الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
مَنْ يبتكر ويصنع الوعي؟

بواسطة azzaman

مَنْ يبتكر ويصنع الوعي؟

رسالة الحسن

 

إنّ صناعة الوعي ليست فعلًا عابرًا أو وليد لحظة، بل هي عملية مركبة تتداخل فيها أطراف متعددة، تبدأ بالمفكرين والفلاسفة والكتّاب، وتمرّ عبر المؤسسات التعليمية والإعلامية والدينية، وتنتهي عند الفرد الذي يمتلك حرية التفكير والقدرة على التساؤل. فصناعة الوعي لا تنحصر في جهة واحدة، بل هي نتاج تفاعل مستمر بين المعرفة، والسلطة، والثقافة، والسياق الاجتماعي والتاريخي. لكن في مقابل ذلك، فإن أخطر ما يهدد هذا الوعي هو التزييف المتعمد، والتوجيه الأيديولوجي، والاستهلاك الإعلامي غير الواعي.

من يبتكر الوعي هو من يمتلك مشروعًا فكريًا ناقدًا يتجاوز التلقين، ويزرع الشكّ الخلّاق، ويحفّز على النقد والمساءلة.

فالفكر الفلسفي والكتابة الواعية هما اركان صناعة الوعي الحر.

فالكاتب يُترجم الأسئلة إلى واقع، والمفكر يُعيد تشكيل مفاهيم الحياة، والفلسفة تُنير الطريق أمام العقل ليكون فاعلًا لا مفعولًا به..فدور الكتّاب والمفكرين في صناعة الوعي دورا كبيرا وفعالا فهم أدوات الوعي التاريخي والمعرفي، ولهم دور مركزي في تشكيل الرأي العام وتوجيه المجتمع نحو التساؤل والفهم والنقد. ويمكن تلخيص دورهم في النقاط التالية:

* تفكيك المسلمات ونقد البنى السائدة

يُعيد المفكر النظر في ما يُعدّ بديهيًا، ويثير أسئلة حول ما يُعتبر «طبيعيًا» أو «مفروغًا منه»، مما يوقظ الوعي النقدي لدى الجمهور.

* نقل المعرفة وتحويلها إلى وعي جمعي

ليس دورهم مجرد نقل المعلومات، بل تحويل المعرفة إلى وعي اجتماعي من خلال تبسيط المفاهيم الكبرى وطرحها بلغة مفهومة تربط بين الواقع والمفاهيم النظرية.

* تحديد مكامن الخطر والتحذير من الاستلاب

هم بمثابة جهاز إنذار ثقافي يُنبه المجتمع من محاولات التلاعب بالعقول سواء عبر الإعلام، أو الإيديولوجيا، أو السلطة السياسية أو الدينية.

*تشكيل الهوية الثقافية

يساهم الكتّاب في إعادة تشكيل الذاكرة الجماعية، والتعريف بالذات الجمعية، وبالتالي إنتاج وعي ينتمي إلى ثقافته وتاريخه دون انغلاق أو استلاب.

* بناء خطاب مقاوم للهيمنة

الكتّاب الحقيقيون هم من ينتجون خطابًا مضادًا لهيمنة السلطة أو السوق أو الإعلام، ويرفعون مستوى التلقي النقدي عند الناس.

أما موقف ودور الفلسفة من الوعي

فأن الفلسفة منذ نشأتها، هي فنّ الوعي بالوجود، وبالذات، وبالآخر. والوعي ليس فقط موضوعًا للفلسفة، بل شرطًا أساسيًا لممارستها. ويمكن فهم موقف الفلسفة من الوعي عبر الأبعاد التالية:

*الفلسفة تؤسس للوعي النقدي

الفلسفة لا تعلّم الناس ما يفكرون فيه، بل كيف يفكرون. وهي بذلك تشجع على التفكير الحر، وعدم التسليم المطلق بالأجوبة الجاهزة.

* تحليل الوعي في ذاته

طرحت الفلسفة مفاهيم كبرى مثل: «الوعي الذاتي» (ديكارت، هيغل)، و»الوعي الزائف» (ماركس)، و»الوعي القائم على التأويل» (هيدغر، غادامير)، مما يعني أن الفلسفة تفكك مفهوم الوعي ذاته وتدرسه من زوايا مختلفة.

* الوعي بوصفه شرطًا للحرية

عند الفلاسفة، الوعي لا يُطلب لذاته فقط، بل لأنه شرط للحرية والمسؤولية، فمن دون وعي لا يوجد اختيار حر، ولا موقف أخلاقي أو سياسي سليم.

* نقد الوعي الزائف

الفلسفة تقوم بنقد الوعي المشوّه، المغلوط، أو الوعي الموجّه إيديولوجيًا، وتسعى إلى تحرير الإنسان من «الوهم» – سواء الديني أو السياسي أو الإعلامي.

 


مشاهدات 49
أضيف 2025/08/16 - 11:10 PM
آخر تحديث 2025/08/17 - 1:22 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 69 الشهر 11682 الكلي 11406768
الوقت الآن
الأحد 2025/8/17 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير