الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
قيادة متزنة لعراق أكثر إستقرارًا.. نیجیرفان البارزاني والرئاسة المحتملة

بواسطة azzaman

قيادة متزنة لعراق أكثر إستقرارًا.. نیجیرفان البارزاني والرئاسة المحتملة

عطا شمیراني

 

يتجه المشهد السياسي العراقي في السنوات الأخيرة نحو مرحلة حساسة ومعقدة، تتطلب من القوى السياسية إعادة تقييم تحالفاتها وأولوياتها الوطنية. في هذا السياق، يبرز اسم نيجيرفان البارزاني كواحد من أبرز الشخصيات التي يمكن أن تشكل جسرًا بين مطالب الأقاليم وضرورة الاستقرار في بغداد. فمع تراكم الخبرات الإدارية والسياسية، أصبح البارزاني نموذجًا للقيادة الفاعلة التي تجمع بين الالتزام بالدستور الفيدرالي والقدرة على المناورة داخل الواقع السياسي المتشابك في العراق. نيجيرفان البارزاني ليس مجرد سياسي كردي يسعى إلى تعزيز موقع إقليم كردستان؛ فهو شخصية برزت في إدارة حكومة الإقليم بكفاءة استثنائية، حيث تمكن من مواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية والأمنية في وقت كانت البلاد فيه على شفا أزمات متعددة. إدارة الأزمات هذه منحت البارزاني مصداقية واسعة، ليس فقط داخل الإقليم، بل على مستوى بغداد والدول الكبرى التي تتابع المشهد العراقي عن كثب. لقد أثبتت قيادته قدرة على الموازنة بين مطالب المواطنين الكرد وواجباته نحو الدولة العراقية، ما جعله خيارًا محتملًا ليس فقط للتمثيل الرمزي، بل لرئاسة الدولة بشكل فعلي، إذا ما توافرت الشروط السياسية المناسبة.

الرئاسة في العراق منذ اتفاقيات ما بعد 2003 ترتبط بتوازنات طائفية وإقليمية دقيقة، حيث تُخصص غالبًا للكرد، لكن ذلك لا يعني تلقائية المنصب، بل يعتمد على قدرة المرشح على تشكيل تحالفات وطنية فاعلة. هنا تظهر أهمية نيجيرفان البارزاني، الذي يمتلك قدرة كبيرة على التواصل مع القوى السياسية المختلفة في بغداد، فضلاً عن فهمه العميق لطبيعة التحالفات والتوازنات التي تحكم العملية السياسية العراقية. هذا الفهم يجعل منه شخصية قادرة على أن تكون جسرًا بين الأكراد والمكونات الأخرى، مع الاحتفاظ بالمصداقية الوطنية التي تكسبها الخبرة الإقليمية والالتزام الدستوري.

تدخلات خارجية

على الصعيد الإقليمي والدولي، يتميز البارزاني بقدرة على الموازنة بين العلاقات مع الجيران والدول الكبرى، بما يعزز من فرص نجاحه في أي سباق رئاسي محتمل. العراق اليوم يحتاج إلى رئيس قادر على حماية مصالح الدولة الوطنية من التدخلات الخارجية، وفي الوقت نفسه الاحتفاظ بعلاقات متوازنة مع القوى الإقليمية. خبرة نيجيرفان في التعامل مع الضغوط الإقليمية والدولية تمثل عنصر قوة مهم، لأنه يضمن أن تكون رئاسة العراق في زمنه ليست مجرد منصب شرفي، بل منصة لتعزيز الاستقرار الوطني وتحقيق التوازن بين مصالح الإقليم والوطن.

ومع ذلك، الطريق نحو رئاسة العراق محفوف بالتحديات. فالاستقطابات الحزبية والطائفية ما زالت قوية، والتنافس على المناصب العليا محتدم بين القوى الكبرى في بغداد. أي ترشح كردي للرئاسة يواجه اختبارًا حقيقيًا في قدرة المرشح على تجاوز هذه الانقسامات، خصوصًا إذا لم يتمكن من حشد دعم واسع من القوى الشيعية والسنية، الذين يشكلون العمود الفقري لأي تحالف سياسي فعال. بالإضافة إلى ذلك، فإن أي خطوة بهذا الاتجاه تتطلب إدارة دقيقة للتوازن بين طموحات الإقليم وحقوقه الدستورية، وبين الحفاظ على وحدة العراق واستقراره السياسي.

السيناريوهات المحتملة لترشح نيجيرفان البارزاني للرئاسة متعددة. يمكن أن ينجح في حال بناء تحالفات قوية وداعمة، ما يعكس نضجًا سياسيًا وقدرة على القيادة الوطنية. وفي المقابل، قد يتعرض للتعثر إذا اصطدم بالاستقطابات الطائفية والحزبية، ما قد يحد من تأثيره المباشر على المشهد الرئاسي، لكنه يبقى لاعبًا مؤثرًا بصموده السياسي وقدرته على التأثير في صنع القرار الوطني. حتى لو لم يصل إلى منصب الرئاسة، فإن ترشحه وحده يرسخ موقع الإقليم في الحوار الوطني ويعطي الأكراد صوتًا أقوى في عملية صنع القرار، ما يعكس قوة قيادته الرمزية والاستراتيجية.

إن الحديث عن نيجيرفان البارزاني كرئيس محتمل للعراق ليس مجرد تحليل سياسي، بل انعكاس لرؤية أوسع حول طبيعة الدولة العراقية ومستقبل الفدرالية فيها. فهو يمثل نموذج القيادة التي يمكن أن تجمع بين الطموح الوطني والقدرة على إدارة التعددية داخل الدولة، مع الالتزام بالدستور وحماية مصالح الجميع. نجاح أي شخصية كردية في هذا المسار يعتمد على قدرة المرشح على تقديم رؤية وطنية متكاملة، تجمع بين الاستقرار السياسي، والكفاءة الإدارية، والقدرة على التواصل مع جميع المكونات العراقية، إضافة إلى الاحتفاظ بعلاقات متوازنة مع الفاعلين الإقليميين والدوليين.

في نهاية المطاف، يشكل ترشح نيجيرفان البارزاني محتملًا للرئاسة اختبارًا حقيقيًا لنضج العملية السياسية في العراق، وقدرة القوى السياسية على تجاوز الانقسامات التقليدية، لصالح بناء دولة أكثر استقرارًا وعدالة. هذا السيناريو، سواء تحقق أو لا، يضع البارزاني في قلب المشهد السياسي العراقي، كرمز للقيادة المتزنة، والطموح الوطني الذي يلتقي مع التحديات الواقعية، ليصبح نموذجًا لما يمكن أن يكون عليه العراق الجديد في مرحلة إعادة التوازن والتفاهم بين المركز والأقاليم.!

 

 


مشاهدات 139
الكاتب عطا شمیراني
أضيف 2025/11/10 - 7:23 AM
آخر تحديث 2025/11/10 - 7:36 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 701 الشهر 7140 الكلي 12368643
الوقت الآن
الإثنين 2025/11/10 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير