حوار مع المبدع حميد الحريزي
أسئلة حول كتاب "الرواية القصيرة جداً: إضاءات نقدية" وتجربة المؤلف حميد الحريزيً
أولاً: الأبعاد النظرية والتأصيل للرواية القصيرة جدا:-
1.ما هي المعايير المحددة التي تستخدمها لتعريف "الرواية القصيرة جداً"، وكيف تميزها عن "القصةالقصيرة" أو "الروايةالقصيرة"؟
ج الرواية القصيرة جدا فن سردي ، يعتمد أسلوب ماقل ودل ، وعدم تعريف المعرف ، الأيجاز في التوصيف والتعريف ،ذكر العلامات الفارقة فقط وترك العام لمخيلة القاريء.
القصة القصيرة لاتحتمل تعدد الشخصيات ، ولا تعدد الحوارات ، تبنى شخصية واحدة منذ البداية حتى النهاية ، وتحبذ القفلة او النهاية غير المتوقعة للحدث.
أما الرواية القصيرة فنميزها بالحد الأعلى للكلمات 3000-5000 كلمة ، إعتماد مقولة الجرجاني (جوع اللفظ واشبع المعنى)، ترك فراغات افتراضية أثناء السرد يختزنها المتلقي ضمن ثقافته العامة ليكون مؤلفا ثانيا للنص ، فلاحاجة مثلا لذكر صفات الشخصيات العامة المعروفة مثل ترامب أو ماكرون وبوتين والممثلين المشهورين، ولا الى ذكر مواصفات البنايات الشهيرة مثل برج إيفل أو الساحة الحمراء ...وهنا الأمر يعتمد على مدى سعة ثقافة الكاتب والمتلقي في طبيعة الفراغات المتروكة من قبل الروائي ، ومدى سعةثقافة وإطلاع المتلقي في ملأ الفراغات ليكتمل النص في مخيلتهأ.
2.تذكر أنَّ "الرواية القصيرة جداً" شكل أدبي جديد. ما هي العناصر ألأساسية التي تساهم في حداثتها؟ وظهورها في المشهد ألأدبي الحالي؟
من أهم تمظهرات حداثتها هو قصرها غير المسبوق بحيث لاتزيد كلماتها على 5000 كلمة.مع احتفاظها بكل اشتراطات الرواية .
*تناولها هموم عصرية للأنسان .جمالية السرد وغنى المفردات لتدل على المعنى المطلوب ، الزمن القصير لقرائتها وخفة حملها ، إشراك المتلقي في إكتمال وبناء النص السردي مما يضيف متعة للقاريء بدلاً من التلقين للروايات التقليدية.
3.بما إنَّ الرواية القصيرة جدا ً تقوم على التكثيف والإيجاز الشديد، فما هي التحديات الفنية والجماليةالتي يواجهها الكاتب في تحقيق العمق السردي وتطوير الشخصيات والأحداث ضمن هذا الإطارالمحدود؟ وكيف يمكن للكاتب تجاوز مجرد الأختصار ليقدم نصا ً ذا قيمة فنية؟
من أهم التحديات التي يواجها الكاتب هو الكيفية التي يمكنه توصيل الفكرة الى المتلقي بأقل الكلمات ، وهنا يفترض أنْ يكون الكاتب يمتلك ثروة لغوية كبيرة ليتمكن من اختيار أفضل وأجمل وأكثر الكلمات غنى بالمعنى لإيجاز المعنى وغنى المضمون .
كما على الكاتب أن يكون عارفاً لمن يكتب ،ليكون المتلقي قادرا ًعلى ملء فراغات النص التي يتركها الكاتب للمتلقي لتناسب ثقافته ومخزونه اللغوي والمعرفي ليكتمل النص في مخيلته وهذا أمر ضروري جداً ،القدرة على التلميح المعبر الموجزبدلا من الإسهاب والتصريح، الكفاءة والقدرة في استخدام الرموز المعبرة والدالة المختزلة للكلام مع توصيل الفكرة ، وبذلك يتمكن ممن تقديم نص رشيق غني بالمضمون وجمالية الصورة ، وهذا الأمر يحتاج الكثير من الخبرة والمطالعة والدربة والتأني والدقة في أختيار العبارات .
4.ًكيف يمكن للرواية القصيرة جدا ً أنْ تخلق "إيقاعا ً سريعا"ًوفي الوقت نفسه تترك أثرا ً عميقا؟؟ ومستداما ً لدى القارئ، مقارنة بالرواية التقليدية التي تعتمد على إلأسهاب والتفصيل؟
جبمقدر امتلاكها لجمال المفردة ،وجمال الثيمة،وحمل العبارة لغنى المضمون ، وجمال الصورة. ممايوفر للمتلقي نص مكثف غني المعنى جميل الشكل ، له علاقة بحياة المتلقي .
5.ذكرت أن خروج الرائد عن المألوف يجب أن يصاحبه "التأصيل والتنظير".كيف ترى دور التنظير؟؟ النقدي في ترسيخ الرواية القصيرة جدا ً كجنس أدبي مستقل، وما هي أبرز النظريات النقدية التي يمكن أن تسهم في تأصيل هذا الفن؟
ج لاشك إنَّ للتنظير دور كبير في تقويم، وتقييم ،وترصين، وتقعيد النصوص الروائية ، طبعا التنظير يأتي بعد النص ويتابعه ، فبقدر اهتمام النقد والتظير للرواية القصيرة جداً بقدر نضوج وثبات وشرعنة النص الإبداعي وتطوره ، نرى إنَّ الرواية القصيرة جدا ًبحاجة الى هذا الجدهد النظري من قبل النقاد من أكاديمين وأدباء للنهوض بهذا الوليد الجديد ليرتقي نحو الأفضل . ليكون نوع راسخ من أنواع جنس الرواية وليس جنساً مستقلاً بذاته كما تفضلتم به ، فالرواية القصيرة جداً نوعاً جديداً من أنواع جنس الرواية وليس جنسا ًجديداً مما يستوجب مراعاة ذلك .لم نعثر على الدراسات والكتب المهتمة بالتنظير للرواية القصيرة جداً سواء في الأدب العربي أو الأدب العالمي ، مع مايحدث من دمج غير واعي بين مفهوم الرواية ومفهوم (النوفيلا) الغربي ، وهذا سيكون أحد أهتماماتنا النقدية والتنظيرية في الجزء الثاني من كتاب (الرواية القصيرة جداً اضاءة نقدية ).
6.في ظل غياب تعريفات واضحة في المكتبات العربية والعالمية للرواية القصيرة جداً، ما هي الخطوات العملية التي تقترحها لتوحيد المفاهيم والمصطلحات المتعلقة بهذا النوع الأدبي على نطاق أوسع؟
أرى أولاً أن يكرس الأساتذة الأدباء وعلى وجه الخصوص النقاد وقتاً كافياً للتأمل والتفكر لهذا النوع الجديد من انواع جنس الرواية ، وأنْ يكون الناقد والبحث منفتح الفكر ورياضي الروح لتقبل ما هو جديد ، وعدم الرفض غير الموضوعي وغير المدروس لهذا الجديد ، لا لشيء إلأنه لايمتلك حضوراً في الأدب الغربي ، مستكثرا على الأديب العربي أو من بلدان الأطراف القدرة على الأبتكار وتخليق الجديد ، نصبو الى عقد مؤتمر عربي موسع للرواية القصيرة جداً تقدم فيه البحوث المختلفة بعد الأطلاع على ما هو مطروح من قبل الرواد من روايات قصيرة جداً ومن محاولات تنظيرية ، من أجل إغنائها وتطويرها لتصبح شائعة قارة ومعتمدة في العالم العربي الأسلامي وغير ه وفي العالم الأول .
7.توصف الرواية القصيرة جدا ً بأنها "النص السردي الذي يتوسط القصة القصيرة والرواية القصيرة".كيف يتم الحفاظً على "منحى روائي معروف يتمثل بتعدد الشخصيات وحرية الحركة زمانيا ً ومكانيا"دون أن تذوب في القصة القصيرة؟ وما هي الخطوط الفاصلة الدقيقة بين هذه األجناس من وجهةنظرك؟
جالرواية القصيرة جدا تتواشج في العديد من الصفات مع القصة القصيرة والرواية القصيرة من حيث الحجم والأختصار والتكثيف في المفردات ، ولكنها تتميز عن القصة في الطول وفي تعدد الشخصيات ، والحوارات والزمكان وتبدلاته ، في حيث تفترقعن الرواية القصيرة جدا في شدة التكثيف والأختزال وترك الفراغات الوصفية والسردية لأشراك المتلقي في ملئها من قبله ، نبذ التكرار والتلميح قبل التصريح ، واستخدام الرمز مع اشتراكها مع الرواية القصيرة جداً في امتلاكها كل مقومات الرواية واشتراطاتها ، وقد لاتزيد عدد صفحاتها على 25-40 صفحة .في حين تمتد الرواية القصيرة الى 100 صفحة أو أكثر .
8.كيف يمكن للرواية القصيرة جدا ً أن تستفيد من فلسفة التكثيف والإيجاز الموجودة في القصةالقصيرة ًجدا دون أن تفقد "روح الرواية"؟
ج نعم يمكن لكاتب الرواية القصيرة جداً أنْ يستفيد كثيرا من تجربة كتابة القصة القصيرة جدا في إجادة تكثيف العبارات واختيار الجمل القصيرة المشبعة بالمضمون ، والكلمة الرامزة الغامزة بدلا من العبارة الطويلة ، على شرط ان يبقى متمسكا بخطته في كتابة رواية تتعد فيها الشخصيات والأحداث والحوارات ، ولايبلغ بها القصر حد القصة القصيرة جداً المكونة من عدد من السطور فقط، وعدم الوقوع في فخ (النوفيلا) وتوصيفاتها الوهمية ك ( مايكرو نوفيلا) أو (الشورت نوفيلا)، فالنوفيلا هي نوفيلا فقط شكل من أشكال السرد تتماهى مع الرواية ولا تطابقها ، ولاتنقسم الى شورت ، ومايكرو كما يصفون .وقد يبدو هذا الكلام غريبا على السائد من التوصيفات التي تساوي بين الرواية والنوفيلا دون فهم خصائص وميزات كل منهما .
ثانياً: التأثيرات والتحديات الثقافية والأجتماعية:
1.تحدثت عن أن "تغيرات سياسية وأجتماعية متسارعة تلقي بظلالها شئنا أم أبينا على المنتج الأدبي ًكما ً وكيفا ً ونوعا ً وشكلا ً وأسلوبا".كيف تعتقد أن الرواية القصيرةجدا ً تعكس أو تتفاعل مع هذه التغيرات بشكل خاص، وما هي الرسائل الأجتماعية أو الثقافية التي يمكن أن تحملها بفعالية أكبر من ألأشكال السردية الأخرى؟
ج الأدب هو انعكاس للوضع الأجتماعي والأقتصادي والسياسي وللتقدم العلمي والحضاري للمجتمع ، وان لم يكن انعكاساً مباشرا جليا في وقته ، ولكن تأثيرات هذه الأوضاع وتبدلاتها تظهر بشكل تدريجي كحاجة لابد من تلبيتها ، فبعد الملحمة للعصور الوسطى ظهرت الرواية كأحد متطلبات النهوض الملحوظ للبرجوازية الصناعية معبرة عن تطلعاتها وطموحاتها ، ففي البدء كانت الرواية طويلة تهتم كثيرا بتوصيف وتعريف أدق الأشياء ورسم ملامح جميع الصور كتابيا ً، وذلك بسبب غياب الصورة المرئية كالتلفزيون والسينما ، وبطيء وسائل التواصل ، وسعي البرجوازية لمعرفة كل تفاصيل حاجات الناس والمجتمعات في البلدان المختلفة من أجل تصنيعها وتصديرها حسب الأذواق والرغبات والعادات ، وبعد التطورات التقنية والسرعة في التنقل وتطور وسائل الأتصال ، ولدت الروايةالقصيرة جداً لأن هناك الكثير مما أصبح معلوما ولاحاجة الى تكرار ذكره ، العادات والتقاليد والعمارة والملبس والمأكل ، ثم دهمنا عصر العولمة عالم السرعة الفائقة في كل شيء النقل والخبر والصورة ، مما أدخل الانسان في سباق غير مسبوق مع الزمن لأنجاز حاجاته ومتطلباته الحياتية المتزايدة دوما ، فكانت مثلا الأكلات السريعة أنت وماشي لتلبية حاجات الأنسان الغذائية ،وتطلب التنقل الدائم الى الأحتصار في الحجم والوزن والحاجة الى دمج اكثر من جهاز في جهاز واحد فكان الموبايل متعدد الأغراض فهو هاتف ومسجل وكاميرا وتلفزيون وراديو ووو في جهاز واحد يزداد صغرا مع الزمن ، فكانت الحاجة ماسة الى غذاء روحي سريع للأنسان يتناسب مع وقته وزمنه فولدت الرواية القصيرة جدا لتؤمن للأنسان هذه الحاجة عبر كتيب صغير يوضع في الجيب ويقراء في جلسة واحدة خلال ساعة او اكثر بقليل ، وكذلك كان الفلم القصير ، والأغنية الخفيفة الراقصة ، والمترجم المحمول ...الخ
2.هل ترى أن قبول الرواية القصيرة جدا ً في الوسط ألأدبي يعكس تحوال ً في ذائقة القارئ المعاصر، أم أنه استجابة لضرورات العصر المتسارعة التي لا تتيح الوقت لقراءة الروايات الطويلة؟ وهل هذاالتحول قد يؤثر على مكانة الأجناس الأدبية التقليدية؟
ج كلا الأمرين مترابطين ترابطاً جدليا ًفيما بينهما ذائقة القاريء وضرروات العصر المتسارعة تتطلب هذا النوع الجديد من أنواع جنس الرواية ، الذي يتميز بالسرعة والتكثيف والجمالية وعمق المعنى بالأضافة الى متعة مشاركة القاريء في بناء وإكمال النص السردي...
مجلة مدارات الثقافية العدد الثاني والستون السنة السادسة2025
ثالثاً: التجريب، الأبتكار، والريادة:
1.تشجع كتاب الرواية القصيرة جدا ً الطموحين على تجنب التقليد لما هوشائع والسعي لإبداع. ما هي المجالات التي ترى فيها أكبرإمكانية للابتكار والتجريب في الرواية القصيرة جداً، وما هي المخاطرالتي قد تواجه هذه المحاولالت التجريبية؟
ج الرواية القصيرة جدا بنت العصر ، هذا العصر الملال والمتنوع ،عالم الفرد وليس الجماعة ، ممايتطلب ثيمات خاصة تعالج الكثير من المعاناة النفسية للانسان ، وحالة القلق الوجودي المعاشة في ظل عالم مرعب لايرحم ، تزويده بجرعة من الفكاهة والطرافة مما يخفف عن كاهله حالة الجفاف وتصحر العلاقات الأنسانية ، أحذر كثيرا من ظاهرة أستسهال كتابة الرواية القصيرة جدا فتبدو أحيانا بعمق معنى ضحل، ولا تضم شيئا من الاسئلة الفلسفية الوجودية حول مصير الكون والأنسان ضمن وحدة المصير المفروضة من قبل العولمة الرأسمالية ، أسئلة تقف بوجه الحروب المدمرة والمرعبة ، وتلوث البيئة ، والأوبئة الخطيرة ...كما ظهرت أشكال واساليب متعددة لكتابة الرواية القصيرة جدا ، ومنها طريقة القلادة السردية لمقاطع يصل بينها خيط السرد لتشكل بالنهاية رواية قصيرة جدا لاتزيد على 5000 كلمة مكزنة من عدد من حبات يربطها خيط واحد ، وغيرها من الاساليب مع حفاظها على اشتراطات جتس الرواية ونوع الرواية القصيرة جدا .
2.كيف يمكن للكاتب أن يحافظ على "أفكار جديدة"ويقدم نصوصا ً مبتكرة في ظل ضيق المساحة، دون أن يقع في التكرار أو النمطية؟
ج عالم اليوم متخم بالكثير من الثيمات الجديدة التي يفرزها الواقع سريع التحول والتبدل في زمن الرأسمالية المتوحشة ، وتغريب الانسان وعزلته في عالم التزاحم والضجيج ، حيث يعيش صراع دامي وحشي من أجل البقاء والأمان والتطور ، على مستوى الفرد وعلى مستوى الأمم. حيث يسود مبدء البقاء للأقوى...
3.ذكرت أن حميد الحريزي مُنح الريادة في هذا اللون الأدبي الجديد.هل يمكنك توضيح الأنجازات أوالمساهمات المحددة التي أدت إلى هذا التقدير، وخاصة فيما يتعلق بالنقاط الخمسة لتحديد الريادة الدبية؟
ج نعم
*ان حميد الحريزي كان صاحب السبق في تعليم وتوصيف رواياته بالرواية القصيرة جدا ومنذ 2015 والتي كتبها منذ عام 2009.
*واصل كتابة هذا النوع وبلغ عدد رواياته القصيرة جدا 7 روايات لحد الآن .
*تبعه العديد من الروائيين في العراق والوطن العربي في كتابة هذا النوع من الرواية وقد بلغت عشرات الروايات المصنفة كروايات قصيرة جدا.
