حين يجلد البعض ذاته و مجتمعه لعلة فيه
احسان باشي العتابي
اثار تصريح المدعو عزت الشابندر، الذي قال فيه: “بالعراق احنا وصخين بالفطرة، وتوارثنا الخربطة والوسخ من جداتنا”، موجة من الغضب والاستنكار لدى العراقيين الاحرار دون سواهم، لما تضمنه من اساءة صريحة للكرامة العراقية، وللبيئة الاجتماعية ،التي انجبت اجيالا من الكفاءات ،والعقول ، والشخصيات الوطنية ،التي سطرت مواقف مشرفة في ميادين العلم ،والسياسة ، والنضال.كم هو مؤلم ،ان يصل الحال ببعض الشخصيات ،حد جلد الذات ،الى درجة اتهام المجتمع العراقي بأكمله، بصفات مشينة لا تمت الى الواقع بصلة. فحينما يعجز الفرد عن مواجهة عقده الشخصية او فشله في تحقيق مكانة مشرفة بين ابناء وطنه، يلجأ الى تبخيس الاخرين وتعميم عقده على الجميع.
ان من يتجرا على اتهام العراقيين»بالوساخة” و”الخربطة”، انما يعكس بيئته الخاصة التي نشأ فيها دون ادنى شك، لا طبيعة العراقيين الذين عرفوا عبر التاريخ بعزة النفس والكرم والاباء.واذا كانت جدت عزت الشابندر – كما يقول – قد اورثته تلك الصفات التي يصف بها نفسه ومحيطه، فليس بالضرورة ان تكون جدات العراقيين قد اورثتهم ما اورثته جدته.
فالجدات العراقيات انجبن رجالا ونساء صمدوا في وجه الغزاة، ورفضوا الذل والخنوع لاي قوة اجنبية، في حين ان بعض من يتحدث باسم العراق اليوم لا يجد حرجا في الافتخار بخدمته لمن اهانه او بصق في وجهه، كما ورد في تصريح سابق للشابندر نفسه.العراقيون ليسوا كما وصفهم صاحب سفسطة الكلام،فهم ابناء حضارة تمتد جذورها الى الاف السنين، واحفاد من شيدوا اولى المدن وكتبوا اولى الشرائع، وهم من علموا البشرية معنى الكرامة والسيادة. واذا كان البعض قد فقد بوصلته الوطنية، فذلك شأنه، لكن لا يحق له ان يلوث سمعة وطن بأكمله بتصريحاته غير المسؤولة.
ان تصريحات كهذه لا تعبر الا عن اصحابها، ولا تمس جوهر العراقيين الذين اثبتوا في كل المراحل انهم اكبر من ان يقاسوا بمقاييس الدونية او التبعية التي تقيد بعض من باعوا انتماءهم للاخرين لمختلف الاسباب.
ويبقى العراق، رغم كل ما يقال، وطنا عصيا على الاهانة، شامخا برجاله ونسائه، لا يضيره ما يقوله الصغار مهما علا صراخهم.واخيرا وليس اخرا،سيكون العجب ليس ما تفوه به المدعو عزت الشابندر،بل سكوت الجهات المعنية على هكذا اهانة طالت العراق بكل ما يمثله! ليبقى الاحرار من العراقيين كما اسلفت ،هم فقط من تصدوا لترهاته وكاتب هذه السطور احدهم.