صدمات الفساد الترليونية
صلاح الربيعي
منذ سنوات ليست بالقليلة يتعرض العراق الى سلسلة من صدمات نهب المال العام التي تجاوزت حدود الفساد التقليدي لتصل إلى ما يُوصف بالفساد الترليوني المخيف غير المسبوق في كل انحاء العالم وقد تجاوز النهب ارقاماً بالملايين والمليارات حتى بلغ النهب والفرهود بالترليونات وهذه الفاجعة التي حلت في العراق تحت ظل معظم الادارات السياسية والحزبية والميليشياوية الفاسدة الخارجة على القانون المتسلطة على العراقيين دون معايير دستورية وقانونية بحيث أصبح هذا الفساد مرعبا بحجمه وسعة مساحته وأخذ تأثيره بالتهام موارد البلاد الهائلة وتعطيل مسار التنمية وزرع الإحباط في نفوس المواطنين اذ لم يعد الأمر مجرد اختلاس أو هدر للمال العام فحسب بل تحول إلى منظومة خطيرة تتخادم فيها المصالح السياسية والاقتصادية والأمنية بين الفاسدين حتى أصبحت ملفات الفساد أكبر من قدرة المؤسسات الرقابية الحكومية التي عجزت عن مواجهتها وفي كل يوم تظهر للشعب صدمة ترليونية جديدة لا يصدقها العقل تعكس ضعف الدولة في ضبط وحفظ المال العام وتكشف هشاشة منظومة التخطيط والرقابة والمحاسبة إضافة إلى غياب الإرادة السياسية الحقيقية لوقف هذا النزيف المستمر بالفساد وأحد مسارح هذا الفساد ما يجري في المشاريع المتعثرة والعقود الوهمية وعمليات التهريب أو التزوير في وثائق ايرادات المنافذ الحدودية وسيطرة الأحزاب النافذة عليها دون اكتراث أو مخافة من القانون وهذا يحدث منذ سنوات طويلة كبد ميزانية البلد خسائر مالية فادحة بمليارات الدولارات تُستقطع من حق المواطن في الخدمات الأساسية ومن مستقبل الأجيال القادمة ولم تعد معالجة هذه الصدمات من خلال تشكيل لجان تحقيق تضيع فيها الحقيقة وتندثر أو خطابات رسمية ركيكة غير فاعلة بل تتطلب شجاعة ونزاهة للاصلاح الجذري يبدأ ببناء دولة المؤسسات المهنية القوية التي لا تجامل ولا تساوم على حساب الحق وقضاء عادل شجاع مستقل وقوانين صارمة تُطبّق على الجميع دون استثناء كما ان مواجهة الفساد الترليوني الصادم ليست مهمة الحكومة فحسب بل من خلال تعميق الوعي المجتمعي يشارك فيه النخب الاكاديمية ورجال الدين والمؤسسات الإعلامية المؤثرة والشارع بكل ميادينه مع مسؤولية كل عراقي وطني شريف وصاحب ضمير يؤمن بأن العراق لن ينهض ما دامت ثرواته وحقوقه تُنهب من قبل بعض الفاسدين وبهذا الشكل المريع .