الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
مساج العقل.. إله كل إنسان بحسب جوهره

بواسطة azzaman

مساج العقل.. إله كل إنسان بحسب جوهره

أسماء محمد مصطفى

 

إِلَهُنا واحد، لكنّ قلوبنا وعقولنا متعددة في الشعور والتفكير والرؤية والتجلي.

بعضنا يعبد الله حباً وحمداً وشكراً، وبعضنا خوفاً من عقاب ونار وطمعاً في ثواب وجنة، وبعضنا وفقاً لتصور محدود أو خاطئ، نتشابه أو نختلف في العبادة ومدى رؤية نور الله أو البقاء في الظلمة، وفقاً لإمكاناتنا البشرية ومستويات تفكيرنا المختلفة والمتباينة.

إنّ الله يتجلّى لكل قلبٍ وعقل بمقدار طاقة الإنسان ووعيه ومعرفته وتقواه ورغبته في مزيد من الإدراك، فمن صفت سريرته عرف الله في جماله ورحمته: الرحمن الرحيم، الجميل الودود، الغفور اللطيف، الحليم الكريم. ومن غلب عليه الخوف عرف الله من حسابه وعقابه: الجبار المنتقم، الصمد الحسيب، القهار شديد العقاب.

فإذا كان الله وفقاً للمنظور القرآني الخالق الواحد الذي لا يتغير، ومعرفة الإنسان وإدراكه له بمقدار إيمانه وتقواه وصفاء قلبه وعقله، كما قلنا آنفاً، فإنه وفقاً للمنظور الصوفي يتجلى لكل إنسان بمقدار استعداده الروحي المقترن بالسكينة والنقاء.

فمعرفة الله رحلة قلبية وعقلية ونفسية وروحية ينكشف خلالها النور الإلهي للمرء إذا تهذّب القلب والعقل وترفعا عن صغائر الدنيا وبحثا معاً عن الشعور النقي والمعرفة العميقة، وكما يقول ابن عربي: «ربِّي الذي في قلبي، وربُّك الذي في قلبك، كلاهما واحد، لكنّ الطرق إليه متعددة».

إنّ الطرق إلى الله، كما أرى وأشعر، تستوجب التحلي بالصدق والإخلاص في نية معرفته سبحانه، والحرص على التأمل في آياته المتمثلة بجمال الكون ونظامه العجيب وتوازنه المدهش، وتهذيب القلب والنفس وتطهيرهما من كل شعور سلبي يخدش مرآة النفس الداخلية كالغرور والكره والغيرة والحقد والحسد والنميمة، وتغذية العقل بالأفكار النورانية والإيجابية وتنقيته من الأفكار السلبية، وتحقيق التوازن بين القلب والعقل حتى تلتقي المشاعر والأفكار على طريق النور نفسه، وكذلك مرافقة أهل الحكمة والصلاح والبصيرة.

إنّ الله واحد ثابت، إلّا أنّ قلوبنا وعقولنا ونفوسنا مرايا تعكس جوانب مختلفة من نوره إذا ما أدركت سبل الوصول، ولكلٍّ منا نصيبه من النور الإلهي بمقدار ما في باطن كلٍّ منا من طمأنينة ومحبة وعمق بصيرة ووعي ورغبة بالمعرفة واستعداد للتجلي وتلقي النور.

وإذا كنا ندرك الله بحسب ما في دواخلنا من نور، فإنّ الظلمة يمكن أن تدفعنا له أيضاً، مثلما يفعل اليأس حين نستخرج منه الأمل، إذ إنّ قاع الحياة مليء بالأحزان والآلام التي تغرقنا في الظلمة، فينبثق في لحظة ما من أعماقها ضوء يدلنا على الطريق إلى الله.

وحين يصل قلب الإنسان وعقله ونفسه إلى مستويات عليا من النقاء والوعي، فإنّه يعكس النور الإلهي في مشاعره وأفكاره وتصرفاته وكلماته، ويراه في كلِّ مكان، في كلِّ جميلٍ وحي وخلّاق، في كلّ كلام وتعامل طيبين، في كلِّ شعور صافٍ وفكرة نافعة وحيوية، وفي كلِّ لحظةِ صدقٍ ومحبةٍ وسلام.

 

 

 

 

 


مشاهدات 59
الكاتب أسماء محمد مصطفى
أضيف 2025/10/30 - 5:24 AM
آخر تحديث 2025/10/30 - 8:19 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 276 الشهر 20543 الكلي 12360397
الوقت الآن
الخميس 2025/10/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير