الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
كتبنا وما كتبنا..في الانتخابات

بواسطة azzaman

بدون خجل و بالمباشر

كتبنا وما كتبنا..في الانتخابات

 

محمد خضير الانباري

 

   منْ أجملَ وأروعِ الأغاني التي كنا نستمعُ إليها في صباحاتِ سبعينياتِ القرنِ الماضي- وتحديدا- منذُ عامِ 1973 وما بعده، تلكَ التي كانَ يشغلها سائقُ سيارةٍ (الكوستر) أثناءَ نقلنا إلى الكليةِ أوْ إلى العملِ بعدَ التوظيف. فقدْ كانَ يصدحُ مذياعَ سيارتهِ بصوتٍ (فيروز) العذبِ، وهيَ تؤدي أغنيتها الشهيرةَ « كتبنا وما كتبنا «، منْ كلماتِ الشاعرِ المبدعِ (منصورْ رحباني) وألحانِ الملحنِ المتألقِ (عاصي رحباني ) . ونقتطف منها ما يعنينا في سياقِ حديثنا.

اجهزة حديثة

كتبْنَا ومَا كتبْنَا-  كُتُبنَا مَيِّت مَكتُوب .

وَحَكينَا ومَا حكيْنَا- لَيْتنَا مَا حكيْنَا.

كتبْنَا ومَا كتبْنَا-  كُتُبنَا ميِّتًا مكْتوب.

   وأخيرا، ظهرتْ نتائجَ الانتخاباتِ البرلمانيةِ بشكلها الأولي، الذي هوَ قريبٌ للحقيقةِ بفعلِ الأجهزةِ الحديثةِ المستخدمةِ منْ قبلٌ مفوضيةِ الانتخاباتِ، ففازَ منْ فاز، وتأخر منْ لمْ يحالفهُ الحظ. نتمنى منْ الصادقينَ منهم، فرصا أخرى في المستقبل. وننتظر النائج بشكلها النهائي.

    فالفائزُ النزيهُ الصادق، يرفعُ لهُ العقالُ العربيُ، والقبعة الفرنسية، إجلالاً وإكراما واحتراماً، فهوَ فخرٌ واعتزازٌ لكلِ مواطن، أكرمهُ أو وهبه صوته الغالي والثمين، ولكنَه، سوف يسلك طريقاً صعباً ، يواجه فيهِ العديد من الأشواكِ والعقارب والأفاعي، ربما تخدش ركبتيهُ، أو تمزق صايتهُ العربية، أو يتسمم بدنه. فعليه، الحذر والتأني لكل خطوة يخطوها، والتحزم بحزامين، كما تتشبه الشجعان، في عم رسول الله محمد (ص) الحمزة بن عبد المطلب (ع) في التسمية ( الحمزة أبو حزامين). وقولَ، شاعرنا العربي الكبير- رحمهُ الله- نزارْ قباني في قصيته الرائعة ( قارئة الفنجان)، لنجتزأ منها ما يتعلق بمقالتنا، بالقول: ( يا ولدي سماءك ممطرة وطريقك مسدود مسدود، وتجوب بحارا وبحارا.. وتفيض دموعك أنهارا .. وسيكبر حزنك حتى يصبح أشجارا... وستعرف بعد رحيل العمر، بأنك كنت تطارد خيط دخان .(  أما المرشحُ الفاسد؛ الذي وصلَ بالطرقِ....!، نقولُ فيه، وفي منْ منحهِ صوته، ولوثَ إبهامهُ بالحبرِ الأزرقِ ( حسبنا اللهُ ونعمْ الوكيل ). فقدٌ حصلتْ المعصيتان: الأولى؛ معصيةَ الناخبِ الذي اختارَ الفاسد، والثانية؛ معصيةُ المرشحِ الذي استخدمَ المالُ الحرام، أوْ الجاه، أوْ العشيرة، أوْ القومية، أوْ الدينِ المسيس، للفوز في ما لايستحقه. نعمْ ؛ لقدْ نالَ هؤلاءِ الإعدادِ  والأرقام، التي تؤهلهُم للفوزِ بمقعدٍ في مجلسِ النواب، وهمْ يعرفونَ جيدا – قبلَ غيرهمْ – أنَ الشعبَ العراقيَ ، رافضٌ لهمْ      ( اسماً ومسمى) .  أنَ وجودَ النائبِ في مجلسِ النواب، لا يمثلُ طائفةً أوْ دين أو قوميةٍ أوْ عشيرةٍ بعينها، بلْ يمثلُ شعبَ العراقِ كله، البالغَ تعدادهُ أكثرَ منْ (46) مليونِ نسمة، الممتدَ منْ زاخو شمالاً إلى الفاوْ جنوبا. وبفوزهِ الفاسدين، وللأسف، فقد تلوثُ جزءاً منْ سماء وهواء الوطنِ العزيز.     لقدْ توسلتْ إليكم، أيها الناخبونَ الكرام، عبرَ مقالاتِ عدة، نشرتها في وسائلِ الإعلامِ المختلفة، منْ الصحافةِ إلى المواقعِ الإلكترونية، ووسائلُ التواصلِ الاجتماعي، راجياً ومتوسماً منكم؛ أنْ تضعوا العراقُ أولاً وأخيرا، أمامَ أعينكم، وأنتمْ تدلونَ بأصواتكمْ الكريمةِ في اختيارِ منْ يمثلونكمْ في مجلسِ النواب. وقول المرجعية الكريمة: المجرب لا يجرب ، ولكن.....!     لمْ أطلبْ المستحيل في كتاباتي، بلْ فقطْ، قول الحق: الصدقَ والأمانة، بلْ استحلفتهمْ باللهِ سبحانهُ وتعالى، بدافعَ حرصي الشديدِ على وطنيٍ العزيزِ (العراق) ، وذكرتهمْ بالعديدِ منْ الآياتِ الكريمةِ التي تحثُ على هاتانِ الصفتان( الصدق والأمانة).

وعود كاذبة

 فاستجابَ البعض لهذا النداء، واقتنعَ بفكرةِ اختيارِ الشخصِ المناسبِ في المكانِ المناسب، بينما تمردَ الآخرونَ على هذا الطرح، انسياقاً خلفَ وعودٍ كاذبةٍ في التعيين، أوْ في موائدَ أقامها أوْ سيقيمها بعضَ الفاسدينَ منْ المالِ الحرامِ، الذي جمعوهُ. ولا نقولُ لهم اليوم ، إلا بما أمرنا بهِ الله سبحانه وتعالى: ( يومٌ يبعثهمْ اللهُ جميعا فيحلفونَ لهُ كما يحلفونَ لكمْ ويحسبونَ، أنهمْ على شيء، إلا إنهمْ همْ الكاذبونَ). سورة المجادلة: 18 . بعدما تبينَ الخيطُ الأبيضُ منْ الخيطِ الأسود، وانكشفَ الغطاءُ عنْ الحقائق. فليتقي الله كل منْ تولى أمرُ هذا الشعبِ المظلوم. أملي من السادة والسيدات من الكفاءات وذوي الخبرة، الذين انتُخبوا بصدق وأمانة لعضوية البرلمان، والذين يخافون الله ،ويحرصون على مصلحة الوطن، أن يبادروا في أول جلسة لهم إلى تشكيل كتلة برلمانية ، باسم: (كلا للفاسدين(  ويجعلوا هذا الاسم عنوانًا دائمًا لأنشطتهم البرلمانية، وحتى يوضع على طاولاتهم مع أسمائهم التعريفية. ليكن مشروعهم الأول في البرلمان، هو مكافحة الفساد بلا تهاون، مع الإسراع في تشريع قانون (من أين لك هذا؟»)، أو تفعيله إذا كان موجودًا دون تطبيق، ليكون أول قانون يناقش في الفصل التشريعي الأول. الذي يهدف إلى استعادة الأموال العامة التي حصل عليها البعض بغير وجه حق، وإعادتها إلى خزانة الدولة (ديوان بيت المال) لتصرف في مواضعها الحقيقية، مستلهمين بذلك النهج الذي اتبعه الإمام علي بن أبي طالب(ع) والخلفاء الراشدون في المحافظة على أموال المسلمين. كما يجب على الدوائر الرقابية المختصة القيام بدورها فور أداء النواب الجدد اليمين الدستورية، من خلال توثيق ذممهم المالية الحالية، ومقارنتها، بما ستكون عليه بعد انتهاء الدورة الانتخابية، لضمان الشفافية والمساءلة. وعلى البرلمان الجديد وضع نظام داخلي صارم يمنع منح أي سلف تحسين معيشة سرية تُصرف لاحقًا بقرارات شكلية دون معرفة الشعب بها. فمن لا يلتزم بالعمل الحقيقي وواجباته أمام الشعب، مكانه ليس في قبة البرلمان، بل إلى جانب الباحثين عن العمل الحقيقي في الشوارع العامة. ولنقتدي بتجارب الدولِ التي سبقتنا في العملِ البرلمانيِ الرصين، في منح المكافات الموقتة للأعضاء، فمجرد انتهاء الدورة الانتخابية، يعود كل نائب الى عمله السابق، بدون أية امتيازات أو حقوق، فالعضوية في المجلس، تكليف مؤقت لا توظيف في الخدمة العامة،  ولنرفضُ التبذيرِ في المال العام، كما في قولهِ تعالى: ( إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ) سورة الإسراء، الآية 27. وذلك بهدف توفير أموال الدولة لمشاريعها وخططها وخدماتها المختلفة، بما في ذلك رواتب الموظفين العموميين والمتقاعدين والمستفيدين من نظام الرعاية الاجتماعية، الذين تتأخر رواتبهم شهريًا بحجة عدم توفر السيولة النقدية، مما يضعهم في صعوبة بالغة في دفع إيجاراتهم، أو تأمين معيشتهم، أو شراء أدوية أمراضهم المزمنة.


مشاهدات 58
الكاتب محمد خضير الانباري
أضيف 2025/11/17 - 2:16 AM
آخر تحديث 2025/11/17 - 5:14 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 179 الشهر 11940 الكلي 12573443
الوقت الآن
الإثنين 2025/11/17 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير