نخب السليمانية تطالب ببناء قوة ناعمة تعزّز مكانة كردستان

السليمانية - باسل الخطيب

دعت نخب كردية في السليمانية إلى توظيف الثقافة كقوة ناعمة فاعلة تخدم القضايا الكردستانية المصيرية، وأكدت على ضرورة تعديل قانون وزارة الثقافة والشباب الكردستانية بما يتناسب وذلك الهدف.

جاء ذلك في ختام أعمال «ملتقى السياسات الثقافية» الذي نظمته المديرية العامة للثقافة في السليمانية، بدعم من «مجموعة كاردن»، تحت شعار «الثقافة كرافعة»، على مدى يومي 29- 30 تشرين الثاني/ نوفمبر 2025، في فندق رامادا في شارع سالم وسط مركز مدينة السليمانية.

وتوزعت أعمال الملتقى على ست جلسات نقاشية، توزعت أعمالها على ستة محاور هي الأرشفة، اللغة الأم، الفن والإعلام، الاغتراب، الفلسفة ومحور مدينة السليمانية، تضمنت نقاشات مستفيضة من قبل (16) باحثاً من مدن إقليم كردستان، كردستان الشرقية وأوروبا، قدموا (14) بحثاً علمياً تناولت سبل الارتقاء بمختلف الجوانب المتعلقة بالسياسات الثقافية والفنية والإعلامية، واستثمار التقنيات المتقدمة والذكاء الاصطناعي لخدم القضايا الكردية المصيرية.

وأكد د. محسن أديب مدير عام الثقافة والفنون في السليمانية والمشرف العام على الملتقى في كلمته على أهمية «اللقاء في السليمانية عاصمة التنوير لبحث سبل تطوير السياسة الثقافية الكردستانية»، واضعاً الجميع «أمام مسؤولية المشاركة في تطوير الثقافة والفكر في الإقليم».

وانتقد د. هردي مهدي، رئيس اللجنة العلمية للملتقى والتدريسي في جامعة السليمانية، في كلمته، ردود فعل إقليم كردستان «تجاه هيمنة القوة الناعمة والسياسات الثقافية للدول المجاورة ضد كردستان وهويتها وأرضها وشعبها وذاكرتها»، داعياً إلى ضرورة «التصدي لتلك التهديدات من خلال بناء قوة ناعمة كردستانية فعالة في إطار استراتيجية ثقافية رصينة».

توصيات الملتقى

وخلص الملتقى إلى حزمة توصيات توزعت على محاور الملتقى. ومما جاء في محور الأرشفة، الدعوى لبناء أرشيف رقمي وطني وتفعيل قانون حماية الوثائق، والمباشرة بتأهيل ملاكات إعلامية تنسجم مع طبيعة العصر الرقمي والعمل على التعريف بثقافة الكرد ولغتهم وخصوصيتهم على أوسع نطاق عالمي، وحماية الآثار التي تعكس الهوية الكردية، والاهتمام بالتصميم المعماري المرتبط بالهوية القومية في سلوكيات المواطنين، وتوثيق التقويم الكردي والالتزام به في المناسبات العامة، واستحداث مؤسسة لإعداد موسوعة كردستان، وتعزيز العلاقة بين المؤسسات والمنظمات الثقافية الكردية.

وفي محور اللغة الأم، دعا المشاركون للاهتمام بثقافة الأطفال وتعريفهم بتاريخ وجغرافية وتراث كردستان منذ المرحلة الابتدائية، وإيلاء اهتمام أكبر للغة الأم والثقافة القومية في المناهج الدراسية، وزيادة حضور اللغة الأم في الإعلام الكردستاني، وإجراء مزيد من البحوث بشأن العلاقة بين اللغة والثقافة وتأثيرهما المتبادل، وتسهيل عمل أساتذة اللغة الكردية الذين يرغبون العمل خارج الإقليم ودعمهم مادياً.

وبالنسبة لمحور الفن والإعلام، طالب المشاركون القطاع الخاص الاهتمام بالثقافة، واقترحوا استحداث صندوق تعاون لدعم المجال الثقافي على مستوى كل محافظة، ووضع قانون لصندوق الدعم المالي للفن والسينما، لتشجيع مشاركة القطاع الخاص في السياسة الثقافية الكردية، وقيام القنوات التلفزيونية العائلية والفنية المرخصة بإنتاج مسلسل درامي أو فيلم واحد على الأقل سنوياً، وأن يكون الفلم الكردي معبراً عن الهوية الاجتماعية والقومية، وقيام الحكومة بإنتاج أعمال فنية وترجمة المؤلفات الكردية إلى اللغات العالمية.

سياسة ثقافية

إما في محور الاغتراب، فدعا المشاركون إلى الاهتمام بالجيلين الثاني والثالث للمهاجرين الكرد من خلال سياسة ثقافية وطنية.

وفي محور الفلسفة، طالبوا بترجمة كتابات العلماء والفلاسفة والأدباء الكرد الذين كتبوا بلغات أخرى، لإنقاذهم من «حملات التعريب والتفريس والتتريك».

كما دعا المشاركون إلى تسهيل فتح مكاتب ثقافية للقنصليات الأجنبية في مدينة السليمانية باعتبارها العاصمة الثقافية الرسمية لإقليم كردستان، مؤكدين على ضرورة الإسراع بتعديل القانون رقم 12 لسنة 2011 لوزارة الثقافة والشباب، لتضمينه الأسس الرئيسة للسياسة الثقافية المقترحة.

وحضر الملتقى وزير الثقافة والشباب الكردستاني حمه حمه سعيد، ووزير التعليم العالي السابق د. يوسف كوران، ومحافظ السليمانية هفال أبو بكر، ومدير دائرة ثقافة السليمانية د. محسن أديب، ومجموعة كبيرة من المثقفين والباحثين والإعلاميين والسياسيين ورجال الأعمال. وأقيم على هامش الملتقى معرض الفنانة التشكيلية بيان مجيد، جمع بين الموروث الكردي التقليدي والحداثة.