حين تتنفس بغداد

شوقي كريم حسن

 

(تحية صباحية لأهلي، وعمّال وطني)

 

عند الرابعة …،،،

تفتح بغداد عينيها مثل عروس نسيت  حزنها،

تسحب الغطاء عن دجلة،

تغسل  وجعها،

تترك قميص العاشق منشورًا على الأسلاك،

برائحة الهيل والزعفران.

واغاني زهور حسين،واحلام وهبي

صباحها لا يشبه صباحات  المدن،

هو ليس وقتًا، بل زفير الأنبياء،

حين تعبوا من انتظار النبوءات.

في المسطر،

رجلٌ يحمل عكاز أبيه ينتظر مع آخرين

عربةً لا تأتي،

يبتسم…كأن الحياة لعبة خسر فيها ولم يغضب.

يضحكون على نصيبهم كما يضحك الأطفال على كذبة العيد….!!

{ ياعيد يابو نمنمه،،خذني وياك للسينما}!!

عمالٌ بملابس تشبه الخريف،

وأحذيةٍ من تعب،

 أرواحهم… صيفٌ لا يُطفأ،

ينادون بعضهم بـ”أبو الغيرة”،

يشربون الشاي كمن يمسح الغبار عن القلب.{ ربي لا اريد سوى مصرف البيت .. وشراء نفنوف العيد لوسن}!!

أيتها المدينة التي تعلّمتِ الحنان من وجوه التعب،

كل صباحٍ فيكِ

 درب من الزهو والماء،،.من الدعاء والشتائم،

من الأمّ التي تجهّز ابنها للمسطر،

وتدسّ في جيبه سبع كلمات ضد الجوع.{ محروس يمه يبرالك علي}

دجلة في  الضوء

يشبه امرأةً لم تنمْ،

تفرك الماء على ساعديها

كأنها تتوضأ للحب،

ترسل لعشّاقها القدامى

رسائل من بخارٍ وزرقة.

هل رأيت نهرًا يربّي الحمام على كتفيه؟

دجلة يفعل……!!

يعلم الماء أن لا يسرف،

وأن لا يخون المدن التي تعيش  عند ضفافه .

الناس في بغداد يلبسون الحكمة دون أن يعلموا،

رجلٌ على دراجته المحملة بالاحزان

يهمس: {الدنيا دوّارة… بس إحنا ثابتين، مو}؟!!

تضحك الحياة،.,

تخبّئ وردةً في جيب قميصه الممزق.

{أنا ودجلة تسامرنه وحجينه..كعدنه والقمر شاهد علينه…}

بغداد لا تقول “صباح الخير”،

 تبعث همساتها…

مع رائحة الخبز الحار،

وصوت “أم القيمر” وهي تلعن الكهرباء وتضحك،…

مع بنات الجامعات

اللواتي يسرن كأن الحرب لم تمرّ،

كأن الليل لم يك  صمتاً طويلاً.

[ ياوزير الكهرباء،،ياامير الامراء

أنت عل التبريد نايم..وأني روحي تشتعل..]

هكذا تتنفس بغداد…

من رئةٍ واحدة،

رئة الوجع… والحلم،

تصنع من الدخان نافذة،

ومن التعب خبزًا،

من كل شغيلٍ بسيط

نبيًّا لا يعرف أنه نبي!!

تصنع همسات ام تكرر دعواتها

مثل اغنية فيروزية،

[ شماله الدهر معاند ويانه..]!!.