ولادة على حافة العبور»… في زمنٍ يهرب فيه الإنسان من نفسه، تأتي رواية رامي طعامنة لتقوده إلى مواجهة وجوده.
...
يقدّم طعامنة في هذا العمل طرحاً فلسفيًا عميقًا يتوغّل في دهاليز الوعي الإنساني، عبر بناءٍ سردي فريد في زمنٍ معكوس، يبدأ من الموت لينتهي بـ الولادة. ومن خلالها يمزج بين دفء التجربة الإنسانية والسيرة التأملية عن الولادة الثانية، تلك التي يختارها الوعي لا الجسد.
صدرت الرواية عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر – بيروت في 144 صفحة من القطع المتوسط، تمضي من خلالها رحلة »شمس» في مواجهة القمع والموروثات وأوهام الحداثة بأسلوبٍ يزاوج بين السرد الكلاسيكي والتأمل الفلسفي، وتطلّ بين الصفحات مساحات من الحوار الجبراني في عمقه الرمزي والروحي، ضمن بناءٍ فني يستلهم روح الكلاسيكيات العالمية ويحافظ فيها الكاتب على خصوصيته العربية وبصمته التعبيرية الأصيلة.
يقول رامي طعامنة:
"هذه الرواية لا تحكي ما حدث، بل ما بقي بعد أن حدث كل شيء.
ليست حكاية شمس وحده، بل مرآة الإنسان حين يجرؤ على الوقوف أمام ذاته بلا أقنعة، يعبر فيها من البراءة الأولى إلى حكمة التسامي بعد عمر الأربعين."
في كل مشهد، تتقاطع الحقيقة بالحلم، ويطلّ شمس بوجهٍ جديد، وفي كل حوارٍ تتسلّل حكمةٌ عابرة للزمن والهوية، الطفولة والشباب، المال والعمل، السعادة والحب، ومعنى أن تولد من جديد قبل عبورك الأخير.
أما »مهرة» ، فهي المرأة التي تشبه الفجر؛ قد تكون الحبيبة، أو الصوت الداخلي الذي يقود نحو النور.
وفي النهاية، حين تطوي الصفحة الأخيرة، تدرك أن ما قرأته ليس رحلة البطل وحده،
بل مسودة بطولتك أنت، تنتظر أن تكتب حكايتها بصدقك أنت. ورغم أن النهاية قدر كل حيّ،
فلك أن تبدأ حياتك الجديدة متى شئت.
من الجدير ذكره أن رامي طعامنة كاتبٌ تأمليّ فلسفيّ، أردني، تخرّج في الهندسة المدنية، وتابع دراساته العليا في إدارة الأعمال والتمويل من بريطانيا وأستراليا، إلى جانب الكتابة، يعمل في تطوير المشاريع العقارية وريادة الأعمال، مؤمنًا بأن الفن والفكر والعمل ليست عوالم متفرقة، بل وجوهٌ مختلفةٌ لبحثٍ واحدٍ عن المعنى الأسمى: الإنسان.
من أبرز أعماله الأدبية السابقة كتاب »حين يهاجر الجسد وتبقى الروح»، الذي يُعدّ دليلاً وجدانيًا لكلّ مهاجر يبحث عن ذاته بين المنافي.
وبهذا الإصدار من رواية »ولادة على حافة العبور»، يرسّخ رامي طعامنة حضوره كصوتٍ جديدٍ في الرواية الفلسفية العربية، يجمع بين حسّ المفكر ودفء الأديب، ويعمل حاليًا على مشاريع أدبية جديدة تمزج بين الفلسفة والتجربة الإنسانية المعاصرة.
وبين الفلسفة والحياة، يواصل طعامنة مشروعه في مساءلة الإنسان، لا بوصفه كائنًا محدودًا، بل وعيًا يسعى نحو ولادته الثانية.