- قراءة في كتاب ذاتك من المعرفة إلى المسؤوليَّة للدكتور زامل العريبي
علي إبراهيم
- كانت القراءة في سبعينيات القرن الماضي لها من الاثر الكبير في الوعي الثقافي؛ذلك إنَّ الإصدارات الثقافية من الجرائد ، والمجلات الاسبوعية ، والشهرية٠ قد اتاحت لنا فرصة المتابعة المستمرًّة، وإنتظار لموعد صدورها؛ ومن ذلك المقالات التي ظهرت على صفحات مجلة العربي الكويتيَّة لادباء ،ومفكرين امثال الدكتور زكريا إبراهيم ،والدكتور زكي نجيب محمود، والدكتور فاخر غافل؛ وكتاباتهم عن الإنسان،دوافعه، ونوازعه وحقيقة بقائه على الارض فاعلًا ومؤثرًا وعن الاخلاق وازمة العقل والإنسان المعاصر بين السعادة والشقاء، وحتى كتابات الاديب منير نصيف في الاسرة لا تخلو من كتابات تمسَّ الإنسان عن الحُب،والشباب ،والحياة بلا خطَّة؛ اوكتابات الدكتورعبد الحليم منتص عن الإنسان والاخلاق٠
- امَّا في مجال الكُتُب ،فقد أتحفنا الاديب المصري رجاء النقَّاش بكتابه "تأ ملات في الإنسان"عبرمقالات وخواطر وقصص ضمَّهامؤلفه يقول بمقدمته" واودُّ ان يسمح لي القراء هنا بإعتراف خاص هو انني احبُّ هذا الكتاب اكثر من ايَّ كتاب آخر لي، وذلك ببساطة لانني كنت احاول اثناء كتابته ان اعالج نفسي من الحزن،والضيق بالحياة٠ وقد يعلل ذلك بالإنتصار"كنت احاول ان انتصر على عوامل الهزيمة الروحية التي اوشكت يوما ان تسدَّ امامي كافة الطرق وان تسلب منَّي ايّ حماس للحياة او ابتهاج لها" وكذلك مؤلف كتاب" الإنسان ذلك الكائن الفريد" للفيلسوف البريطاني جون لويس كما يذكره الدكتور صالح جواد الكاظم في ترجمته للكتاب وعنوان للفصل الثاني عشر الإنسان يصنع نفسه٠
- وهذه المقالات كانت مواكبة لمرحلة الإطلاع على المعرفة فيما يخص الانسان وذاته٠وفي الوقت القريب بعد سنوات التغيير شهدت ظهور دراسات عن التنمية البشرية ،وإصدارات منها كتاب "ذاتك من المعرفة إلى المسؤولية" للدكتور زامل العريبي الذي إعتمد فيه على المحطَّات بصيغتها الدالة على التوقف والتآمل لكل محطة من المحطات الخمس٠ والكتاب فيه من المقولات القصيرة لمفكرين عرب ، وأجانب وهي لتعزيز تلك المقالات التي ضمهَّا مؤلفه٠
- يبدا المحطة الاولى حول الذات ، ويفرَّق بين الذات الحقيقة ، والذات المزيَّفة من خلال ما كتبه المؤلف" عندما تكون ذاتنا الحقيقية سنشعر بأننا أحياء وبأننا سعداء ومفعمون بالحريَّة والإلهام والرضا نحن نشعر بشكل عام بأننا موجودون في اللحظة التي نعيشها صالحون ،وحقيقيون، ومتوازنون"ص٨٠/ والذات المزيفة يميَّزها من خلال الأقنعة ومنها" قناع الشرير، قناع الضحية، القناع الوظيفي"
- والمحطَّة الثانية عن سيكولوجيا الصورة الذاتيَّة، وكيف تغيَّر صورتنا الذاتيةو يتخذ من مقولة روبرت شيفنسون " ان نكون ما نحن عليه، وان نصير ما نحن قادرون على ان نكوَّنه …هو الهدف الوحيد للحياة"ويعبَّر عنها ٠د٠ زامل" عن إ ستمرار التناقض في الصورة الذاتيَّة"
- ………………………………………………………
- امَّا المحطَّة الثالثة فتقف عند عنوان النجاة في الصدق يقول في ص ١٩٧/ " إنَّ صدقك مع ذاتك سيساعدك على ان تجد نفسك وتعرفها، ستخلق إرادة داخلية لتجميع شتات نفسك، وتبدأ بترتيب اولياتك٠"ويمكن ان ناخذ من محطَّة د٠ زامل عن الصدق فيما يخصَّ الإنتخابات،وما شابهها من ضياع لمفهوم الصدق، وتفشَّي المصلحة، والمنفعة ممزوجًا مع الكذب ثُمَّ الكذب، وحجم النتائج السلبية التي سوف تترتَّب على ذلك مستقبلًا٠
