الولايات المتحدة الأمريكية وايران.. تعارض مصالح ورؤى الطرفين حول الية بناء المنطقة
عمر كامل حسن
لابد عند الحديث عن مشروع الولايات المتحدة في منطقة الشرق الاوسط،من التطرق الى موضوع الصراع الأمريكي-الايراني المحتدم حاليا بسبب تعارض مصالح ورؤى الطرفين حول الية بناء المنطقة،فكل طرف يسعى لأن تتم عملية إعادة تشكيل المنطقة وفق مصالحه الخاصة،حيث تسعى الولايات المتحدة الى الهيمنة على ثروات المنطقة من دون شريك،مع تنصيب "إسرائيل " وكيلا لها فيها،في حين تسعى إيران الى تحسين مواقعها وبسط نفوذها ،لاسيما بعد الفراغ الذي أحدثه احتلال العراق وما توفره جغرافيتها السياسية من ميزات استراتيجية،فهي تحتل موقعا جغرافيا استراتيجيا متقدما يتيح له مراقبة مجمل منطقة الشرق الاوسط والنقاط الاستراتيجية في الخليج العربي(بما فيها مضيق هرمز )،وكذلك لدى إيران نفوذ قوي في المنطقة.اما حدودها الشمالية فهي تمتد من القوقاز الى بحر قزوين. ومنذ الثورة الايرانية في عام ١٩٧٩ أصبحت إيران معادية جدا لامريكا وفقا للنظرية الدينية التي تلقي باللوم على امريكا للعديد من ويلاتها .لذا كانت إيران إحدى الدول المارقة.وواحدة من العناصر الثلاثة لمحور الشر هي:العراق وايران وكوريا الشمالية كما سماهم الرئيس بوش الابن في خطابه في كانون الثاني ٢٠٠٢.كما يعود الصراع الامريكي-الايراني الى سبب جوهري اخر هو:ان إيران تقع في ذات الاهداف التقسيمية المعدة للمنطقة بحسب الخريطة المنشورة في مجلة القوات المسلحةArmed forces journal في شهر حزيران ٢٠٠٦ تحت عنوان "حدود الدم" إذ حددت ملامح جديدة لخريطة(شرق أوسط جديد).فيما يخص إيران تظهر الخريطة ان إيران ستفقد أجزاء منها لتشكيل دول أخرى في المنطقة قومية-دينية-مذهبية.
ان الصراع الامريكي/الايراني الدائر حاليا في أماكن عدة من الشرق الاوسط يعود في جزء اساسي منه بحسب الرؤية الأمريكية الى:-اولا:محاولتها امتلاك اسلحة نووية،واسلحة دمار شامل.ثانيا:مساعيها للحصول على قدرات هجومية يمكن أن تهدد جيرانها.ثالثا:جهودها للاعتراض على عمليات السلام العربي-"الاسراءيلي".رابعا:دعمها للقوى الاسلامية "الراديكالية" الممانعة للوجود الأمريكي في المنطقة.
بيد أن هذا الصراع يخفي يخفي وراءه صراعا اكثر عمقا وأبعد مدى من هذه الملفات التي لاتشكل سوى ذريعة او واجهة لصراع اكثر عمقا وابعد مدى من هذه الملفات،حيث يكمن الخلاف الاساسي حول تنازع الطرفين للسيطرة على هذه المنطقة ،وليست الحروب الساخنة القائمة،أو التي سوف تقوم في المنطقة ،من العراق الى فلسطين مرورا بلبنان،سوى دليل على وجود (حرب باردة) قائمة بين كل من الولايات المتحدة وايران،وهو نوع من الحروب امتهنته امريكا في القرن الماضي اثناء حربها الباردة مع الاتحاد السوفيتي السابق. وهي تعيد الكرة اليوم مع ايران؛لمنعها من مد سيطرتها على المنطقة ذات الاهمية الجيوستراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة ،بعدما تسببت سياسات المحافظين الجدد الى زعزعة الاستقرار في المنطقة وكسر توازن القوى لصالح إيران بعد ضرب اعداءها السابقين في أفغانستان والعراق،مما أدى إلى فك الطوق الجيوبولتيكي حولها وساعدها على إعادة الاعتبار لمشروعها الاقليمي مستفيدة من الفراغ القائم هناك.لذا ترى الولايات المتحدة ان إيران سوف تشكل في المستقبل مصدر تهديد لمصالحها في الشرق الاوسط. وهذا مالاتقبل به الولايات المتحدة التي يرى صناع القرار فيها ،ان الولايات المتحدة هي-ويجب ان تبقى-القوة العظمى الاولى وبذلك فأنه من غير المقبول،من منظور الولايات المتحدة،ان تتعرض تلك القوة لأي تهديد او منافسة من قبل أي دولة اقليمية أو دولية ،ولاسيما في منطقة الشرق الاوسط ذات الاهمية الجيوستراتيجية لها.من هنا يكون امتلاك السلاح النووي خطرا على المصالح الأمريكية في المنطقة .ولعل هذا هو السبب الرئيس في الهجمة الأمريكية غير المتسامحة تجاه محاولات إيران الحالية لامتلاك التكنولوجيا النووية او القوة العسكرية .