لمن تقرع الأجراس؟

إمبراطوريات الإستحمار

هاشم حسن التميمي

كان ياماكان طاغوت يحكم هذا المكان فاسقطه الاميركان تحت شعارات الديمقراطية واحترام حقوق الانسان وتشكلت مرادفة لقوات الغزو  الاستعمارية طبقة جديدة من الحرامية  استحمرت  نفسها للاحتلال وحكمت البلاد واذلت العباد باسم الدين والديمقراطية والمظلومية والتنمية والاستثمار .

 ومنذ ربع قرن مازال هذا الحال ومازالت هذه الطبقة تتناسل وتتكاثر وفي كل دورة انتخابية يظهر لها شبيه يكرر فسادها من قمة الهرم الاداري والسياسي الى اسفل قاعدة الهرم  وعلى حد تعبير الشاعر الكبير الراحل موفق محمد ( انكس واتعس ) وصارت الحثالات من الفاشلين والمزورين ابناء فلان وفلانه من الحفاة الجهلة فاقدي الشرف والضمير يحكمون بشهواتهم الجنسية وشرههم لاختلاس المال العام وتصفية خصومهم وكل من تقع عليه شبهة الشرف وحب الوطن وصفة النزاهة  ومعارضة الفساد ( يصك) بشتى الطرق ويصبح القاتل مجاهدا ضمن منظومة المتاجرة بالجهاد والمقاومة وهي اول من نزع السلاح حين اشتدت الحملة واعلنت التطبيع من تحت الطاولة وستحتسب جهادا من نوع اخر.. والدليل لانجد وزيرا او سفيرا ومن اصحاب الدرجات الخاصة ومقاولا ومستثمرا وتاجرا ومحللا للسياسة الفاسدة الا وارتبط بخيط في احدى الامبراطوريات يمجدها ويدافع عنها ويلتهم من فضلات موائدها ما يرميه سيدها المبجل الذي تحميه حصانة البرلمان والسلاح الكاتم للانفاس والاصوات وحتى قرارات المحاكم وفتوى الدين المسيس والمدنس باسم المقدس.

 صدق  المفكر الايراني علي شريعتي وهو يستعرض قراءته لانظمة الحكم المتأسلمة او مايسمى الديمقراطيات الناشئة قبل نصف قرن ودق الاجراس لكن الامة تغفو وتواصل الصيام والقيام والذهاب للبيت الحرام وترجم الشيطان وهي تعلم ان الشيطان الذي يحكمها هو الابشع والاخطر لكنها تطيعه بذريعة احترام اولي الامر وان التقية والسكوت واجب وظلم ابن المذهب اطيب من ضرب الحبيب واكل الزبيب..!

 نعم الاستعمار يمثله الغزاة وهو طفح على الجلد ممكن ازالته ولكن (الاستحمار)  وهي الطبقة التي تهيمن على القرار في المجالات كافة وتنهب المال العام بكل الطرق  شكلت امبراطوريات يديرها ( السيد) و (الحجي) و ( العلوية) وفاقد الاهلية التي كان يبحث  عن فطور مجاني في الفضائيات وتحول الى ( امة) من المليارات والعبيد واخرين عجزوا عن اجتياز السادس الابتدائي اصبحوا باعلى المراتب وارقى المناصب و يتزعمون الان جيوشا من المسلحين وتجار المخدرات  والمافيات السوداء.. ويشهد الله لو اننا جمعنا القصص الموثقة لرموز  وذيول هذا النظام لخرجنا بمجلدات اكثر غرابة من حكايات الف ليلة وليلة وكيف اصبح الحمال  مليارديرا والزبال وزيرا  والمزور سفيرا فمصباح علاء الدين يصنع المعجزات وكذلك عضوية البرلمان ومناصب الحكومة وعقود الاستثمار تحقق الاحلام لمن لم يكن يجد وجبة طعام نظيفة وملابس تستر عورته ليس لتعرضه للظلم بل لفشله المركب وغباءه المؤبد. ( لانحتاج لذكر الاسماء انكم تعرفونها بالتفصيل و تذكرونها  و تكررون ذكرها في مجالسكم الخاصة ) ان مجمل ما حدث والاتي ابشع لايبشر بمستقبل مزدهر الا في ماترسمه الاقلام الماجورة وببغاوات الفضائيات القابضة من اصحاب السيادة مقابل تلميع صورهم وتضليل  وخداع الراي العام.

 خلاصة القول الاستعمار ينهب الثروات وينتهك السيادة لكن الاستحمار يذل الانسان وينتهك الاعراض ويخرب البلاد من الداخل ولعل المعيار الوحيد لمن يريد الاصلاح حقا وفعلا بدلا من الشعارات محاكمة ابطال سرقات القرن في مختلف الملفات وتخوين من فرط بالسيادة وباع ام قصر وخور عبد الله وجعل البلاد مرتعا للصراعات والجامعات مطابع لاستنساخ الشهادات وجعل الامن الوطني منتهكا ليس من اجهزة المخابرات العتيدة بل من اصغر العصابات البليدية وعليه ان يقلب الهرم لتعود القمة لاصلها في القاع وتصعد النخبة لادارة البلاد... وماخفي كان اعظم وهم يعرفونه بشهادة رئيس البرلمان المشهداني وصدق حين قال ان كشف ملف واحد فقط سيؤدي لسقوط النظام. وهذا اخر الكلام وهو المطلوب.