مفاوضات مسقط.. إختبار الإرادات على حافة الهاوية

محمد علي الحيدري

شهدت مسقط السبت 26 نيسان جولة جديدة من المفاوضات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران، وسط أجواء حذرة ولكن أقل توترًا من الجولات السابقة. وفيما بدا أن الطرفين يدركان خطورة المأزق الذي يقفان عنده، جاءت المحادثات كمحاولة لاستكشاف ممرات ضيقة لتفاهم محتمل، دون التنازل عن الثوابت المعلنة حتى الآن. الملاحظ أن هذه الجولة اتسمت بقدر من الجدية الهادئة، مع تقليل الإشارات الاستفزازية، وغياب التصعيد الإعلامي الذي كان يرافق جولات سابقة. مصادر متابعة أفادت أن الوسيط العُماني لعب دورًا نشطًا في محاولة تقريب وجهات النظر، مع التركيز على إحداث تقدم نوعي بدلًا من مجرد إدارة الأزمة. وفي هذا الإطار، صرّح وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن جولة المفاوضات التي عُقدت السبت كانت “الأكثر جدية” حتى الآن، موضحًا أن النقاشات ركزت على قضايا جوهرية بطريقة أكثر وضوحًا وفاعلية مقارنة بالجولات السابقة.

زخم تفاوضي

كما أشار إلى أن الجولة المقبلة يُرجّح انعقادها يوم السبت المقبل، مما يعكس رغبة الأطراف المعنية في المحافظة على الزخم التفاوضي الحالي. وفي المقابل، أصدر المبعوث الرئاسي الأمريكي ستيف ويتكوف تصريحًا أشار فيه إلى “مزيد من التقدم” في المحادثات، موضحًا أن النقاشات تركزت على الجوانب الفنية للاتفاق المحتمل، مثل حدود تخصيب اليورانيوم مقابل تخفيف العقوبات. وأضاف أنه تم الاتفاق على استئناف المفاوضات في 3 مايو ايار المقبل. كذلك، أعرب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن تفاؤله بإمكانية التوصل إلى اتفاق جديد، ولكنه لم يستبعد الخيار العسكري في حال فشل المحادثات. من جهته، أكد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أن الولايات المتحدة تطالب إيران بوقف كامل لتخصيب اليورانيوم، مع إمكانية استيراد الوقود النووي لأغراض مدنية. في العمق، لا تزال الخلافات الرئيسية قائمة، خصوصًا حول مسألة تخصيب اليورانيوم وآليات رفع العقوبات. ومع ذلك، فإن مجرد استمرار القنوات الخلفية، وتحديد مواعيد مبدئية للجولات القادمة، يعكس أن خيار المفاوضات لا يزال مطروحًا بجدية لدى الطرفين، على الرغم من الضغوط الداخلية والخارجية. بذلك، تبدو مفاوضات مسقط وكأنها اختبار متجدد للإرادات؛ اختبار قد يُفضي إلى تليين مواقف، أو يعيد دفع الجميع إلى حافة الهاوية إذا أخفقت الحسابات الدقيقة