الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
هذيان الشاعر

بواسطة azzaman

هذيان الشاعر

حسن النواب

يعشقُ الحزنَ عندما يكون مضيئاً، والفرح عندما يكون بريئاً، والأمل عندما يكون محرّراً، والألم عندما يكون تطهيراً للذنوب، والبكاء عندما يكون صادقاً، والدمع عندما يكون احتجاجاً، والسجال عندما يكون مثمراً، والصمت عندما يكون ناطقاً، والكلام عندما يكون حكيماً، والذهب حول جيد امرأة معدمة، وغبطة اليتامى في عيد، واليد الرحيمة على رؤوس الأيامى والأرامل والثكالى، والقوت في يد كادح، ورائحة أبيه عندما يعود من العمل، وصلاة أمه، وعدم اكتراث زوجته بنثره وشعره، وقيادة السيارة وهو ثمل، وحانات بغداد أيام زمان، وأغاني فيروز وسعدي الحلي وهاني شاكر ووائل جسّار وداخل حسن، وترتيل عبد البساط، وتلاوة عامر الكاظمي، وأدعية مفتاح الجان، وسورة يوسف، والكتابة بغير أوقاتها، وروايات عبد الرحمن منيف ودوستويفسكي، وأشعار ناظم حكمت وسعدي يوسف وسامي مهدي ورسول حمزاتوف وكزار حنتوش، وكسارة البندق لجيكوفسكي، ومعزوفة الراقصة والسياسي لعمر خيرت، ولا يا صديقي لكاظم الساهر، والقصائد الشعبية لمظفر النوَّاب، وكوارث نصيف الناصري على صفحة الفيس بوك،  وأخي علي النوّاب عندما يكون ساخراً، وجان دمو عندما يكون متمرداً، وكزار حنتوش عندما يكون مغتبطاً، وعلي حسين عبيد عندما يغني، وأيباااااه كمال العبدلي، وجاسم كمَّاش بكرمهِ؛ وسعيد العذاري بصراحته، والغربة عندما تكون وطناً، والبلاد عندما تكون ملاذاً، والمكتبة المركزية، وساحة الميدان والتحرير، وعربته الخشبية التي كان يبيع منها البيض المقلي إلى الجنود عند الفجر في ساحة الطيران، وطبيب كتيبة دبابات أشبيلية الشاعر حامد القيسي، وصبره عندما كان محبوساً في معتقل الفرقة الأولى، وفراره إلى الشمال من رابية أشوان، وصلاح زنكنه قاصاً صادماً، وحركة ثوّار العراق الشعبية التي كتب نظامها الداخلي على جبل سركلو، وأسيراً إيرانياً بعمر الورد كان يغني بلغة فارسية ويبكي، والبريء الذي أعدم أمام ناظريه في ميدان الفرقة الأولى، ومكتبته التي باعها حتى يشتري فراش عرسه، وعريف رعيل الدبابات حمزة الملك، والتدخين مع الجِعة، ورقص الغجريات في الكمالية، ولعب القمار في الفوّار، وجريدة طريق الشعب، والقطار النازل إلى البصرة، ومرأب العلاوي، والنسوة اللائي يبعنَّ القيمر في مرأب النهضة، ومحاضرات الشيخ الوائلي، وشجن الصوت لدى باسم الكربلائي، ونعي الخطيب عبد الزهرة الكعبي في تلاوته للمقتل الحسيني، وهودج العباسية وهتافاتهم الثائرة، وعمَّه الذي أُعدم مطلع السبعينيات بسبب قيادته لموكب حسيني هتف ضدّ الطاغية، والجوع في بغداد، والنوم في حديقة الأمة ونادي الأدباء، وركوب الطائرة وفي حقيبته زجاجة خمر وكتاب، ورؤية وردة الجوري فوق سلة مشمش، وامرأة تتلفع بعباءة الصوف، وخيام البدو، ونهر الغازي في أبو صخير، وتسلّق أشجار اليوكالبتوس، والسباحة في نهر عميق، وكعك مع الشاي عند العصر، والغفوة تحت شجرة توت في درب بليبل هناك في بساتين كربلاء، والمقام المهدي ساعة غروب، والفنادق الرخيصة مع الأصدقاء، وماء السبيل، ورايات المشائين، وفضائية كربلاء، ومباريات منتخب العراق، وبرنامج الرياضة في أُسبوع وتعليق مؤيد البدري، ويوسف العاني بدور عبود يغنّي، وسهير إياد في مسرحية قصة حب معاصرة لفلاح شاكر، وجواد الحطّاب الذي مازال يحمل بلطته في غابات البلاد، والرمّان والتين والرطب الجني، وإبراهيم الخياط يتفقَّد الأدباء، وحنان ستار موزان، ولحية علي السوداني، وبحّة صوت عبد الستار ناصر، وهمسات حسب الشيخ جعفر، واِبتسامة فهد الأسدي، ونكات طالب السوداني، وعزلة محمد خضير، وكاريزما كاظم الحجاج، وتحشيش لؤي زهرة؛ وفول هاشم في الأردن، وعرق الموّال، ومقهى حسن عجمي، وتأتأة كمال سبتي، وطموح خزعل الماجدي، وأزقة الحيدر خانة، وحميد قاسم عندما يتغنَّج، وضحكة رياض قاسم، ودعاء امرأة عمياء لقناة الشرقية، وجريدة الزمان، والغيوم الأرضية المنبعثة من سيجارة سلمان داود محمد، وذكرى محمد نادر حين تمشي كناقةٍ من قبيلة قريش، وشكبان مجنون مدينة طفولتهِ، ولوحات عبد الأمير علوان وستار كاووش، وأبو داود نادل مقهى حسن عجمي الذي وهبهُ ثمن شطيرة عندما وجدهُ جائعاً، والشحاذة التي كانت تجلس في نفق ساحة التحرير والتي استدان منها ربع دينار ولم يرجعهُ في سنوات الحصار، و احتساء العرق في الشتاء، وفولكات شارع الجمهورية، وجسر الأحرار عندما يعبره مشياً على الأقدام، ويوسف الصائغ عندما يرسم على ورقة، وخالد علي مصطفى بصوته الأوبرالي، وضحكة أحمد عبد المجيد الصادحة، وتشرُّد عبد اللطيف الراشد وصباح العزاوي وهادي السيد وحامد الموسوي وجمال حافظ واعي، وامرأة اسمها لوعة عشق وأخرى نورا صادق وثالثة وجهها أجمل من قصائدها، ومحمد عبد فيحان في صموده، ومحمد زمان كضمير شعري في الغاضرية، وشلش العراقي الذي طالت غيبته، وراديو دجلة، وبكائه المرير في خنادق الحرب، وحلاوة الدهين، وكبة السراي، وكص أبو ستار الذي اندثر، وأقراص الحبوب لطرد الكآبة، وابنه الصغير عندما يتكلم خليطاً من الإنكليزية واللهجة العراقية، والتجوال عند ساحل المحيط الهندي ودمعه يتساقط على العشب، والسهر ليلاً، والصوم في رمضان، والضحك أمام المرآة مثل معتوه، وطيبته التي ستقتلهُ؛ وعناده في المعارك حتى لو خرج مهزوماً، منزلهم في الأسكان، المعهد الزراعي وعشقه لنون وجيم وميم؛ حتى وجد قلبه مطروداً منهنَّ جميعاً، وأول رسالة غرام كتبها في الصف السادس ابتدائي، ومطارحة الهيام فوق السطح مع بنت الفحَّام لما كان مراهقاً، وجنونه الذي سيقودهُ إلى الهاوية، والشهداء الذين حملهم على ظهره، والجندي الإيراني الذي دفنه عند مشارف قاطع جبهة الطيب، ومحاولات انتحاره الفاشلة لخمس مرات، والرواية التي يسعى أنْ تكتمل قبل موتــــــه المفاجئ، وندَّب أخته الكبرى الشجي على قبور الأهل، وتربـــــــة الصلاة التي يستنشق رائحتها في مهجرهِ البعيد كلما عصف به الحنين إلى الوطن.

 

 


مشاهدات 248
الكاتب حسن النواب
أضيف 2024/01/02 - 6:07 PM
آخر تحديث 2025/05/04 - 1:17 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 141 الشهر 3708 الكلي 10997712
الوقت الآن
الأحد 2025/5/4 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير