شكرًا ترامب
علي حجارة
بل وألف شكر ... ربما تستغرب، ولكن لم الاستغراب ؟ .. فالمقاول ورجل الأعمال ونجم تلفزيون الواقع، والرئيس الخامس والأربعين ومن ثم السابع والأربعين للولايات المتحدة الأمريكية كان ولا يزال واضحًا في تحركاته، ولم يدخر جهدًا كي يُعلن في أكثر من مرة مدى هشاشة النظام العالمي أمام كلمة القوة ... القوة فقط ولاغيرها ... لا نُظم أخلاقية أو مبادئ إنسانية .. لا مجلس أمن أو تحالفات دولية .. هي فقط مصالح شركات تتضارب فيما بينها تحت عباءة سياسية، والرجل كما أسلفت لم يُبين عكس ذلك، فهو شفاف في مسألة تقديم الحماية مقابل المال، وسافر فيما يتعلق برغبته احتلال دول أخرى من أجل النفط، ومكشوف في علاقته مع أبستين، وصارخ في مسألة منع الهجرة، ولم يُغطِ ولاءه لمن يمده بالمال، كما لم يعلن ما يخالف غايته التي تتعلق في الأساس بالمال والثروة وجلب المنافع للولايات المتحدة ... شكرًا ترامب لأنك أبنت عن الوجه الحقيقي للعالم، الوجه الذي يتهرب منه الكثير لأنهم لا يعرفون كيف يتعاملون مع عالم موحش لايعترف سوى بالقوة، شكرًا لأنك فاضح، غير مثالي، ولا تقدم لنا مقدمات أخلاقية تسبق الفاجعة ... أنت تقدم لنا الواقع كما هو، صافيًا كما عناوينك، فوزارة الدفاع خاصتك أصبحت وزارة حرب، والتحالفات المصيرية أصبح اسمها المال مقابل الحماية، والسباق التقني أصبح أسمه ثقافة الاحتكار العلمي، وهكذا كل شيء يتمحور حول الفائدة والزيادة، والربح، والمنفعة، ومغانم الإنتاج، والكسب السريع،والنفقات، والضريبة ... الخ، من المسميات التي تلهب صدور الكثير كي تعود أمريكا عظيمة مرة أخرى، أو ربما هي عودة العالم إلى عظمته ! ... شكرًا ترامب من القلب، لأن عهدك كان حقيقيًا للغاية، لم يكن عهد ادعاءات الديمقراطية، وإعلان أمريكا مسؤوليتها عن الحرية في العالم، هو عهد يُشير مباشرة إلى الهدف، بلا لفٍ أو دوران، وهو بالتأكيد أهون من أن نصدق الصورة التي بنيت في أذهاننا طوال الثلاثين سنة الماضية، عن قوة الديمقراطية التي عبرت البحار كي تدفع البشرية بشكل عام ودول العالم الثالث بشكلٍ خاص نحو عالمٍ أفضل.