مَنْ سيشكّل حكومةَ العراق ؟
عبد الجبارالجبوري
إنتهتْ الإنتخابات في العراق،وسط ضجيج سياسي،وتخبّط وفوضى،مارستها مفوضية الإنتخابات، في إستبعاد وإعادة مرشحين الى السباق الإنتخابي،بحجّة (السلوك والمساءلة)، والتي أضرّت بسمعة المفوضة ومصداقيتها،وزادت الشك باليقين،بتسييسها لصالح جهات وأحزاب متنفذة في السلطة،حيث أقصّتْ مرشحين مؤثرين، وغضت النظر عن فاسدين ومستبعدين من المشهد السياسي،المهم إنتهت مسرحية الإنتخابات، كما يريدها الماسكون بالسلطة ،من أحزاب وشخصيات وجهات إقليمية ودولية،وبدأت مسرحية أخرى ،لاتقل هزلية عن سابقتها، وأقصد بها ،مسرحية (لجنة إطارية لإختيار رئيس وزراء جديد)،حيث تشكّلت من رموز الأحزاب نفسها ،مستبعدين بقية المكونات الأخرى الفائزة، المشاركة معهم في العملية السياسية، نعم هُم الكتلة الاكبر حسب (نظام سانت ليغو) ،الذي وضعته نفس الأحزاب على مقاسها،وحسب مزاجها في تشكيل الحكومات ،و(كذبة الكتلة الأكبر،والثلثين المعطل)،منذ الإحتلال والى الآن،وماحصل لإياد علاوي في إنتخابات 2010 دليل على مانقول ،إذن الإطار التنسيقي هو من سيقوم بمهمة تشكيل حكومة ،على مزاج ومقاس ومصلحة الاحزاب الإطارية ، مع شوية بهارات إيرانية،برسالة المرشد الايراني الأعلى برسالة أبلغها لزعماء الإطار، إسماعيل قاآني في زيارته، قبل أسبوع من إجراء الإنتخابات،بمعنى القضية محسومة ،حكومة عراقية بطعم إيراني،ولكن هذه المرّة،سيكون شكلها مختلف جداً، إذ ستكون للفصائل الولائية الفائزة في مقاعد البرلمان، كبيرة ونفوذ أقوى وأوسع من ذي قبل،حيث تشير الأرقام الى وجود أكثر من (80)مقعداً للفصائل،وهذا يحدث لاول مرة،في عراق مابعد الإحتلال الامريكي،وسيتوسع النفوذ هذا الى المحافظات التي تتواجد فيها بكثافة ، وخصوصاً، المحافظات الغربية،إذن شكل الحكومة المقبل ،سيكون محسوماً نفوذه وولاؤه لايران، كما خططت له،ولن يكون لشياع السوداني أية ولاية ثانية بها، كما يتمنى ويسعى،وقد فاز بأعلى المقاعد ،حتى عن منافسه المالكي زعيم دولة القانون،ولكن النفوذ الايراني القوي هو من يتحكّم بتشكيل الحكومة،وهو ماسيخضع له الإطار التنسيقي ،صاغراً وراغباً،رغم إدعائه بأن إيران لاتتدخل في الشؤون العراقية،هذا مانراه ونسمعه ونعيشه على أرض الواقع في المشهد السياسي،ولكن ما لم نره ،ونسمع به ونقرأ عنه ، هو الموقف الامريكي المعاكس للموقف الإيراني وإطاره التنسيقي تماماً،فالموقف والقرارالأمريكي الذي أبلغه وزير الخارجية الأمريكي ،لحكومة السوداني وللإطار نفسه ،بات واضحاً ومعلناً، قبل وبعد الإنتخابات،وهو (نزع سلاح الفصائل، حلّ الحشد الشعبي لادمجه،وإنهاء النفوذ الايراني في العراق)، كما حصل في سورية ولبنان ،ولا بديل عن هذه القرارات، وما تشكيل وفد أمريكي كبير برئاسة مبعوث الرئيس ترمب مارك سافايا الى بغداد نهاية هذ الشهر، إلاّ لتنفيذ وتطبيق هذه القرارات،أو عدم الاعتراف بحكومة بغداد ، ورفع اليد عنها ،وفرض اجراءات قاسية عليها في تصدير النفط والتعامل بالدولار وغيرها،هذه هي معطيات مابعد الانتخابات، والعراق امام محنة كبرى، وهو بين مطرقة ترمب، وسندان المرشد الايراني الاعلى،خياران ،خياران عليه إختيارأحدهما ،وأحلامهما أمرّ من الآخر، فإما البقاء في الحضن الإيراني المستهدف بعودة الحرب عليها، وإمّا الإنخراط وركوب قطار التطبيع الترامبي، الذي ركبه الجميع إلاّ ايران والعراق،وربما ستركبه إيران لاحقاً كما أشار الرئيس ترمب في خطابه قبل شهر،ويخرج العراق من مولد ترمب بلا حمص،هذه رؤية وتحليل وليست رأي شخصي، هو واقع نعيشه ونراه بأعيننا، والتحولات الدولية الكبرى في كل العالم، تشير الى تفرّد القطب الامريكي الواحد في العالم، فالصين أيقنت بهذا وركعت لأمريكا ،وروسيا تماطل في حربها الخاسرة مع أوكرانيا ،علّها تحقق هدفاً يحفظ ماء وجه الرئيس بوتين ،ولكنه سينحني لعاصفة ترمب التطبيعية رغماَ عنه،وتخلي بوتين عن حليفته ايران في مواجهة أمريكا أصبح حقيقة ،ولاجدال عليها،لهذا أمريكا بجبروتها تلعب في العالم (شاطي باطي)، تتدخل في فنزولا وحرب روسيا –اوكرانيا وحرب السودان، ولبنان واليمن وسوريا وغيرها ، ولها دور أساسي في دعم تنظيمات إسلاموية متطرفة ،مثل تنظيم داعش الارهابي المجرم وتنظيم قسد السوري والبككا التركي وغيرها،لهذا نعتقد أن مايجري في العراق ، من لعبة تشكيل حكومة عراقية لأمريكا نفوذ فيها ،أمر وارد ومحتوم، ليس رغبة ، وإنمّا واقعاً تفرضه قوة أمريكا وجبروتها ،ونفوذها وتفوقها في العالم ،للحفاظ على مصالحها الاستراتيجية الكبرى ، والتي تتجسّد في موقع العراق الإستراتيجي في المنطقة،والثروات الهائلة ،التي لايمتلكها غيره في الشرق الأوسط، لهذا ،تركز الإدارات الامريكية المتعاقبة ،على احكام سيطرتها الاقتصادية والعسكرية والسياسية على العراق، فهو مفتاح توسعها وتحقيق مشاريعها الإستراتيجية في العالم والشرق الاوسط ،وأوله إقامة الشرق الاوسط الكبير، الذي تلوح علاماته الان، وأمن اسرائيل،بعد إنتهاء خطر فصائل ايران في سوريا وحزب الله وأنصار الحوثي ،ليأتي الخندق الأخير لإيران الواقف بوجه مصالح امريكا وإسرائيل في العراق ،وهي الفصائل العراقية الولائية،حسب السيناريو الأمريكي ،للحفاظ على دور إستراتيجي إسرائيلي في المنطقة ، وما زيارة الصهيوني المجرم نتنياهو الى القنيطرة في سوريا ،إلاّ اشارة على توسع النفوذ الصهيوني والامريكي في المنطقة، والسيطرة عليها،نعم العراق أمام تحدٍ ومعركة كبرى في مواجهة طغيان امريكا،كما هو أمام محنة نفوذ ايران على القرار السياسي العراقي،ولايمكن للعراق أن يستقر أمنيا وسياسياً وإقتصادياً الاَ بالتخلّص من النفوذ والتهديد الامريكي-الايراني لمستقبله،ومستقبل شعبه، وهذا مستحيل أو شبه مستحيل، لسبب بسيط هو ان العراق غير قادر عسكرياً على حماية نفسه، من خطرعودة الإرهاب الذي تلوّح به وتدعمه أمريكا في المنطقة ،والإعتماد على جيشه في حماية العراق،لهذا نرى إن من يتغطّى بلحاف أمريكا وايران بردان،ولكن حكومة الاطار التنسيقي ، غير آبهة بهذا الوضع وتكابر بقرن من طين وقرن من عجين، وتغمض عينيها عن الخطر الذي ينتظر العراق، وتمارس الانتحار السياسي، بجعل العراق ساحة حرب وتصفية حسابات بين أمريكا وإيران، وجعل العراق ساحة حرب لهما،لهذا فالإطار يتحمل نتائج كل ماسيجري ويحلّ بالعراق، إن لم يعتمد على شعبه أولاً، وينأى بنفسه عن الأجندات الأجنبية ،وإبعاد العراق من حرب حتمية، لاناقة له فيها ولاجمل،بالخروج من عباءة إيران وعباءة أمريكا، والإعتماد على الداخل العراقي،والإفلات من النفوذين بالإنحناء للعاصفة كي تمرّ بسلام ، حتى ينهض العراق من كبوته، والمصالحة مع شعبه، وقبر الطائفية وإلغاء نظام المحاصصة البغيض ،الذي أوصل العراق لما نراه ونعيشه من سوء وطائفية مقيتة،والغاء قرارات بريمر الظالمة التي اشعلت حرائق العراق الطائفية، وإعلان شعار عفا الله عما سلف، وإعادة النازحين والمهاجرين،لبناء عراق مستقل يعيش شعبه بسلام، بعيداً عن أي نفوذ وتدخل اجنبي،فقط بهذه القرارات الجريئة، نحفظ سيادة ووحدة العراق، ونصون كرامته ونحقن دماء ابناءه، فلا حكومة عراقية بتدخلات ووصايا أجنبية ،فلا أمريكا صادقة بتشكيل حكومة عراقية مستقلة،ولا أيران صادقة بتشكيل حكومة عراقية مستقلة، دون تنفيذ أجندتهما وإملاءاتهما على الحكومة ، الشعب العراقي هو الوحيد القادر،على تشكيل حكومة عراقية مستقلة غير تبعية ،لأية أجندة خارجية ، فتصالحوا مع الشعب، وإنقذوا العراق قبل فوات الآوان ،عندها لاساعة مندم، وإتعظوا من تجارب غيركم الكارثية....!!!!