الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
جدلية الفرح والحزن

بواسطة azzaman

جدلية الفرح والحزن

هدير الجبوري

 

الحزن ليس خياراً، ولا احد يحب ان يغرق في عتمته او يظل اسيراً له. من يظن ان بعض الناس يحلو لهم ان يعيشوا دائما في حالة حزن، فهو مخطئ كثيرا. الفرح حلو، ونحن جميعا بأمس  الحاجة اليه، بحاجة الى الضحك والابتسام والمرح فمن فينا يتمنى ان يظل حزينا؟ لا أحد، كلنا نتوق الى الفرح، لكن الحزن والظروف

 هي التي تفرض نفسها علينا، دون ان نستأذنها او نملك حيالها حيلة.

كيف يمكن لانسان ان يضحك وقريب منه يتألم؟ كيف يمرح وأحد أحبته مريض يفتك به الوجع؟ كيف يسعد وهو يواجه ظروفا صعبة تعانده يوما بعد آخر، وتكبله في كل محاولة للانفلات نحو النور؟ كيف يستبشر بالفرح وقد غادره أقرب الناس الى حيث لا رجعة؟ كيف يبتسم وهو يرزح تحت وطأة الغربة، بعيدا عن أهله، والبعض ممن بقى حوله لا يعرف سوى الجفاء والجحود والقسوة...

 نظرية الفرح والحزن ليست بسيطة كما يتصور البعض، بل  معادلة معقدة ومتشابكة، لا يفهمها الا من عاش تفاصيلها وخَبَر ثقلها. فالحزن يفرض نفسه حين نفقد من نحب، او نكابد الوحدة، او نصطدم بظروف لا ترحم. والفرح، على عكسه، يهبنا حياة جديدة كلما حضر، ويعيد لنا بريق الوجوه ونبض الارواح.

حين كنا فرحين، كانت وجوهنا تنبض بالحياة، وكان كل شيء حولنا يبدو اجمل.

 أما الحزن، فهو يسلب الوجوه اشراقها، ويتركها شاحبة تخلو من البهجة والالق.

 الفرح والحزن ليسا نقيضين منفصلين، بل وجهان لحقيقة واحدة. الحزن يعلمنا قيمة الفرح حين نفتقده، والفرح يخفف عنا قسوة الحزن حين يتسلل الى قلوبنا ولو للحظة. وبينهما تتشكل ملامح انسانيتنا، ونكتشف قدرتنا على الصبر والتحمل.

الألق هو رديف الفرح، ولا حياة بلا ألق. لذلك لا تظنوا ان الحزانى اختاروا ان يعيشوا بلا نور او بهجة. انهم اكثر الناس شوقا للابتسام، واكثرهم توقاً الى لحظة ضحك صافية تعيد لهم الامل، لكن الاقدار كثيرا ما حالت بينهم وبين ما يريدون.

ويبقى الحزن ضيفا ثقيلا لا يستدعى لكنه يجيء، فيما يظل الفرح الحلم الذي لا نتوقف عن انتظاره وبين هذا وذاك يمضي العمر، وتتأرجح قلوبنا بين ظل ونور، بين غياب وحضور، وبين وجع عابر وألق مؤجل.


مشاهدات 86
الكاتب هدير الجبوري
أضيف 2025/09/29 - 1:21 PM
آخر تحديث 2025/10/05 - 3:48 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 526 الشهر 3226 الكلي 12043081
الوقت الآن
الأحد 2025/10/5 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير