانوية) فالرسمية هي اللغة التي تعتمدها الدولة في القانون والتشريعات وجميع المخاطبات وهي ليست بالضرورة ان تكون اللغة الاولى في التخاطب، فالعربية مثلا هي اللغة الرسمية لكن المتداول فعلا اللغة العامية، وهذا الامر يوفر للشعر المكتوب بالعامية نصيبا اكبر من التلقي وكما اوفر من الخزين اللغوي نتيجة استخدامها اليومي في البيت ومحل العمل والشارع وقد يستخدم الشاعر الشعبي الفصحى في شعره وليس المهم هاهنا نوع اللغة المستعملة لكن المهم وضع اللغة المناسبة في مكانها المناسب، وقد استخدم الشاعر الكبير بدر شاكر السياب مثلا في قصيدته ( غريب على الخليج) لفظة عامية هي (خطيه) ، (الموت اهون من خطيه) وقد ادت هذه اللفظة ما لا يمكن لأي لفظة اخرى تأديتها من دلالة وقد جاءت اللفظة نفسها في اغنية للمطرب حضيري ابو عزيز :
گتلك حبيبي انه الك وانته لي
گتلي ابتعد لا يشوفنك عاذلي
ويروح من وكته ويخب هلي
هم تنحرم من شوفته وتبتلي
خطيه
وبرغم من برودة هذه اللفظة خارج تفاعيل البيت ولكن هناك من يقول انها اصبحت قصيدة اخرى جاء بها المطرب نتيجة اندماجه الشديد مع كلمات الاغنية والشاعر موضع الدراسة ضياء طالب حيدر كتب الشعر باللغتين الفصحى والعامية وقد اختار من الالفاظ ما يناسب تلك الاجواء الشعرية التي اراد ان يشيد بها وفي قصيدته (أتاني وبالصبر ظليت) ينوع ضياء طالب حيدر طرائق ادائه الشعري فتارة يصور واخرى يكسر نسق وايقاع القصيدة عن طريق المزاوجة بين اكثر من قافية ليبعث روح البداية والاستمرارية والتلقي على جو القصيدة وهي طريقة نجح الشاعر في اعتمادها ليستفيد بعد كل مقطع من امكانية تغيير القافية في المقطع الذي يليه ايمانا منه بضرورة التلون ايقاعا وقوافي وجرس موسيقي .
لقد جاءت مقاطع قصيدته ( اتاني وبالصبر ظليت) تمور بالحركة والدراما الشعرية:
اتاني وبالصبر ظليت رافع للسمه اجفوني
امد الشوف عالصوبين بلكي تلوح بجروفي
وقد جاء المقطع الشعري الذي يقول:
اشوفــك دوم يمدلل اگــرب مـــن جفون العين
سواليفك غدت بالروح مثل نهر وجفن نهرين
اقول ان هذا المقطع واضح العاطفة قوي الايقاع والشاعر متأملا فرن المجرد بالمحسوس فأحاله محسوسا كما في (اتاني وبالصبر ظليت) فقد جسد البصر انيسا بغياب الحبيب وجسد الشوف (ومده على الصوبين) وقد وفق الشاعر كثيرا حيث مد كلمة الشوف بالواو فالواو كما هو معروف مقطع وقد ناسب الفكرة، اخلص القول ان الشاعر كتب القصيدة الشعبية والموال والعتابا والابوذية والدارمي والنص الغنائي واستخدم تلك الالفاظ المدانة بالحس الشعبي والاخرى هي للفصحى أقرب ولا سيما في قصائده التي كتبها فيما انصرم من عقد، ونظرا لتنوع موضوعات القصائد فقد تنوعت طرائق الاداء الشعري لديه تصويرا وتجريدا أيحاءا بالأفكار ومباشرة، وقد أجاد أكثر ما أجاد في تلك القصائد التي كان فيها متأملا شارك في مساجلة على وزن التجليبة ونشرها حمزة الحسيني في كتاب عنوانه وجه حبيبي في العام 2000.وبدء المساجلة الشاعر حمزة الحسيني بمقطوعة مطلعها :
گمره قبغ عين الترف ورموشـــــه ليلة محيه
ليليه احج بيهن والف وأخرب وأموتن وأحيه
فشارك المترجم له بقوله:
ومن شعره قصيدته «حلم الشمس» وهي قصيدة بسيطة في أفكارها ضعيفة بمفرداتها يتخللها الكثير من الخروج على قواعد الفن ليس فيها معنى مبتكر أو ومضة تجعل القارئ يتفاعل معها ولا تمتلك اللحمة الموضوعية التي يتطلبها الشعر وتفتقد للترابط بين أبياتها وموضوعها ولعلها من بدايات نظمه فليس فيها من جديد يمكن الإشارة أليه سوى قوله» وگعدت متبلل بنور الشمس» فهي صورة جميلة فيها كثير من الايحاء.
آنه بيدك
شمس تغسل جوع روحي
انه بيدك
بين نار الحرب وزمور التفگ
انه بيدك
بين گلبي وكل رصاصه يعله اسمك
يكبر بگلبي عشگ
وانثر ورود التطگ
ولوله دنياي اظلمت
جفوني تشغر للشمس وتجيب غنوه
وتحمل الرايات خضره
يا محبتك
طفل بعيوني محبتك
لاجلك انته يا حبيبي لاجلك انته
بيدي اشيل المزاهر
خل تطوف بكل شوارعنه فرح
ووجوهن بيضت وصارت لافتات
كتبوا عليهه شعار» كل جايع يكتب تاريخه»
وگعدت متبلل بنور الشمس
تمددت خيط اعله گاعي ومايهه
وصارت الدنيه ربيع ابعيني
والشمس صارت وشم مرسومه علأيد
وفرحه عله الساني تدور چلمة العيد