من أجل إستراتيجية نفطية أكثر كفاءة وعدالة
محسن القزويني
أثار تصريحات الرئيس الامريكي دونالد ترامب في شرم الشيخ حول النفط العراقي تساؤلات عديدة في الاوساط العراقية المختلفة فقد اشار في تصريحه الى عدة امور هي: كثرة انتاج النفط في العراق وعدم معرفة العراقيين في كيفية استثمار هذه الثروة وايضا وجود مشكلة بسبب هذه الحالة في الاقتصاد العراقي ، وهذا هو نص ما قاله ترامب : (العراق بلد يمتلك الكثير من النفط لديهم كميات هائلة لدرجة انهم لا يعرفون ماذا يفعلون به؟ وهذا بحد ذاته مشكلة كبيرة عندما تملك الكثير ولا تعرف كيف تتصرف به).
شركات صينية
يمكن مناقشة هذا التصريح من بعدين: من البعد الامريكي؛ فان وجود شركات صينية واوروبية في العراق أثار حفيظة الولايات المتحدة و خشيتها من خروج العراق عن السيطرة الامريكية، فسارعت بعض الشركات الامريكية كشركة Exxon mobil وشركة Halliburton للعودة مجددا الى استثماراتها النفطية، وفي 19 اغسطس من هذا العام استقبل رئيس الوزراء العراقي وفدا من شركه شيرفون Chervon مرحبا بعودة هذه الشركة للعمل في العراق.
فخلال انسحاب الشركات الامريكية خطت الحكومة العراقية خطوة الى الامام للتعاقد مع شركات صينية واوروبية للعمل ضمن جولات تراخيص جديدة منها شركة صينيه عاملة في محافظة كربلاء في مجال الابار النفطية، وفي محافظات اخرى لاصلاح انابيب النفط بالربوت.
اما في البعد العراقي خول تصريح ترامب فهناك حقيقتان لابد من التذكير بهما الحقيقة الاولى :اعتماد استراتيجية جديدة في التعامل مع الشركات الاجنبية تقوم على مبدأ الكفاءة والاستمرارية في العمل ومن جنسيات متنوعة، فلقد اتاح غياب الشركات الامريكية وخروجها من العراق قبل عدة سنوات فرصة لكسر الاحتكارات النفطية وفصل قطاع النفط عن السياسة والتعامل بمهنية ازاء سلعة اقتصادية خاضعة للشروط الاقتصادية بعيدا عن السياسية.
من هنا كان على الحكومة العراقية مواصلة تعاملها مع الشركات النفطية بصورة عامة وانتهاج سياسة التنوع بغض النظر عن جنسيتها ، واعتماد المصلحة الوطنية و كفاءة هذه الشركات في تعاملاتها النفطية الذي يُعد المصدر الاول لتمويل الاقتصاد العراقي.
الاشارة الاخرى في كلام ترامب هي: حول كثرة انتاج النفط في العراق و الذي بلغ بمعدل انتاج 4٫6 مليون برميل في اليوم الواحد بزيادة الضعف عن انتاج سنه 2009. وهناك خطط خمسية للوصول الى سقف يتجاوز 6 ملايين برميل يوميا بين عام 2028 و2029 الامر الذي سيؤدي الى قفزة نوعية في الاقتصاد العراقي، فكان لابد من وضع خطة وآلية في كيفية استثمار هذه الكمية الكبيرة من الانتاج النفطي ، وذلك باتباع سياسة نفطية قائمة على ثلاثة مبادئ : المبدأ الاول: انهاء الاعتماد على النفط الخام كمصدر رئيسي للاقتصاد العراقي بالانتقال الى صناعة نفطية تُعتمَد في عمليات التصدير بدلا من تصدير النفط الخام.
مادة اساسية
المبدأ الثاني: الاستفادة من الغاز المصاحب وتحديد فترة زمنية لانهاء عملية حرق الغاز الذي يتسبب باضرار اقتصادية فادحة، واضرار صحية وخيمة للمجاورين للمناطق النفطية المبدا الثالث : استثمار النفط كثروة وطنية في انتاج و تطوير القطاعات الصناعية التي تعتمد على النفط كمادة اساسية في الانتاج.
وللمضي في تنفيذ هذه السياسة لابد من اختيار الشركات النفطية العملاقة ذات الاختصاصات المتنوعة في مجالات الصناعات النفطية الى جانب الاستخراج والاستكشاف وتطوير الحقول النفطية لتغطية نفقات استحداث مصانع لتكرير النفط الخام، ومصانع للبتروكيماويات، ومصانع لانتاج زيوت المحركات وذلك من عائدات بيع النفط على ان توزع هذه المصانع في المحافظات الفقيرة لتحقيق العدالة الاجتماعية.
إنّ اتبّاع هذه السياسة ستكفل للدولة عائدات مالية واستثمارات صناعية كبيرة تنعكس على واقع الشعب العراقي و سيكون هو المستفيد الاكبر من هذه الثروة و حينذاك نستطيع ان نقول للعالم و للرئيس الامريكي باننا احسنا استثمار هذه الثروة الوطنية التي حباها الله للعراق.