ثلاثة سيناريوهات بعد وقف العمليات بين إسرائيل وإيران
حسين الفلوجي
بعد أن تكشفت الكثير من الحقائق الميدانية خلال المواجهة الأخيرة بين إسرائيل وإيران، بات من الواضح أن العلاقة بين الطرفين ليست مجرد توتر سياسي أو اشتباك أمني عابر، بل هو صراع عميق، ومتعدد الأوجه، تتداخل فيه الأبعاد الأيديولوجية والاستراتيجية بطريقة تهدد وجود كلا النظامين معًا.
الجولة الاولى انتهت، دون أن يتمكن أي طرف من إعلان النصر، وهو ما يؤكد أن المعركة، وإن توقفت ميدانيًا، لكنها فتحت بابًا واسعًا لمرحلة مختلفة من العلاقة بين تل أبيب وطهران.
فالعلاقة الجديدة لم تعد تتقبل الحلول الوسط، بل ستتجه نحو أحد ثلاثة سيناريوهات مصيرية:
السيناريو الأول: سلام مفروض برعاية أمريكية
في هذا المسار، يجب على الولايات المتحدة والدول الغربية الكبرى وبعض الدول العربية ان تتدخل لفرض حالة من «السلام البارد»، القائم على فك التشابك بين إيران وإسرائيل في الساحات الإقليمية المشتعلة.
هذا السيناريو لن يكون وليد تفاهمات ثنائية بقدر ما سيكون نتيجة ضغوط دولية واقليمية مكثفة تسعى إلى تجميد الصراع، دون أن تحل أسبابه الجذرية.
السيناريو الثاني: انتصار إيران ومحورها وتفكك الكيان الإسرائيلي
من وجهة نظر طهران، فإن الجولة الأولى كشفت ضعف منظومة الردع الإسرائيلية، وفتحت شهية محور المقاومة لتوسيع نفوذه وتكثيف الضغط عليها. بشرط اذا تمكنت إيران من استثمار هذا الزخم وتحويله إلى مكتسبات استراتيجية — بدعم من حلفائها — فقد يصبح هدف تفكك «الكيان الإسرائيلي» مشروعًا حقيقيًا على المدى البعيد، خاصة إذا ترافقت هذه الجهود مع تصدع الداخل الإسرائيلي وتراجع في الالتزام الغربي تجاه تل أبيب.
السيناريو الثالث: انتصار إسرائيل وإسقاط النظام الإيراني
بالمقابل، لا يمكن استبعاد سيناريو معاكس، ستدفع به إسرائيل نحو معركة شاملة ثانية، مدعومة هذه المرة بتحشيد أمريكي وغربي أوسع، لتسعى من خلالها إلى محاولة إسقاط النظام الإيراني، أو على الأقل تدمير بنيته الأمنية والعسكرية العابرة للحدود.
إسرائيل التي شعرت بأن نظرية الردع الاستراتيجي التي بنت عليها أمنها القومي قد تم اختراقها، وهي لن تهدأ دون إعادة ترميم هذه النظرية، ولو تطلب الأمر خوض حرب ثانية أكثر كثافة وتنظيمًا.
الخلاصة: الأحداث لن تعود إلى الوراء
منطقة الشرق الأوسط بعد هذه المواجهة لن يكون كما كان قبلها.
فإسرائيل، التي خرجت من الجولة الأولى مجروحة، تدرك أن إيران باتت تملك القدرة على تهديد عمقها الأمني، ولن تترك الأمور تمر دون رد.
في المقابل، إيران التي ترى في ما حدث نصرًا استراتيجيًا رغم انها دفعت كلفة باهظة، ستحاول استثماره سياسيًا وإعلاميًا، لتندفع أكثر نحو التشدد في المواقف الإقليمية.
اذا، نحن الان أمام لحظة فارقة: إما سلام دائم وربما هش برعاية امريكية غربية، أو تصعيد شامل سينتهي حتما بزوال أحد النظامين.
سياسي مستقل