- وتتناول المحطَّة الرابعة عنوان تحسين الذات " حيث لا احد يتحَّسن بالمصادفة" وما فيها من وقفات عند الدكتور العريبي من اتخاذ القرار، والتوقف عن الإعتذار ،وقانون العلاقات يقول فيها" إنَّ العلاقات الاساسية في حياة كلّ شخص تشمل-١ علاقتك بالله٠-٢ غلاقتك بنفسك٠-٣ علاقتك بالآخرين٠-٤ علاقتك بالأشياء/ص٢٥٥
- ويقرر د٠ زامل في المحطة الخامسة عن دور" المسؤولية الذاتية لتحصل على الحياة التي تريد" وفي عشر مناطق يذكرها بين"رحلة البطل، وهل عرفت اهدافك؟، وانت مدير حياتكَ ،وتحمَّل مسؤوليتك ١٠٠٪، وحياتك هي مجموعة من الإختيارات ،إنَّك تستطيع انت من تختار المرض،المسؤولية الذاتية والتعلَّم من الآخرين، المسؤولية الذاتية والذكاء٠، رسالتك الشخصَّية٠/ص٢٦٥ وقد لقت انتباهي في ص٣١٠ عن قياس العمر وما اعتدنا عليه في الإجابة عن سؤال كم عمرك؟ويكون الجواب رقمًا، ولكن د٠ زامل يذكر "إنّ هناك ثلاث طرق لقياس العمر،وهي العمر الزمني ً:عمرك بالسنين التي قضيتها٠* العمر البيولوجي(العضوي): يتعلق بصحة اعضائك*** العمر النفسي:وهو ما يتعلق بأحاسيسك ومشاعرك٠ وهذه كلَّها لها من التاثير على حياة الإنسان٠
- هذه وقفة قصيرة عند محطات كتاب الدكتور زامل العريبي بطبعته الاولى٢٠٢١/ بواقع ٣٤٠ صفحة والوان مختلفة لكل من المحطات الخمس،والصادر عن دار الساعة للطباعة والنشر ٠والسؤال الذي يطرح نفسه مادور كُتُب التنمية البشريَّة في ثقافة المجتمع؟ الذي يجمع بين الحنين للماضي،وضرورة تاثير الجانب الديني فيه، وقد إتسعت مساحته في الشعائر والطقوس التي يواظب عليها الشباب،واخرى تحاول ان تتفهَّم مشروع الديمقراطية التي دخلت بعد التغيير للبلاد، والدعوة إلى الحرية ، والإفلات من قيود الماضي دون قيود او مراقبة وكلا الطرفين إذا ما طبَّقنا عليهم محطات ذاتك مؤلف الدكتور زامل ،فماذا ستكون النتائج بين الذات والمسوؤولية وصورة الذات ،والصدق معها؟ وما يميَّز الكتاب هو إيراد المقولات القصيرة مقولات للمفكرين ،والادباء الاجانب والعرب لاجل تطعيم كلِّ محطة بما يناسبهامن تلك المقولات، ونقطة ثانية هي ما مدى تاثَّر المؤسسات الطبية ،والجامعات بما يصدر من كتب تضع الحلول،والنتائج ، وترشد المحتاج إلى ترويض ثقافة الذات، وأن تساهم المنتديات الادبية، و الاتحادات الثقافية في عقد جلسات تخصَّ حالات العنف المتزايدة ،والمخدرات واتساع رقعة انتشارها، وظاهرة الانتحار بين الشباب وضرورة وضع الحلول لها، وكثرة حالات الطلاق، وشيوع القتل العمد،وحالات القفز في التعليم العالي بالحصول على الشهادات العليا دون تقييم اكاديمي محايد من اجل زيادة في الراتب، وهذه كلَّها هي نتيجة غياب ثقافة المجتمع إلاَّ القليل منها دون إعلام وصحافة٠
- نختم قراءة كتاب ذاتك عند المحطَّة الرابعة بسطور للدكتور زامل يقول في ص٢١٥/ "إنَّ الطريقة الوحيدة لتحسين جودة حياتك هي ان تحسَّن ذاتك إنَّ الشخص الوحيد الذي تمتلك القدرة على تغييره هو نفسك"٠