الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
عصام سامي: الكتابة قَدَر أكثر منها اختيار ولا يمكن المقارنة بين قصيدة النثر وقصيدة التفعيلة والقصيدة العمودية


عصام سامي: الكتابة قَدَر أكثر منها اختيار ولا يمكن المقارنة بين قصيدة النثر وقصيدة التفعيلة والقصيدة العمودية

حوار أجراه: خالد ديريك

عصام سامي ناجي، شاعر مصري، خريج كلية الآداب - قسم التاريخ - جامعة عين شمس ، صدر له أغاني الحب والحرية، شاهد على مأساتي، هوامش من زمن المنفى، وانتصف ليل القاهرة، سقطت جميع الأقنعة، سأترك للصحراء قافلتي. نُشرت كتاباته في عدد من الصحف والمجلات المصرية والعربية والدولية. دخل إلى عالم الكتابة في سن مبكرة، وتزامن ذلك مع أحداث بارزة مر بها العالم العربي، والتي شكّلت لاحقًا جزءًا من توجهه الأدبي.

لم يختر الكتابة طواعية وإنما الأقدار وجهته إلى الطرق المؤدية إليها:

في الحقيقة، الكتابة قدر أكثر منها اختيار. دخلتُ عالم الأدب في سن مبكرة، وكانت البداية مع أدب الأطفال، ثم القصة القصيرة، ثم وجدت ضالتي في الشعر.

تزامن دخولي هذا العالم مع أحداث جسام مرت بها الأمة العربية، مثل انتفاضة الأقصى واحتلال العراق، مما وجّه بوصلتي الإبداعية نحو ما هي عليه الآن.

وقد صقل موهبته الكتابية من خلال:

بشكل عام من خلال الدراسة، والممارسة، والاحتكاك، والقراءة الواعية التي تمنح الكاتب مخزونًا ثقافيًا وتغني قاموسه اللغوي.

الكتابة مسؤولية:

إنها مسؤولية كبيرة، فالكتاب هم ضمير أوطانهم، والويل لتلك الأوطان إن انحرف الكتاب.

يوازي بين الواقع والخيال لكنه يتجنب اليأس ويمضي:

أنا شخص نصف حالم ونصف واقعي، فلا أسمح للأحلام الوردية غير الواقعية أن تسيطر على وجداني، ولا أسمح للواقع المرير أن يزرع اليأس داخلي.

أومن أن أقسى أنواع الهزائم هي هزيمة الأحلام. لذلك، أحاول أن أحافظ على ما تبقى لدي من أحلام، وأضعها في منطقة آمنة، في القلب المتخم بالهموم.

أسعى في كتاباتي إلى ألّا أُصدِّر اليأس للقارئ، فنحن في الوطن العربي لا نحتاج إلى يائسين جدد، لدينا ما يكفي منهم.

يطلق العنان للقلم حين ينبغي أن يدون، ولا طقوس ثابتة للكتابة:

انطلاق القصيدة أحيانًا يكون عفويًا، وأحيانًا يكون مخططًا له. لا أتبع قواعد ثابتة، ولا طقوسًا خاصة للكتابة.

لا يمكن المقارنة بين قصيدة النثر وقصيدة التفعيلة والعمودية:

لا يمكن لقصيدة النثر أن تنافس قصيدة التفعيلة أو العمودية. وأصدق دليل على ذلك هو استمرار قراءة شعر نزار قباني حتى اليوم، سواء على المستوى النخبوي أو الشعبي. فمن يقرأ لمحمد الماغوط مثلًا؟

مشكلة قصيدة النثر، كما أراها، أنها بلا قواعد تضبطها، ولا أطر تحكمها. وفي غياب هذه الأطر، يصعب التمييز بين النص الجيد والنص الضعيف. فنترك الأمر لذائقة المتلقي، وهذا غير كافٍ، لأن المتلقي العادي لا يمتلك الأدوات الكافية لتقييم النص. فالرأي المتلقي هو يكون مجرد انطباع.

يضيف: "الكثير من كتاب قصيدة النثر يسقطون في فخ التكلف والاصطناع. لا أحمل مشاعر سلبية تجاههم، بل إن بعضهم يكتب بحرفية شديدة، لكن ما يكتبونه يظل في رأيي أقرب إلى النثر منه إلى الشعر".

يكتب بالعامية المصرية لأنها:

لأنها تصل إلى فئات لا يصل إليها الشعر الفصيح.  

النص الجيد يفرض نفسه:

النص الجيد، سواء كان بالعامية أو الفصحى، هو الذي يبقى ولا يسقط في بئر النسيان. نحن نقرأ اليوم لشعراء عامية رحلوا، كما نقرأ لشعراء فصحى أيضًا رحلوا.

هل لديك قصائد مغنّاة؟

هذا الأمر ليس من أولوياتي.

 

 

تعالج المقالات بعض القضايا بشكل أفضل من الشعر:

منذ بداياتي، أكتب مقالات في الصحف المصرية والعربية والدولية. وهذا أمر طبيعي، فالكثير من الشعراء يكتبون مقالات لمعالجة القضايا اليومية والمتسارعة.

الشعر يحتاج إلى وقت حتى يخرج بصورته النهائية، وليس كل الشعراء يستطيعون الكتابة في أي وقت. وهناك قضايا لا يستطيع الشعر التعبير عنها بشكل كامل، لذا أكتب عنها بالمقال. 

عن القصة القصيرة:

بداياتي كانت مع القصة القصيرة، وما زلت أكتبها على استحياء، وقد نُشر الكثير منها في الصحف.

هل هناك نية لجمعها في كتاب؟

هذا الأمر متروك للزمن.

يوظف أحيانًا خلفيته الأكاديمية في خدمة الكتابة:

لا شك أن التاريخ يمثل مادة خصبة للإبداع، ولذلك أتكئ في بعض نصوصي على أحداث منه، وأجعل بعض شخصياته العمود الفقري لنصوص أخرى. فالتاريخ مليء بالعِبَر والدروس، للأسف لم يستوعبها الوطن العربي البائس، الذي تجاوزت أوضاعه حدود المنطق بمسافة مليارات السنوات الضوئية. من لم يستفد من تجارب السابقين لا يستحق أن يعيش. ما سبق ليس دعوة لليأس، فاليأس رفاهية غير متاحة لأصحاب الدعوات الكبرى والغايات النبيلة.

يركز في كتاباته بشكل أكبر على قضايا العصر:

ربما بهذا أصنع قواسم مشتركة بيني وبين المتلقي الذي يريد من كاتبه أن ينغمس في مشكلاته ويتحدث عنه. وفي النهاية، أمام ما يعانيه الوطن العربي من مآسٍ، أصبحت الكتابة في الحب رفاهية. نحن في مرحلة حرجة من تاريخنا، فالتهديد الآن هو تهديد وجودي، وهذا يضع على كاهلنا ككتّاب أعباء جمة. ولكنني أكتب أيضًا في كل المجالات، ولكل فترة أولوياتها.

مضامين بعض مؤلفاته:

ـ المجموعة الأولى كانت بعنوان "أغاني الحب والحرية"، وصدرت عام 2009م. ومعظم قصائد تلك المجموعة من الشعر السياسي، وهذا أمر طبيعي لأن الحراك السياسي في مصر والكثير من البلدان العربية كان في أوجه، لاحظ أننا نتحدث عن فترة ما قبل الربيع العربي.

ـ مجموعة "هوامش من زمن المنفى" وهي في مجملها عن الغربة التي نشعر بها جميعًا، وأشد تلك الغربة قسوة هي غربة داخل الوطن وبين الأهل والأصحاب.

ـ مجموعة "سأترك للصحراء قافلتي" (2023)، وهي تعبّر عن أبناء الربيع العربي الذين حاولوا أن يصنعوا فرقًا، ولكن ربما من حظهم العاثر، أو من سوء طالعهم، لم يُوفقوا حتى الآن على الأقل. وأنا أتساءل دائمًا: هل سيرحمنا التاريخ ويكون رؤوفًا بنا كأبناء للربيع العربي، أم أن المنتصر هو من يكتب التاريخ؟ ومن الواضح أن المنتصر حتى الآن هي الثورات المضادة للربيع العربي. ولكن هذا إلى حين، فالأيام حُبلى بالمفاجآت.

يعزو انخفاض نسبة القراء رغم غزارة الإنتاج الأدبي إلى:

نسبة انخفاض القراء لها أسباب كثيرة، ومن ضمنها الوضع الاقتصادي المتردي في معظم الأقطار العربية، بالشكل الذي جعل من القراءة وغيرها أشياء هامشية ليست على الجدول اليومي للمواطن العربي. وأيضًا بسبب ظهور الوسائل الحديثة التي زاحمت القراءة؛ فمثلًا في خمسينيات القرن الماضي كانت القراءة بمثابة خبز يومي لمعظم المتعلمين، ثم ظهرت الإذاعة، ومن بعدها التلفزيون، والهاتف المحمول الذي أحدث ثورة. وكل تلك الأشياء زاحمت القراءة.

عن تأثير الأدب في إحداث تغييرات إيجابية، يقول:

نحن ككتّاب يجب أن نفعل ما في وسعنا، ونقرع أجراس الخطر باستمرار، بغض النظر عن النتائج. فالفساد الذي يعشّش في زوايا الوطن العربي، والسوس الذي ينخر في عظامه، لن يسقط بالضربة القاضية، وإنما بتراكم الضربات.

في الختام، يوجه الشاعر عصام ناجي رسالة للكُتّاب:

أقول للكتّاب: أعلم أن التحرك الفردي لا يجدي نفعًا، وأن من يناضل من أجل حقوق شعوب نائمة وسلبية، كَمن يشعل جسده ليضيء لمجموعة من العميان. ولكن هذا لا يعني أن نصمت صمت القبور.

 

 

 


مشاهدات 235
أضيف 2025/05/31 - 2:28 PM
آخر تحديث 2025/06/02 - 2:33 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 826 الشهر 2131 الكلي 11136785
الوقت الآن
الإثنين 2025/6/2 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير