محنة اليسار في العراق

عباس الصباغ

عزا استاذنا المفكر العراقي البروفيسور عبد الحسين شعبان في معرض بحثه حول  اليسار العربي الذي نشره في جريدة (الزمان) العراقية الغراء في حلقات الى عوامل ذاتية ووطنية تخص اليسار لاسيما في العراق ـ وهو موضوع مقالناـ  كالماركسية والعلمانية كعدم التأقلم مع الواقع  المعاش وهو واقع متشظي بين الاتجاهات الدينية وغيرها كالعلمانية والماركسية ولادينية مع  فوضى تغول فوضى العلمنة (التي لابد منها)،  وعدم فهمه بالمرة وعدم ارتباطه بالطبقة الوسطى الحاضنة لليسار في اغلب دول العالم علما ان تلك الطبقة اندثرت بعد سقوط الحكم الملكي الذي كان الحاضنة المثالية له.

وانا اقول:

في العراق بعد سقوط النظام السابق 2003 وبعد التأسيس الدولتي الخاطئ والمرتجل لهذا النظام  بسبب عدم فهم المحتل لحيثيات الواقع العراقي المازوم والمتشظي  بقي اليسار غريبا عن الشارع العراقي ويترنح بسبب غلبة الاتجاه الديني ـ العقائدي  ولحد الان الذي لم يتقبل او يتذوق وجود اليسار (ماركسي، علماني) في مجتمع اسلامي ـ شرقي محافظ  فهو اي الشارع العراقي يتحمل اضافة الى المحتل وزر تغوّل  الاتجاهات  الاسلامية والاسلاموية المتخلفة التي سيطرت على مقدرات العراق اقتصادا وثروات وقوى بشرية فانجرف في غمراتها وتاه في حيثياتها وتاه كما تاه بنو  اسرائيل اربعين عاما في البيداء ولكن الشارع العراقي لم يزل تائها وسيبقى، وذلك  عكس ماذهب اليه الشارع المصري المثقف والواعي  بنبذه للإخوان المسلمين خارج الاراضي والذاكرة المصرية وقد صاروا من الماضي اضافة الى التوجهات الاسلامية  الاخرى  فالشارع العراقي بحجة الدين والتدين هو المسؤول عن الوضع المزري المحدق به اضافة الى الخلل البنيوي السياسي الذي فرضه المحتل الامريكي في ادارة  بلد متنوع عقائديا وفكريا مثل العراق  وكلاهما يتحملان نكسة اليسار في العراق.