الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الصراع في المنطقة أبعاده وأهدافه

بواسطة azzaman

الصراع في المنطقة أبعاده وأهدافه

محمد حسن الساعدي

 

يشهد الشرق الأوسط منذ عقود صراعات معقدة ومتعددة الأبعاد، تتداخل فيها العوامل السياسية والدينية والاقتصادية والجيوستراتيجية وتكاد لا تخلو دولة في هذه المنطقة من تأثير مباشر أو غير مباشر لهذا الصراع، سواء من خلال التدخلات الخارجية، أو بسبب التوترات الداخلية الناتجة عن الانقسامات الطائفية والقومية، أو نتيجة للموقع الجغرافي والموارد الطبيعية التي جعلت المنطقة مسرحاً دائماً للتنافس الإقليمي والدولي،وفي قلب هذا الصراع تبرز عدة قوى إقليمية تسعى لتحقيق النفوذ والسيطرة، مثل إيران، تركيا، والسعودية، إلى جانب الدور الحاسم الذي تلعبه القوى الكبرى كالولايات المتحدة وروسيا والصين، إذ تدور أهداف هذه الأطراف حول فرض أجندات سياسية تخدم مصالحها الاستراتيجية، سواء من خلال دعم أنظمة سياسية حليفة،أومن خلال تأجيج النزاعات لإضعاف الخصوم وإعادة رسم خرائط النفوذ.أن من أبرز مظاهر هذا الصراع، ما يحدث في سوريا واليمن والعراق ولبنان.

 في سوريا، تحوّل الصراع من احتجاجات شعبية إلى حرب إقليمية ودولية مفتوحة، حيث تتنافس روسيا وإيران من جهة، والولايات المتحدة وحلفاؤها من جهة أخرى، على النفوذ والسيطرة على الجغرافيا السورية ومقدّراتها.

أما في اليمن، فالصراع الذي بدأ على شكل نزاع داخلي سرعان ما اتخذ بُعداً إقليمياً، مع تدخل التحالف العربي بقيادة السعودية في مواجهة الحوثيين المدعومين من إيران، ليغدو اليمن ساحة مواجهة إقليمية شرسة،وأما في العراق، فقد أصبح البلد ساحة لتقاطع المصالح الإيرانية والأمريكية، ويُستخدم كأداة ضغط في ملفات أكبر، منها الملف النووي الإيراني والسياسة الأمريكية في المنطقة،كما يعاني العراق من آثار التدخلات الخارجية والانقسام الداخلي،ما يجعله في حالة هشاشة سياسية وأمنية دائمة.تهدف هذه الصراعات في جوهرها إلى إعادة تشكيل التوازنات الإقليمية،فإيران تسعى لتعزيز ما تسميه “محور المقاومة” الممتد من طهران إلى بيروت عبر بغداد ودمشق، في حين تحاول السعودية وحلفاؤها كبح جماح النفوذ الإيراني عبر التحالفات الأمنية والاقتصادية والعسكرية، ومن جانب آخر تحاول تركيا توسيع دورها في المنطقة عبر التدخل في شمال سوريا والعراق، وتوظيف علاقاتها مع بعض القوى الإسلامية لتحقيق مصالحها الجيوسياسية،وأما على الصعيد الدولي، فإن القوى الكبرى تسعى من خلال هذه الصراعات إلى ترسيخ نفوذها في منطقة استراتيجية تمثل قلب التجارة العالمية ومصدرًا رئيسيًا للطاقة. الولايات المتحدة، رغم محاولات الانسحاب، لا تزال تحتفظ بوجود عسكري واستخباراتي، فيما تسعى روسيا لتعزيز وجودها في الموانئ والمجالات الجوية للمنطقة، بينما تراقب الصين التطورات بعين اقتصادية مركّزة على مشروع “الحزام والطريق”.

إن هذا الصراع متعدد الأوجه لا يبدو أنه سينتهي في الأمد القريب، بل سيبقى مستمراً ما دامت مصالح الدول المتداخلة فيه قائمة، وما دامت شعوب المنطقة تُستخدم وقوداً في حروب لا تخدم مصالحها الحقيقية. والحل الجذري يتطلب إرادة إقليمية صادقة لبناء نظام أمن جماعي وتفاهمات شاملة، بعيداً عن منطق المحاور والسيطرة، وهو أمر لا يزال بعيد المنال في ظل الظروف الراهنة.

 

 

 

 


مشاهدات 57
الكاتب محمد حسن الساعدي
أضيف 2025/06/21 - 12:19 AM
آخر تحديث 2025/06/21 - 10:01 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 318 الشهر 13405 الكلي 11148059
الوقت الآن
السبت 2025/6/21 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير