الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
وقفة  في الأدب الفلسطيني . الأسير والحرية


وقفة  في الأدب الفلسطيني . الأسير والحرية

علي إبراهيم

 

في سلسلة متواصلة شهدت معركة ٧/اكتوبر ٢٠٢٣ مرحلة من مراحل الكفاح  الذي اختّطه الفصائل الفلسطينية، فهي قد واجهت إبادة جماعيّة، و إستخدام للذكاء الاصطناعي، و إعلام غربي داعم للعدو، و خطابات صهيونيّة الفكر  تدعو إلى اخلاء الفلسطينين من غزة كلياً، وبعدها الضفة الغربية وإعادة مفهوم النكبة الذي حرمت اصحاب الأرض الفلسطينين من إقامة دولة لهم؛ و مقترحات تصدر من الغرب بجعل غزّة مشروعاَ سياحاَ يدر ارباحا على المستثمرين. وهذه كلّها يدفع  ثمنها الشعب الفلسطيني الاعزل.

ومثلما كانت لنا وقفة للشعر مع صوت التهجير، وصورة النازحين  وقصّة عن أثر الخيمة في السرد، وشعر عن الخيام

التي اوت المهاجرين بنفس ارض غزة لاميال، ومسافات، فإنّ اشراقة الأمل من ثمار معركة ٧ /اكتوبر لحظات هي إطلاق سراح عددا من الأسرى بمرحلة التبادل  لمختطفين من أبناء العدو، فإنَّ ما حصلت عليه فصائل المقاومة قد اشاع جوّا من الفرح والبهجة في نفوس المطلق سراحهم، و اعادت لهم ذكريات عن الأرض، و الكفاح، والإرادة. نستطيع القول إنَّ أكثر شعراء الأرض المحتلة قد مروّا، و توقفوا عند ثيمات التهجير، و النزوح والعلاقة مع المكان الخيام، وكذلك الأسرى؛ فهذا الشاعر هارون  هاشم رشيد يصور المشاهد اشبه بفيلم يوثق لحظات  استقبال الأسير حياته اليوميّة.لنص شعري "جريدة الخليج _ يوسف ابو لوز_مايو ٢٠١٧"

/صباح الخير

نحملها  إلى الاحباب

اسراب الحساسين

تدور بها مولّهة على كلّ الزنازين

تحطّ على شبابيك مغلقة

وتنشد للمساجين./

هذا النص يقوم الشاعر فيه بدور المصور إلى لقطات مشاركة اسراب الطيور المتشوقة حياة المساجين، وما يجمع بينهما هو الشبابيك المغلقة، وصوت وسقسقة يبشّر بيوم جديد.

/وتحمل  شلح زنبقة لهم

او غصن زيتون  من الوطن

الذي لا مثله احلى

من الوطن الفلسطيني. /

ويرصد الشاعر على لسان الأسير ماتحمله تلك الطيور بين زنبقة الورد، وغص الزيتون الذي  يرمز إلى السلام. وينهي  الشاعر نصّه م بالجملة الاسمية" الوطن الفلسطيني" وهو حلاوة الأسير، وساكن الخيمة.. والمهجّر.

اما الشاعر معين بسيسو فيصور  السجون، والاسلاك المتقطعّة الملتفّة حولها، وقد اختلطت عروق الأسلاك مع عروق السجناء بمعادلة سلبيّة مع غير المحسوس الجدار الذي يرمز إلى الاغلاق.

/وقد أصبحت اسلاكنا عروقنا

عروق  هذه الجدران دماؤنا تصبّ كلّها

تصب في  عرق هذه الجدران.

صورة  شعريةمتشابكة، قد لا تجد منفذ ضوء للعين ان تبصر ما حولها. ويستمر الشاعر في عرض مأساة الاسير

/برقيّة عبر الجدار

قد اغلقوا  زنزانة جديدة

قد قتلوا سجين

قد فتحوا زنزانة جديدة

قد احضروا سجين.

تبدأ الأبيات بحرف تحقيق قابل للحدوث الماضي، وليس للتقليل من الأمر المتكرر سجين  بطباق بلاغي "اغلقوا، فتحوا

، و دلالة تتابع  في الحدث" فتحوا، احضروا"، وكلّ ما حصل اشبه بلمحة برق؛ ""برقيّة عبر الجدار."

ويتخذ الشاعر زياد توفيق في نصّه أسلوب خطاب الأمر في الحماسة ويبرر مسوّغات ذلك الحدث  الجوع، والعراء، وحالة الاشياء مقابل سند لن يتخلى عنه الفلسطيني وهو علم الاحرار الذي لا تضيع يرمز للكِفاح  وتحرير الأرض السلبية.

/فلتسمع كُلّ الدنيا فلتسمع

سنجوع.. ونعرى

وقِطعا نتقطّع

ونسفَ تُرابكِ يا ارضاً تتوّجع

نموت... ولكن

لن يسقط من ايدينا

علمُ الاحرار المُشرع

لكن.  لن نركع/

ويراهن الشاعر محمود درويش على مبدأ العودة لارض، والأهل مهما كانت اساليب العدو التي  يمارسها من نهب وسلب لأملاك أصحاب الارض بنص"في انتظار العائدين" ص٢٨٦/الشعر الفلسطيني الحديث - خالد علي مصطفى

/يا امَّنا انتظري أمام البيت. إنَّا عائدون

ماذا طبخت  لنا؟  فإنَّا عائدون

نهبوا خوابي الزيت، يا امّي، واكياس الطحين

هاتي بقول الحقل هاتي العشب:إنّا عائدون/

يجمع الشاعر في نصّة بين النداء وخطاب للأم ان تنتظر العائد رغم مصائب الحياة مع العدو، وبصورة جميلة عن مائدة الطعام يستفسر العائد عن أكل أمّه تعده له، رغم شكواها من سرقة كلّ شيء حولها من الطعام، ومع ذلك يستخدم الشاعر اسم فعل الأمر المتكرر"هاتي.. هاتي" ما تجديه في الحقل حتى لو كان عُشبا، وقد حصل  للفلسطينيين في غزة في أحداث ٧/اكتوبر ان تناولوا طعاماَ من العشب والأوراق المتروكة على الأرض .واجمل ما في القصيدة هو تأكيد الشاعر العودة ثلاث مرات.

من هنا كانت وقفتنا مع صورة جديدة قديمة لحياة الأسرى، و العائدين من السجون في بعد أن حصلوا على حريتهم  التي سلبها المحتل الغاشم منذ سنوات طويلة.. وما زالت القضيّة تواجه خطر الإبادة الجماعية يتكرر على شعب فلسطين المجروح وهو يبحث عن المعين، والناصر لقضيته من اخوته العرب.

 


مشاهدات 55
الكاتب علي إبراهيم
أضيف 2025/09/06 - 1:42 PM
آخر تحديث 2025/09/08 - 3:45 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 468 الشهر 5597 الكلي 11423470
الوقت الآن
الإثنين 2025/9/8 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير