الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الغجرية الحكيمة              

بواسطة azzaman

قصة قصيرة

الغجرية الحكيمة              

حسين الجاف

 

 تعودت  قريتنا الغافية على اعتاب احدى جبال كوردستان السامقة الخضراء ان تستقيل مطلع كل ربيع مجموعات صغيرة من البشر مجهولي الاصل يرتدون الملابس الملونة على غير اتساق رجالهم طوال قامة ونساؤهم البيضاوات الرشيقات من ذوات العيون الواسعة السوداء ....وسبحان الله ماخلق.كانوا يتنقلون عبر الجبال والفيافي على ظهور البغال غالبا الا بعض كبار  رجالهم فقد كانوا يمتطون في الغالب صهوات الخيول وبين راجل  وراكب كان هؤلاء الناس الغامضون يقطعون المسافات البعيدة لا أحد متأكد. من أين هم!..البعض من اهالي القرية المتقدمين في السن كانوا. يعتقدون انهم يقدمون سنويا  من اواسط اسيا والبعض الاخر يظن انهم يأتون من جنوب اوروبا ... مع اطلالة كل ربيع حيث تكتسي ارضنا المعطاء حلتها الخضراء وتعطر زهور الكولالة والهلالة والشوبو والبيبون والنرجس الجبلي وجنابد  الجوري الاحمر وأئصائص الزنبق الاصفر  المنطقة بأريج ساحر يملء الاجوا ء بهاء ونورا و كانه هب من  الجنة ..وكان هؤلاء يتكلمون بلغات غير مفهومة الا من بعض الكلمات المحلية تعلموها من الاقوام الذين يمرون من خلال اراضيهم وكان بعضهم يتقنون بعض المهن  كتكسية اسنان النساء  بطبقات ذهبية من الذهب غير الحقيقي ويتعاطون  بيع المحابس  والخواتم المعدنية من  الفضة او النحاس وكانت خيم هؤلاء الغجر او( القرج) كما كان يطلق عليهم. اهالي المنطقة    اقول كانت تلك  الخيم  نقاط جذب شديدة لنساء القرية لشراء تلك الاشياء  وعلاوة على  ذلك  فقدكانت الغجريات  يبيعون ايضا  بعض العطور او  مساحيق الزينة البدائية كالحمرة اوالديرم او البوترة .. وكان كبير القرية البالغ من العمر ستين سنة قد وضع عينيه على واحدة من اجمل وارشق حسناوات  هؤلاءالقادمين الغرباء. منذ اول يوم. حلوا بتلك الديار قبل نحو شهرين وكان شخصا لعوبا بل زير نساء كثيرا ما اختلف على خيمتها لسبب  او لغيره مختلقا اسباب واهية بقصد التقرب منها والظفر بها صيدا ثمينا بالغ الرقة والجمال ولربما اختلى بها احيانا. ليبثها لواعج  مشاعره المتلظية بنيران جمالها الاخاذ عله يحظى بوعد منها او تلطف اجواء. روحه الملتهبة بكلمات جميلة لكن شيئا من هذا لم يحدث اذعالجت موقفه بحصافتها وبحكمتها لم تصده بقسوة رد ولم تجامله برقيق الكلمات بل  ظلت تقابله باستقبال حسن وترحيب لائق لكن

دون ان تنبس شفتاها حتى بكلمة واحدة تنم عن مشاعر  مودة  أو ومضة اعجاب تجاهه ولما فشلت محاولاته لاستمالتها لجأ الى الاغراء...اذ وقف على باب  خيمتها في احدى الليالى زائرا غير  مرغوب فيه وهو يحمل صفيحة مغدنية شديدة البريق ملأها بالاف الليرات الذهبية وقدمها اليها مهرا او بما يشبه المهر لتركب معه بأمان وشرعية الى خدر الزوجية المسحور ولما رأت من كبير القرية وكان وسيما  جداعلى تقدمه بالعمر موقفه المتذلل على باب خيمتها حاملا تنكة الصفيح  شديدة اللمعان الملأى بالليرات الذهبية شديدة البريق واجهته بجرأة وقالت بكل صراحة:ادري انك متوله بوضاءة وجهي واحس تماما بشدة ولعك بجمالي لكني اود ان تسمع بعمق هذه الكلمات الصادرة بصدق. من اعمق  اعماق هذ الغجرية الصغيرة التي تقف امامك:خذ ليراتك وامض فأن كل ذهب الارض لن  يجبرني  على ابيع ربيع شبابي بخريف عمرك. كما. انني لن اغادر خيمة اهلي التي ولدت فيها وفتحت عيني  بين ظهرانيهم ورضعت من قيم  ايمانهم بالحرية والبساطة لكي أعيش في قصر منيف  لاادري متى يخلص سيده وطره معي. ويطردني من قصره شر. طردة مشيرا بسبابته الى باب قصره   قائلا لي:بره ايها الغجرية مجهولة الاصل .


مشاهدات 86
الكاتب حسين الجاف
أضيف 2025/06/21 - 2:19 PM
آخر تحديث 2025/06/22 - 4:02 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 84 الشهر 13781 الكلي 11148435
الوقت الآن
الأحد 2025/6/22 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير