الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
وحيّد الحاج عبود.. سجية النخوة والكرم المكتوم

بواسطة azzaman

وحيّد الحاج عبود.. سجية النخوة والكرم المكتوم

عادل سعد

 

لم أتعرف على شخصية عراقية عامة توفر فيها الحضور العشائري  رفعةً  وسلوكاً مدنياً  ورؤيةً متوازنه مثلما وجدته في شخصية الشيخ الراحل وحيّد الحاج عبود العيساوي .

لقد جرت  عدة لقاءات بيننا بحكم الصداقة والرفقة  القوية التي كانت تجمعه مع والدي  ، وللتاريخ اشير انه زارني في مقر عملي في مجلة الف باء   ، كذلك التقيته مرات اخرى   اثنان منها  في بيت والدي بالنجف واخرى في منزلي  في بغداد ،والطريف ، انهم جلبوا (غداهم ) معهم  تحاشيا لتكليفي، والتقيته في مناسبات اجتماعية .

اصول متخلفة

لقد كنت اجد في فرص تلك  اللقاءات  مجالاً لإجراء حوارات معه وكنت اطمح ان استفيد من نضجه المعرفي

تحاورت معه في العديد من القضايا التي تهم العشائر ، بالاخص الاشكالية التي تتحكم بأغلب العشائر العراقية بين بقائها حبيسة الاصول المتخلفة المنغلقة  في عناد  يمنعها من  تطوير بنيتها الاستيعابية ومجال  الافادة من التقنيات الحديثة  التي اخذت تزحف  الى الريف العراقي ، ورويت له مشاهدتي لسيدة قروية نزلت من سيارة سوبر يابانية حديثة آنذاك ،وكانت حافية القدمين باتجاه احدى العيادات  الطبية ، فعلّق على روايتي ،المشكلة في الرجل الذي كان يرافقها في السيارة ، وقد أدهشني تعليقه لمعقوليته .

في موقف اخر، رويت له عن  احدى حواراتي  مع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات حين سألته عما يخشاه   فاجاب ( اخشى ما اخشاه ان تتحول الخيانة الى وجهة نظر) فعلّق ، (محنة ياسرعرفات ما ضامن المحيطين  به). •وحيّد الحاج عبود ذاكرة عراقية تحمل خزيناً من اصول الاستكشافية بمكونات القوة الناعمة المدعومة بحصافة  وهيبة   وصبر في الاصغاء واحتواء الغضب  ، لذلك كان يستنجد به العديد من العراقيين لحل مشاكل حصلت لهم مع اخرين .

لم تقتصر مهمته هذه  في الوسط العشائري للفرات الاوسط وانما كانت له مواقف في مناطق عشائرية اخرى . •كانت أحكامه ترضي المتخاصمين لأنها تحقق معادلات ( الانتصار المشترك للطرفين) ،  لا حيف  ، ولا مظلومية ، ولا شعور بالانكسار، •من شيمهِ الاخرى متابعته الميدانية المتواصلة لتطبيق التعهدات بين الاطراف المتخاصمة كان يشكل ثنائياً نادراً مع الشيخ حاتم ال حِسن  بالحصافة والقدرة على الاقناع ،والتبشير بالاطمئنان .

لم يكتفِ بخبرته في التصالح التي كان يتمتع بها  خلال جلسات فض خصومات  ، بل كان يدفع من ماله الخاص للصرف على  تكاليف بعضها بكرم مكتوم لكي لا يحرج من لا قدرة له في تلبية أصول الضيافة  ، ولم تكن عند  وحيّد  نزعة  مشايخية استعراضية جهوية  كما هو الحال في الداء العشائري  الذي يضرب اغلب العشائر الان .

لقد تسامى على ذلك رغم انه  يملك الكثير  من الاعتبارات المحفزة المغرية ، اصالة العائلة ، الجاه الاجتماعي الواسع ، التاريخ التحرري الوطني الموروث من والده  احد  الزعماء المبشرين ب(ثورة العشرين) عندما أتخذ من امتدادات قرية العباسيات والكوفة منطلقا لمقاومة  سلطات الاحتلال البريطاني   التي سارعت الى اعتقاله خوفاً من تأثيرات قوة استقطابه واودعته في سجن الحلة عام 1920 .

بدون ادنى شك ،  الوسط العشائري الحالي يفتقد كثيراً لشخصية بوزن  وحيّد  من حيث القيمة التراحمية والحضور المهيب والاستدلال المشرف ، ولي ان اشيد بموقف له  حين  كان على رأس المتواجدين لمدة ثلاثة ايام في مراسم (الفاتحة )التي أقيمت على قاعة  وباحة جامع اليرموك في بغداد لروح شقيقي اللواء أسد .

كان يستقبل ويودع المعزّين بمسؤولية اب متمرس في ابوته  الامينة على الود العميق .

لقد ترك وحيّد الحاج عبود دالة اخلاقية مزينة بالمزيد من معايير العاطفة المحمية بالمنطق والتواضع والاثرة الحسنة .

 


مشاهدات 52
الكاتب عادل سعد
أضيف 2025/10/30 - 5:22 AM
آخر تحديث 2025/10/30 - 8:19 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 273 الشهر 20540 الكلي 12360394
الوقت الآن
الخميس 2025/10/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير