الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
القطارة التركية – الإيرانية والعطش العراقي

بواسطة azzaman

القطارة التركية – الإيرانية والعطش العراقي

رعد البيدر

 

قراتُ على وسائل التواصل مضموناً أختصِرُ بعضه للقارئ، وأضيفُ على حقائقهِ ما أراهُ يُعزِز الوضوح - دونَ رُتوش: نقصُ مياهنا ليست عقوبةً سماويَّةً، وتُركيا وإيرانُ لا تُحاصِراننا بِحَبسِ الماءِ صُدفة؛ لأنهُما تكرهانِ العراق، بل لأنَّ مصلحتُهما تقتضي أن يبقى أرضًا عطشى وسوقًا مفتوحًا لتصريف بضائعهم. الحقيقة التي لا تُدرِكُها الأغلبية، أن كلُّ نهرٍ يجفّ في أرضِنا يُقيم مشاريعَ جديدة على أراضيهم، وكلُّ مزارعٍ عراقي يتركُ أرضَه يمنحُ الفرصةَ لمزارعٍ تُركي أو إيراني ليزرعَ ويُصدّر إلينا منتوجهِ. ومع هَجرِ المزارعِ تُغلَقُ المعاملُ التي يعتمدُ إنتاجُها على وفرةِ المنتوجِ الزراعي، وبالمقابل تُفتَح مصانعُ جديدة في بلدانهم.

حينَ يتوقّفُ جَرَيان نهر أو ينخفضُ منسوبُ مياهه، ستتوقّفُ الكهرباء، فنشتري الغازَ من إيران، والكهرباءَ من تُركيا، والمنتوجَ الغذائي من كليهما. تُركيا حبَسّت ما يُقارب 70٪ من مياهِ دِجلةَ والفُراتِ التي كانت تصلنا في السنين السابقة، وإيران حرَّفَت مجرى ثلاثةٍ وأربعينَ رافدًا من أصلِ خمسةٍ وأربعينَ كانت تصبُّ في دِجلةَ وشطِّ العرب. كلا البلدَين لا يعترفُ بأنَّ رافدَينا أنهار دوليّة، ويتوخَّيانِ أن يَبِيعا الماءَ لنا كما نبيعُ نفطَنا - (هاك بهاك)!

بالمقابل، نحنُ مُخطئون حينَ نهدرُ الكثير من الماءِ. كنا وما زلنا نختلفُ على المذاهبِ والسياسةِ، ونغضُّ الطرفَ عن حقيقةٍ مُؤلمةٍ: أن المشكلةُ ليست في تركيا وإيران فحسب، بل فينا ايضا؛ فسياستُنا المائيّةُ فاشلةٌ، وإدارتُنا رخوةٌ، وشعبُنا لم يتعلّم بعدُ أنَّ الماءَ حياةٌ لا تُهدر.

نُلخّصُ ما بَيّناه في مُعادلة بسيطة: أن كلُّ قطرةٍ تُمنعُ عنّا تفتحُ لهم مصنعًا، وتُتيحُ فُرصةَ عمل، وتزيدُ صادراتِهم إلينا. ونحنُ متوهمون في (جارٍ مُحبٍّ) يُراعي مذهبنا أو عواطفنا، ومُتغافلونَ عن أنَّ الماءَ صارَ سلاحًا ناعمًا يضربُنا في الزراعةِ، والصناعةِ، والطاقةِ، وكرامةِ الاكتفاء.

إنْ لم نَفقَهْ ما تستهدفُه تُركيا وإيرانُ من سياستِهما المائيّةِ تجاهَنا، فغدًا سندفعُ ثمنَ عطشنا من خُبزِنا ومن كرامتِنا. نَختَتِمُ: بأن من أرادَ أن يفهمَ فقد فَهِم، ومن لم يُرِدْ فَلّن يَفهمَ ما دامَ حياً؛ بأنَ الأتراكُ والإيرانيّونَ يعملونَ بعقليةِ دولةٍ تخطّطُ لمستقبلِها، ونحنُ ما زلنا نعيشُ بعقليةِ مَن ينتظرُ غيثَ السماء ويُصلّي لِيَسْتَسْقِي حينَ تقلُّ الأمطار؛ والأصح أن يُحسِنْ إدارةَ سياستِه المائيّةِ حينَ تجفُّ الأنهارُ.

 

 

 


مشاهدات 20
الكاتب رعد البيدر
أضيف 2025/11/08 - 3:28 PM
آخر تحديث 2025/11/09 - 1:12 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 77 الشهر 5816 الكلي 12367319
الوقت الآن
الأحد 2025/11/9 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير