الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
المواطن سين

بواسطة azzaman

المواطن سين

حسن النواب

 

المواطن سين بشهادة الجميع من زملائه الموظفين في العمل، إنَّ الإخلاص والنزاهة والصدق من أهدافه المركزية في الحياة، وأن هذا المواطن يتمتع بعلاقات طيبة مع أهله وعشيرته وجيرانه وأناس المنطقة التي يسكن بها منذ طفولته، والمواطن سين لم تخدعهُ الدعوات التي وجهت لهُ مراراً وتكراراً من منظمات المجتمع المدني؛ والتي كانت تحرص على تواجده في ندواتها الشعبية، ولذا لم يستجب لأية دعوة منها؛ والسبب لأنه كان يدرك أن تلك المنظمات إنَّما جاءت لمنفعة أفراد بعينهم على حساب آخرين، وهذا المواطن لم يقرع طبول الفرحة والنصر حين رأى الدبابات الأمريكية تزحف على ظهر جسر الجمهورية، الأمر الذي حسبه البعض أن المواطن سين لم يكن راغبا بالتغيير الدراماتيكي الذي حصل للبلاد، وهم لا يعرفون أن المواطن سين كان مراقباً من قبل أجهزة الأمن في النظام السابق بسبب تردده على إحدى الجوامع للصلاة فيها، بل أن تلك الأجهزة الأمنية استدعته للاستجواب ولأكثر من مرة وحين عرفت أن هذا المواطن من أهل الله أطلقت سراحه مع تعهد خطي ألاَّ يزور تلك المساجد والجوامع مرة أخرى، لكنها ظلت تراقب حركاته وسكناته عن كثب وهو لايدري بذلك،  والمواطن سين لم يحصل على مكرمة لا من النظام السابق ولامن الحكومة الجديدة وهو لايريد تلك المكرمة مادامت ستجر خطاه مجبراً للحضور إلى ندوات ولقاءات لايرغب بها مطلقاً، والمواطن سين مازال يسكن مع عائلته في بيت قديم للإيجار ويعيش على راتبه الشهري وعلى ما يحصل عليه من «جمبر السجائر « الذي يجلس خلفه بعد انتهاء الدوام، والمواطن سين لم يسافر خارج البلاد مطلقا؛ ولا يمتلك جواز سفر ولايفكر أن يحصل على جواز سفر لقناعته أنَّ أرض السواد هي أجمل بلاد في الدنيا، وهذا المواطن لا يرتاد المقاهي الشعبية ولا يدخن السجائر ولا يشرب المنكر، غير أن الداء الوحيد الذي لا يمكن الخلاص منهُ لدى المواطن سين هو شغفه بقراءة الكتب كلما سنحت له الفرصة وأوقات الفراغ إلى ذلك، المواطن سين قرأ الأدب الجاهلي والعباسي والعربي والأوربي والأمريكي والصهيوني كما يحلو للبعض تسميته، والمواطن سين يمتلك مكتبة كبيرة هي كل ثروته بهذه الدنيا مع زوجة متعففة اكتسبت جميع طباعه الطيبة مع مرور السنوات، لا يمتلك هاتفا نقالا ولا ستلايت في بيته؛ لكنه كان يمتلك راديو صغيراً يتابع به منذ أمد طويل إذاعة لندن لمعرفة آخر الأخبار والتطورات في العالم، غير ان المواطن سين منذ شهور ليس على ما يرام؛ وقد تبدلت جميع صفاته الحميدة إلى صفات غير مستحبة لدى الناس، صار المواطن سين يدخن ويشرب المنكر ويحضر المؤتمرات السياسية وندوات المجتمع المدني، وصار يشاهد قنوات الستلايت ويقال انه ينتمي إلى أكثر من حزب وحركة وتيار سياسي، وفي عمله صار مثالا للرشوة والمكر والاحتيال؛ ونجح بالحصول على كرسي في البرلمان في الانتخابات التي جرت قبل أيام؛ وربما بعدها سيحصل على منصب رفيع في الحكومة القادمة .. المواطن سين أدرك اللعبة أخيراً، إنه يسعى بكل قوة إلى ربح العالم؛ لكنه لا يدري أنَّهُ خسر نفسه مع الأسف.

 

 


مشاهدات 75
الكاتب حسن النواب
أضيف 2025/11/17 - 4:09 PM
آخر تحديث 2025/11/18 - 1:43 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 54 الشهر 12630 الكلي 12574133
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/11/18 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير