الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الملف غير التقليدي لمبعوث ترامب الجديد

بواسطة azzaman

الملف غير التقليدي لمبعوث ترامب الجديد

ادهم ابراهيم

 

في خطوة أثارت جدلاً واسعاً داخل الأوساط السياسية والإعلامية، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 19 أكتوبر/تشرين الأول عن تعيين رجل الأعمال العراقي الاصل مارك سافايا ممثلاً خاصاً له في العراق. غير أن اللافت في هذا التعيين ليس فقط عودة واشنطن لتكليف مبعوث خاص للعراق، بل الملف الشخصي غير التقليدي الذي يحمله سافايا ، إذ ذاع صيته في الولايات المتحدة بتأسيسه مشروعاً قانونياً ناجحاً لزراعة الماريجوانا في ولاية ميشيغان .

المبعوث الجديد “ليس دبلوماسياً مثل الآخرين”، بل رجل أعمال ، يمتلك شبكة علاقات واسعة في الأوساط السياسية والاقتصادية الأمريكية. ومع ذلك، يرى مراقبون أن اختيار سافايا يعكس تحولاً في منهج واشنطن تجاه العراق، من الدبلوماسية التقليدية إلى إدارة الصفقات والمصالح الاقتصادية المباشرة.

فقد سبق أن كلفت إدارة ترامب مبعوثين خاصين إلى مناطق ساخنة مثل لبنان وسوريا وإسرائيل وغزة، في سياق ما تعتبره الولايات المتحدة “ملفات الأزمات”. ويبدو أن إرسال مبعوث خاص للعراق يندرج ضمن هذا السياق، في ظل تصاعد التوترات ، وضعف مؤسسات الدولة العراقية أمام نفوذ الفصائل المسلحة.

كتب ترامب على منصته «تروث سوشيال» أن “فهم مارك العميق للعلاقات العراقية-الأمريكية، وعلاقاته في المنطقة، سيساعد على تعزيز مصالح الشعب الأمريكي”.

   أن هذا التعيين يأتي في وقت حساس يسبق الانتخابات العراقية المقررة في 11 نوفمبر/تشرين الثاني ، وسط احتدام الجدل حول مستقبل العلاقات مع كلٍّ من الولايات المتحدة وإيران.

ان تعيين سافايا يحمل رسائل اقتصادية واضحة، فاختيار شخصية من عالم الأعمال وليس من الدبلوماسية يوحي بأن واشنطن تسعى إلى ترتيب أولوياتها في العراق عبر صفقات اقتصادية واستثمارية قد تحدّ من النفوذ الإيراني ، إضافة إلى إعادة رسم العلاقة بين الدولة العراقية والفصائل المسلحة التي تمثل العقبة الأبرز أمام أي استقرار سياسي واقتصادي حقيقي.

لكن تساؤلات كثيرة تُطرح:

لماذا لم يُعيَّن خبير اقتصادي أو شخصية تنموية لإعادة بناء الاقتصاد العراقي؟

ولماذا اختير رجل أعمال ارتبط اسمه بزراعة الحشيش؟

هل لأن بعض الساسة العراقيين اليوم لا يختلفون كثيراً عن تجار المصالح، كما يرى منتقدو المشهد السياسي؟

تجاوز ملفت

والمفارقة المثيرة للسخرية ، أن بلداً عمره أكثر من سبعة آلاف عام يُرسَل إليه مزارعُ قنبٍ ليجعله عظيماً . وتعد هذه الخطوة تجاوزا لافتا للنخب العراقية التي تزخر بالكفاءات العلمية والأدبية والفنية، مقابل استقدام شخصيةٍ مثيرةٍ للجدل من عالم تجارة الماريجوانا .. تُظهر التجربة أن إرسال مبعوثين خاصين من قبل واشنطن لا يعني نيةً لإحداث تغيير جذري، بقدر ما يعكس رغبة في إدارة الأزمات لا حلها. وهذا ما يبدو جلياً في الحالة العراقية، حيث تتشابك مصالح واشنطن وطهران على أرضٍ مثقلةٍ بالأزمات. من جهة أخرى، عبّر وزير الخارجية الأمريكي مارك روبيو في اتصالٍ مع رئيس الوزراء العراقي عن قلق واشنطن من الدور المزعزع للميليشيات المدعومة من إيران، مشيراً إلى أنها “تهدد حياة وأعمال الأمريكيين والعراقيين وتنهب موارد الدولة لصالح طهران”.

وفي المقابل، تسعى طهران إلى ضبط فصائلها الموالية للحفاظ على النظام السياسي القائم الذي يضمن لها مصالحها الاقتصادية ونفوذاً استراتيجياً في المنطقة.. في خضم هذا المشهد المعقد، يبقى العراق الميدان المفتوح لتجاذبات القوى، بين طموح واشنطن في ضبط إيقاع السياسة العراقية على وفق مصالحها ، ومساعي طهران في تكريس نفوذها، وبينهما شعبٌ أنهكته كتل سياسية فاسدة ، يبحث عن نخب وطنية تحقق له عظمة اصيلة لامستوردة من الخارج .


مشاهدات 48
الكاتب ادهم ابراهيم
أضيف 2025/11/01 - 12:53 AM
آخر تحديث 2025/11/01 - 10:15 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 353 الشهر 353 الكلي 12361856
الوقت الآن
السبت 2025/11/1 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير