تراجع خزين سد دوكان ينذر بصيف بلا زراعة
خبير لـ (الزمان): العراق يدخل مرحلة الخطر المائي والتداعيات وخيمة
بغداد - ابتهال العربي
توقّع الخبير المائي جمعة الدراجي، إن تشهد البلاد أزمة غير مسبوقة في توفير المياه للمواطنين، محذراً من احتمالية انقطاع مياه الشرب عن المناطق إذا استمر التدهور الحاصل في الخزين المائي. وقال الدراجي في لـ (الزمان) أمس إن (أزمة المياه لا تقتصر على سدّ دوكان فقط، بل تشمل عموم العراق، إذ يشهد البلد انخفاضاً حاداً في معدلات الخزين المائي بحسب تأكيدات مسؤولي قطاع المياه، الذين لم يعلنوا حتى الآن عن الكمية الدقيقة، لكنهم أكدوا أنها أدنى من مستوياتها في مثل هذا الوقت من العام الماضي)، وأشار إلى إن (هذا التراجع الكبير في الخزين ستكون له آثار بيئية خطيرة، أبرزها نقص الإمدادات للمستهلكين، وتوقف الخطط الزراعية، وتصحر مساحات شاسعة من الأراضي، ما يؤدي إلى ازدياد العواصف الغبارية، وانخفاض منسوب المياه الجوفية، وتغيّر في خصائصها الفيزيائية، وصولاً إلى احتمالية انقطاع مياه الشرب عن بعض مشاريع الإسالة، فضلاً عن الجفاف الذي يهدد مناطق الأهوار)، وأوضح الدراجي إن (أزمة المياه لا ترتبط فقط بالتغيرات المناخية، بل إن السبب الجوهري هو انقطاع حصة العراق المائية من الدول المتشاطئة، وسوء الإدارة المائية الداخلية، والتوزيع غير العادل للمياه، فضلاً عن عدم حماية الخزين المائي وعدم وجود استراتيجية فاعلة لتوزيعه)، ومضى إلى القول إن (الحلول الجذرية تكمن بيد الدولة لا المستخدمين، وتتطلب تحركاً عاجلاً نحو الدول المتشاطئة لإعادة التفاوض على الحصص المائية، إلى جانب انتهاج سياسة التكيّف المائي في الداخل، وتطبيق نظام المراشنة الصارمة، وتكليف القوات الأمنية بمنع التجاوز على الموارد المائية)، داعياً إلى (إطلاق حملة وطنية لتحديث السياسة المائية، وتوفير بنى تحتية ذكية لإدارة المياه، باعتبار أن استمرار الأزمة سيؤدي إلى تداعيات إنسانية وزراعية وبيئية لا تحتمل، ما لم تُعالج على وجه السرعة). وتراجع مستوى المياه في سدّ دوكان بنسبة 75 بالمئة هذا العام، بفعل شح المتساقطات وإقامة سدود على الجانب الإيراني من نهر الزاب الصغير. وقرب البحيرة الاصطناعية الضخمة التي أُنشئت في خمسينات القرن العشرين لتكون خزانا للمياه، يمكن ملاحظة الجفاف بالعين المجردة، إذ تظهر تشقّقات في أرض كانت تغطيها المياه بالكامل قبل عام واحد فقط. وتُظهر صور ملتقطة بواسطة الأقمار الاصطناعية في إطار مهمة سنتينيل الثانية، حلّلها خبراء إن (مساحة بحيرة دوكان تقلّصت بنسبة 56 بالمئة بين نهاية أيار 2019، وهو آخر تاريخ كان فيه السدّ ممتلئا بالكامل، ومطلع حزيران من العام الجاري). وتبلغ قدرة سدّ دوكان الاستيعابية، وهو أكبر سدّ في إقليم كردستان، سبعة مليارات أمتار مكعّبة من المياه. ويبلغ مخزونه الحالي 1,6 مليار تقريبا أي نحو 24 بالمئة من إجمالي قدرة الاستيعاب، حسبما يقول مديره كوجر جمال، الذي أكد (عدم تسجيل مثل هذا المستوى المنخفض خلال السنوات الـ20 أو 25 الأخيرة، حتى لو أن السدّ شهد في تاريخه فترات شحّ مشابهة)، عازياً (هذا الانخفاض إلى التغيّر المناخي وبالتالي فإن ذلك جاء نتيجة قلّة الأمطار وعدم انتظامها، ففي فصل الشتاء هذا العام، سجلت هذه المنطقة هطول نحو 220 ميليمترا من الأمطار، مقارنة بما لا يقلّ عن 600 ميليمتر في العادة)، وتابع (أمّا السبب الثاني، فهو السدود التي أنشأتها الدولة المجاورة على نهر الزاب الصغير، أحد روافد نهر دجلة ويغذّي بحيرة دوكان وينبع من إيران التي أنشأت عشرات السدود لتخزين كميات أكبر من المياه لمواجهة الجفاف). وتندد بغداد، بإقامة جارتيها تركيا وإيران سدودا على المسطحات المائية التي تتشاركها مع كلّ منهما، متّهمة إياهما بأنهما يقلّلان بشكل كبير من تدفق نهري دجلة والفرات لدى وصولهما إلى الأراضي العراقية. لكن الوضع في بحيرة دوكان يعكس كذلك بعض آثار التغيّر المناخي الذي يضرب العراق، حيث يقيم أكثر من 46 مليون شخص، بينها ارتفاع درجات الحرارة وفترات جفاف متلاحقة منذ ما لا يقلّ عن خمسة أعوام وازدياد التصحّر. وبحلول نهاية أيار الماضي، كان مخزون المياه في العراق في أدنى مستوياته منذ 80 عاما بسبب موسم الأمطار الضعيف للغاية وتراجع تدفق دجلة والفرات، ما سيجبر السلطات على تقليص مساحة الأراضي الزراعية المزروعة هذا الصيف.