الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
حصر السلاح بيد الدولة ضرورة عاجلة

بواسطة azzaman

حصر السلاح بيد الدولة ضرورة عاجلة

زيد البيدر

 

يقترن قيام الدولة من الناحية النظرية بوجود الشعب والاقليم والمؤسسات الرسمية،  لكن معيار الدولة الفاعلة او الحقيقية يستدل من خلال  قدرتها على فرض الامن والاستقرار، واحتكار استخدام القوة من اجل تطبيق القانون وضمان النظام ومنع الفوضى، وبالتالي فتعدد القوى المسلحة يؤدي بمرور الوقت الى تأكل سيادة الدولة ويؤثر على قدرتها في القيام بواجباتها، ويخرق مبدأ المساواة ويضعف مؤسسات الدولة مما يجعل الفوضى وانهيار النظام مسألة وقت لا اكثر.فحصر السلاح بيد الدولة ليست مطلبا وضورة امنية فقط، بل هو عنصر اساسي لحماية النظام السياسي وبناء دولة قادرة على فرض سيادتها على جميع الاجزاء، فوجود السلاح خارج اطار الدولة، يمثل قاعدة سياسية وعامل رئيسي يدفع بالدولة نحو التفكك السريع.

وهو ما ذهب اليه عالم الاجتماع السياسي الالماني ماكس فيبر، عند دراسة هذه الظاهرة باسلوب علمي، من خلال نظريته المعروفة باحتكار العنف، اذ اعتبر وجود قوى اخرى غير الدولة تمتلك القوة وتستخدمها لمصالحها الخاصة، يعد عاملا اساسيا يدفع نحو فقدان الدولة الحديثة لدورها، وتتحول بمرور الوقت الى كيان هش، يفقد القدرة على القيام بدوره المعهود في حماية النظام وتطبيق القانون، ويجعله يسير سريعا نحو الضعف، ويكون بداية حتمية لانهيار النظام والسلطة.

امن داخلي

فالخطاب والطرح الذي يحاول ان يضفي على وجود السلاح والفصائل خارج اطار الدول، طابعا ضروريا وحاجة فعلية، لا يتسند الى الواقع ويفتقر الى الدقة، فعند اجراء مقارنة للعراق، بدول المنطقة، والعديد من الدول الكبرى الاخرى، نجد ان اعداد قوات الجيش والامن الداخلي العراقي تصنف من بين الاعلى، واما الطرح الذي يجعل وجودها مرتبط بالدفاع عن قضايا الامة تجاه المخاطر الخارجية، فهو لا يصمد ايضا امام الحقيقة المتمثلة بالتزام العراق بطموحات جماهيره عند صياغة سياسته الخارجية وتطبيقها على ارض الواقع، ويتضح ذلك في المواقف الداعمة للقضايا العربية والاسلامية، لاسيما القضية الفلسطينية، بل نراه في مواقفه، يسبق غيره من الدول العربية والاسلامية الاخرى، من خلال اتخاذه مواقف متشددة تجاه التطبيع واقامة العلاقات مع الكيان الاسرائيلي، واتخاذه من ذلك مبادئ ثابتة اقرت بقوانيين مكتوبة.فالمبررات التي تسوقها الجماعات المسلحة لتبرير وجودها، لا تصمد امام الحقيقة المتمثلة، بان سلاحها يرتبط بحماية مصالحها ونفوذها فقط، الذي لا يتطابق مع منطق الدولة القوية، التي تجعل نهاية مصالحها ووجودها، مسألة حتمية.

فعلى قادة البلد الحكماء، ان يتعظوا من تجارب البلدان التي تهاونت في معالجة هذه الظاهرة الخطيرة، فانزلقت سريعا نحو جحيم الحرب، ولا زالت  قابعة في دائرة الفوضى، وأمام امال العراق فرصة سانحة لمعالجة هذه الظاهرة قبل فوات الاوان، فخطر هذه الظاهرة، ربما لا تقتصر على النظام السياسي فقط، بل تمثل تهديدا وجوديا للدولة، من خلال الانقسامات التي تفشل في الغالب الحلول السياسية في التعامل معها، وتنذر بتفكيك الدولة وتقسيمها سياسيا وجغرافيا.

 


مشاهدات 45
الكاتب زيد البيدر
أضيف 2025/12/10 - 2:36 PM
آخر تحديث 2025/12/11 - 11:31 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 624 الشهر 8214 الكلي 12792119
الوقت الآن
الخميس 2025/12/11 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير