الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
حب .. وحرب

بواسطة azzaman

حب .. وحرب

محمد زكي ابراهيم

 

رغم أن الشرقيين بوجه عام ميالون للحرب والمواجهة، مهووسون بالعنف والقتال، إلا أن أعدادهم تتزايد بشكل مذهل، ومدنهم تكتظ يوماً بعد يوم، بل إن بلدانهم التي خاضت معارك طويلة في أزمان متفرقة تضاعف عدد سكانها، فلم تشك من نقص، ولم تعان من شحة، وهذه مفارقة مذهلة تهون عليهم الخطب، وتبعد عن نفوسهم الهلع.والشائع على الألسن أن الشعوب تقوم بالتعويض عن خسائرها البشرية بشكل عفوي، رغم الظروف التي ترافق النزاعات المسلحة، ولولا ذلك لعانت البشرية من الانقراض، لكن الجديد أن الدراسات الميدانية أثبتت أن نسبة المواليد الذكور إلى المولودات الإناث تزداد عند اضطرام المعارك، وترتفع حين اشتداد الحروب، وهذه النسبة كافية إلى حد ما لسد العجز الذي ينجم عن اختلال التوازن بين الجنسين.

ولتفسير هذه الظاهرة قام باحثون بوضع 201 أسرة تحت المراقبة من الأزواج الجدد، كان فيها عمر الرجال يزيد عن أعمار النساء بمعدل 2.5 سنة، وهي الزيادة التي يفضلها الرجال في العادة، وجاءت النتائج كالآتي: 117 مولوداً ذكراً و 84 مولودة أنثى، ووجدوا كذلك لدى أسر أخرى أن النسبة تنعكس عندما يكون عمر الزوجات هو الأعلى حيث وصلت إلى 14 صبياً و 29 بنتاً.

إن هذه الدراسة الميدانية استندت في الأصل إلى ملاحظات عامة، ليس للبحث العلمي فيها نصيب، فالمشاهدة المتكررة تغني أحياناً عن الفرضيات المنطقية، وقد تبين أن الفتيات يملن للاقتران في زمن الحروب بمن هم أكبر منهن سناً، لأنهم مستقرون مادياً، وروحياً، ولأنهم ينعمون في العادة بالأمن، ويمارسون وظائفهم دونما عائق، ويعزفن عن الزواج من الشبان لأنهم إما مجندون في ساحات المعارك، أو مازالوا في طور التكوين!

وهكذا فإن المواليد الأولى لحالات الزواج هذه قدمت أجوبة مهمة لهذه المعضلة، حتى وإن كانت غير كافية، ومع أن أحداً لا يستطيع أن يجزم بصحتها في كل الأحوال، وفي جميع البلدان، ولا يمكنه أن يضمن بقاءها على ما هي عليه للأبد، لكنها تبدو حلاً منطقياً لمسألة استمرار الجنس البشري على هذه الأرض، وهي بالتأكيد أفضل من تلك التي اقترحها أرسطو ذات يوم، وافترض فيها أن اتجاه سرير الزوجية يلعب دوراً بارزاً في تحديد جنس الجنين

إن الأساطير التي تداولتها الشعوب البدائية ماتزال حتى اليوم تلقى رواجاً، وتجد من يؤمن بها، ويتحمس لها، فالتشبث بأي احتمال كان هو الدافع الأساس للإيمان بهذه المعتقدات، ومن الطبيعي أن تجد مسحة من التفاؤل وسط عتمة الحروب، وأن تجد حلاً لكثير من المعضلات الشائكة وقت الأزمات، لكن علينا أن لا ننسى أن العلماء لم يتمكنوا من إيجاد حل ناجع لها، حتى أن فيلسوفاً من أكبر فلاسفة القرن العشرين وهو برتراند رسل تنبأ أن العلم سيتوصل إلى التحكم في جنس الجنين.

ولما كان الناس ميالين إلى المواليد الذكور فسيزداد عددهم بشكل ملحوظ، وستحدث شحة في أعداد الإناث، وهو أمر يخل بالتوازن الطبيعي، ويحدث حالة غير مسبوقة من الارتباك، لكن رسل توصل إلى استنتاج، وهو أن المجتمعات البشرية ستجنح عندها إلى حل معقول وهو تعدد الأزواج! فالغاية تبرر الوسيلة. ، وليس ثمة حل لإعادة التوازن سوى هذا الحل، الذي لا تقبل به الأديان والقيم والتقاليد والأعراف الاجتماعية، والطبيعة البشرية، لكن رسل الذي كان مشاكساً على الدوام، ويتصرف بطرق مخالفة للإجماع وجد في مثل هذا الأمر، سلوكاً معقولاً، وهو في رأيه خير من انتشار الفوضى، وتفاقم الأوضاع، وانقراض البشر، ولله في فلاسفته و(رسلهشؤون

 

 


مشاهدات 28
الكاتب محمد زكي ابراهيم
أضيف 2025/06/04 - 1:37 PM
آخر تحديث 2025/06/06 - 2:03 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 293 الشهر 5177 الكلي 11139831
الوقت الآن
الجمعة 2025/6/6 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير