كُنْ أنتَ

وجيه عباس

 

بَدِّدْ على مَضَضٍ غيومَكْ

وَأَقِمْ بطارفِها قديمَكْ

كُنْ أنتَ نافلةَ البقاءِ

فلستُ في البقيا أثيمَكْ

كنْ حيث تتلوكَ البراءةُ

في الصدى، واحملْ رقيمَكْ

كنتَ الكليمَ وربَّما

شابهتَ في قَدَرٍ كليمَكْ

صامَ الكلامُ ولم يكنْ

في بوحِ ذاتِكَ أن تصومَكْ

ما أنت إلا أنفسٌ

جمعتْ بقاياها هشيمَكْ

***

بَدِّدْ فلستَ بلائمٍ

من كان يوسعُ فيهِ لومَك

أُعطيتَ قدْرَكَ مُدْرِكاً

ما لستَ تدركُ فيهِ نومَكْ

ماكان بالغيرِ انشغالُك

حسب نفسِك أنْ تقومَكْ

الناسُ غيرُكَ أيُّها

الفاني فَكُنْ فيها قسيمَكْ

أَنْ لا تسومَ خسارَ نفسِكَ

في المُحالِ وأنْ تسومَكْ

كُن أنتَ لا غيرَ الحُلولِ

فَمِيمُ حرفِكَ كان ميمَكْ

لا ظالِماً وأراكَ مظلوماً

وحسبك أن تُضيمَكْ

وبأنْ تكونَ دريئةً

لسواكَ كنتَ بها ظليمَكْ

وسواء أن كنتَ المُنَعَّمَ

بين تلك وذي نعيمَكْ

أو كنتَ تصلاها بنارِكَ

راضياً فيها جحيمَكْ

***

يافيضَ خالقِكَ الذي

أنشاكَ فيها كي يُقِيمَكْ

أعطاكَ كُلَّكَ في الوجود

وكانَ في العُظمى عظيمَكْ

مُذْ قال: كُنْ، وَجَدَتْكَ

بعضُ أصابعٍ فيها أديمَكْ

وَأَتيتَ مُدَّرِعاً تُقاكَ

وكنتَ في قَلَقٍ نديمَكْ

كُنْها لِما اتَّسعَ الوجودُ

فليس وحدكَ أن يرومَكْ

كُنْها نهاياتٍ بها

وبدايةً لكَ أنْ تُديمَكْ

***

بَدِّدْ على قَلَقٍ سديمَكْ

كُنْ أَيُّها القاصي يتيمَكْ

لا تَكْظُمنَّ سعارَها

فالموتُ أن تغدو كظيمَكْ

كُنْها على طوفانِها

كانت شواطيها تُخومَكْ

أَأَذَلُّ منها لم يكنْ

لولا حياؤُكَ لن ترومَكْ

وَأَقرُّ منها ذُلَّةً

أَنْ تَبْصُرنَّ بها غريمَكْ

مُتَوسِّدا والخائفون

يرونَ يومَكَ فيكَ يومَكْ

وَلَأنتَ أكرمُ جائعٍ

كانَ التَعَفُّفُ فيهِ صومَكْ

إقلبْ بها ظَهْرَالمِجَنِّ

سَدومُ ماكانت سَدومَكْ

وَلْتَلْعَنَّنَ كبارَها

زعماً بأنْ كانوا زعيمَكْ

الصاغرون كأنَّهم

كانوا على ضِعَةٍ حريمَكْ

ولأنتَ فيهم كوكبٌ

لايبصرونَ بها نجومَكْ

أَتَخافُ من أذنابِهم

وَكَأَنَّهم يغزونَ رُوْمَكْ؟

مثل الغرابِ لدى النعيقِ

وربَّما يخشونَ بُومَك

***

يامبحراً في صمتِهِ

وأراكَ تُحسنُ فيهِ عومَكْ

تأبى مفارقةً بها

لوقلتَ: هل لي أن أقومَكْ

وخصامُ نفسِ المرءِ

عاقبةٌ وكنتَ بها خصيمَكْ

ولَأنتَ أذهبُ لو رحلتَ

ولم يروا فيها قدومَكْ

ظَمِئوا فلمّا استيأسوا

هزّوا على خوفٍ كرومَكْ

وكأَنَّهم من فرطِ ما...

دعوا السماءَ بأنْ تنيمَكْ

إذ يُوقِظونَ بك الليالي

أنْ تعودَ بها حكيمَكْ

أشباهُ ناسٌ إنَّما

كانوا على شَبَهٍ رجيمَكْ

وَلَأنْتَ ماءٌ كيف تجمعُ

من غدا فيهم رميمَكْ؟

ما اذنبتْ كفّاكَ تنظرُهُم

على قَدَرٍ أليمَكْ

تلدُ الهِباتَ وأنَّهم

لا ينظرون بها عقيمَكْ

وَتُجَمِّلُ الأشياءَ من

عَدَمٍ وتحسبُها ذميمَكْ

دَعْهمْ لهم، ولكَ الرؤى

تنسلُّ في حَلَكٍ نسيمَكْ

الجوعُ يغريكَ الصيامَ

وقدْرُ نفسي أنْ أَصومَكْ

مُتَوَزِّعاً بين القصائدِ

مالئاً فيها جُسومَكْ

واكادُ أُطْعِمُها الجمالَ

وهل سواهُ بها طعيمَكْ!

وأرى تميمَ أصابعٍ

في الحُسْنِ أن كانت تميمَكْ