نار الداخل ودخان الخارج:
كيف تغيّر الأزمات مواقف إيران النووية؟
مجاشع التميمي
يبدو أن الاتفاق النووي بين طهران وواشنطن في طريقه إلى الإحياء، مدفوعًا بجملة من الأزمات المتراكمة داخل إيران، وعلى رأسها الأزمة الاقتصادية المتفاقمة. فاقتصاد الجمهورية الإسلامية يواجه اختلالات بنيوية حادة، لا سيما في قطاع الطاقة، حيث تعاني المنشآت من التهالك، ما أدى إلى عجز في تلبية الاحتياجات الداخلية للكهرباء.
تتبع هذه الأزمة أزمة اجتماعية خطيرة، تفاقمت بفعل الانكماش الاقتصادي، وظهرت ملامحها في ارتفاع معدلات الجريمة، وتفشي ظواهر غير مألوفة في المجتمع الإيراني، مثل تصاعد العنف والجريمة، ما يعكس تحولات بنيوية في التركيبة الاجتماعية. أما الأزمة الثالثة فتتعلق بمستقبل القيادة، مع تقدم المرشد الأعلى في السن، وغياب توافق واضح حول خليفة محتمل، ما يفتح الباب أمام صراعات داخل بنية السلطة.هذه التحديات تدفع المفاوض الإيراني إلى تبني موقف أكثر مرونة، خاصة أن إيران، الدولة متعددة الأعراق (الفرس، العرب، الأكراد، البلوش، الآذريين وغيرهم)، تواجه تحديات في تحقيق التجانس الداخلي، في ظل نمو سكاني ملحوظ للمكونات السنية، التي يُقدّر عددها بين 20 إلى 25 مليون نسمة. وانعكاسًا لذلك، قد يمتد أثر هذه الأزمات إلى الفاعل السياسي الشيعي في العراق، حيث تتراجع مرونة المكونات الأخرى (الكرد والسنة)، ما يُنذر بإعادة تشكيل المشهد السياسي إذا لم يُحسن التيار الشيعي إدارة التحالفات، خاصة في ظل متغيرات إقليمية عميقة كسقوط النظام السوري، وتراجع نفوذ حزب الله، وتغير المعادلات في اليمن وغزة