* أهتم النقاد بهذا النوع الجديد وكتبوا حول الروايات القصيرة جدا له ولغيره العديد من الدراسات والمقالات النقدية
* أول من بادر الى تأليف كتاب تنظيري حول الرواية القصيرة جدا في الوطن العربي على اقل تقدير ، ولم يقع تحت نظري لا في معارض الكتب ولا في البحث كتاب لمؤلف اجنبي أو عربي يهتم خصيصا بالرواية القصيرة جدا .
4.في سياق الحديث عن الريادة، وكيفية تحديدها، هل تعتقد أن هناك حاجةإلى مؤسسات أو آليات محددة في العالم العربي للأعتراف بالريادات الأدبية الجديدة وتوثيقها بشكل رسمي؟
ج نعم من المهم وجود مثل هذه المؤسسات لحفظ حق الأديب في مجال الريادة في أي نوع أو جنس أدبي جديد لم يسبقه اليه أحد ...
5.ما هي المعوقات التي قد تواجه الأعتراف بالرواية القصيرة جدا ً كجنس أدبي قائم بذاته، وكيف يمكن التغلب عليها لضمان نجاح هذا المشروع الأدبي على المدى الطويل؟
*ج كونه نوع جديد من أنواع الأبداع الأدبي يواجه في العادة الصدود والنكران وبالخصوص في عالمنا العربي الذي غالبا ما ينظر بعين الريبة لكل ماهو جديد ويظل متمسك بالقديم .
* العداء اللاموضوعي واللاعلمي من قبل البعض حتى دون الأطلاع على المنتج الأبداعي ودراسة ميزاته وخواصه ، وهذا يأتي احيانا بسبب الجهل أو العجرفة وأحينا للاسف بسبب الشعور بدونية المبدع العربي وعدم قدرته على الأبداع ـ فالأبداع غربي ابن العالم الاول ولايمكن تجاوزه .
* عدم أهتمام المؤسسات المختصة كأتحاد الأدباء والكتاب ووزارة الثقافة بالمنتج الأبداعي الجديد والتداول مع رواده والسير به نحو الأفضل والأكمل وليس تجاهله ، فمثلا أنا نشرت وطبعت الرواية القصيرة جدا منذ 2019 عبر كتيب بأربع روايات قصيرة جدا ، واقيمت لي العديد من الندوات في داخل العراق وخارجه ، وكتبت حول هذا النوع العديد من الدراسات الأدبية ولكن للان لم تعمل لي جلسة نقدية واحدة من قبل الأتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق .ناهيك عن عدم تناول هذا النوع في بعض الندوات والمؤتمرات النقدية عراقيا وعربيا .
*خارج نطاق الاخوانيات والمعارف وبذل المال لم تهتم القنوات الفضائية والأعلامية القاء الضوء على أي منتج ابداعي أدبي أو غيرأدبي جديد ، بسبب تكاسل مديري هذا البرامج ومنفذيها .
من أجل التغلب على هذه الصعاب والمعوقات على المبدعين الرواد متابعة أنتاجهم الأبداعي والسعي لنشره في بلدانهم وفي العالم العربي وعموم العالم بالصير والمثابرة والتعاون مع من احتضن هذا النوع ووقف بجانبه ، ومنهم مثلا مبادرتكم هذه في نشر الدراسات النقدية والمقالات الأدبية والمقالات التعرفية بهذا النوع ، وما حصل في مصر العزيزة حيث تبنى ( منتدى النقد العربي المعاصر) بادارة الاستاذ محمد البنا هذا النوع وسانده وعمل مسابقة كبرى كانت ناجحة جدا شاركت فيها عشرات الاقلام الروائية من مختلف البلدان العربية مما اعطى دفعة كبيرة لهذا النوع الادبي الوليد وقد تناولته العديد من الاقلام النقدية المصرية والعربية بالتحليل والتأويل والتبصير والتنوير، وكان مثل ذلك في تونس وفي فرنسا وفي الأردن ، ومبادرا تستحق التقدير من قبل بعض المؤسسات الثقافية العراقية غير الرسمية حيث اقامة منصة الاستاذ الدكتور سعد التميمي تدوة موسعة حول الرواية القصيرة جدا على هامش معرض بغداد الدولي للكتاب ، واقامة المؤسسة الثقافية بادارة الناقد والاديب حسن الموسوي ندوة مهمة موسعة في مكتبة البيت الثقافي في المتنبي ... ويمكنني الأعتزاز بالمواقف المساندة من قبل الكثير من الناقدات والنقاد العرب في الوطن العربي وبلدان الهجر مثل الاستاذ الدكتور حسين المناصرة من الاردن، والاستاذ الدكتور سعد التميمي من العراق والاستاذ الدكتور سمير الخليل ، والاستاذة الدكتورة نجلاء منصور من القاهرة ،والاستاذة فتحية دبش من تونس والاستاذة حبيبة المحرزي من تونس، والاستاذة سمية اسماعيل ، وسمية جمعة من سوريا وعدد اخر من الأدباء والنقاد والكتاب في تزايد ، واخذ عدد كتاب الرواية القصيرة يتزايد ايضا في كل ارجاء الوطن العربي ...
6.ما هيً توقعاتك للتطور المستقبلي للرواية القصيرة جدا ً وقبولها كنوع أدبي متميز ومترسخ، إقليمياوعالمياً؟ً
ج نعم أتوقع لها مستقبلا زاهرا كنوع مهم وراكز في كل العالم بأعتبارها منجز إبداعي عربي بامتياز ،... وهذا التوقع يشاركني به العديد من الزملاء النقاد والكتاب .
رابعاً: تجربة الكاتب الشخصية في كتابة الرواية القصيرة جدا:-
1.ما الذي دفعك تحديدا ً للتوجه إلى كتابة الرواية القصيرة جداً؟ هل كانت هناك لحظة معينة أو تجربة شخصية ألهمتك الكتشاف هذا الشكل األدبي؟
ج حقيقة انا كتبت الرواية القصيرة جدا دون تخطيط مسبق ولكن هناك هاجس داخلي حثني على الأختصار والاختزال وعدم التكرار، وكتابة الجمل القصيرة بفعل ضغط الزمن وهذا حدث لي مع روايتي القصيرة الأولى أرض الزعفران التي نشرته عام 2009 – الفائزة بالمرتبة الثانية ضمن مسابقة اقامتها دار حروف منثورة على نطاق الوطن العربي-، وبعدها روايتي الثانية القداحة الحمراء ، وبعدان استعرضتهما وتفكرتها قررت أنْ أعلمها بالرواية القصيرة جداً حيث وجدتها ليست قصة وهي ليست رواية قصيرة ، وهكذا نظرت لهما أول مرة عام 2015 عبر مقال نقدي في الف ياء جريدة الزمان العراقية في 1532015، وهكذا أستمرت التجربة لحد الان وقد تبعني بعض الزملاء في كتابة هذا النوع من الرواية .
2.تذكر أنك من أوائل من تبنوا هذا النوع الأدبي واستخدموا مصطلح "الرواية القصيرة جداً". ما هي التحديات الأولية التي واجهتها في صياغة أولى أعمالك ضمن هذا الأطار؟ وهل كان هناك تردد أومقاومة من قبل الآخرين في البداية؟
ج هذه حقيقة تثبتها الوثائق المكتوبة ، حيث لم أعثر على من جنس روايته بهذا التجنيس لا من العراقيين ولا من العرب ولا الأجانب حسب ما وردنا من روايات مترجمة الى العربية ، على الرغم من اني علمت ان هناك من حاول التبشير بولادة هذا النوع من الرواية حينما كتب حول بعض الروايات القصيرة ...
نعم كان هناك تردد كبير وعدم اعتراف ومقاومة من قبل حتى من بعض الأكاديميين الذين ينفون امكانية ولادة مثل هذا النوع من الرواية طبعا دون دليل ودون مناقشة ، ولكنه رفض للرفض ومازال البعض لحين التاريخ لايعترفون بالرواية القصيرة جدا ، طبعا دون برهان ، ناهيك ممن خلطوا الرواية القصيرة جدا بالنوفيلا وهذا أمر تعرضنا له بالتفصيل في الجزء الثاني من كتابنا النقدي الذي سيصدر قريبا (الرواية القصيرة جدا اضاءات نقدية) وندعي اننا اثبتنا تهافته وبالادلة .
3.عندما تشرع في كتابة رواية قصيرة جداً، ما هي الخطوات الأولى التي تتخذها؟ هل تبدأ بفكرةمكثفة، حدث واحد، أم شخصية رئيسية؟
ج قبل الشروع تبدا الفكرة الثيمة تجمع عيدان عشها في المخيلة، ثم تتطور لتنضج وتكون مقبولة وقابلة للصياغة والتطور لتكون رواية ،عند الشروع وضع مخطط بسيط كخارطة سرد للرواية شخصياتها وتحولاتهم ، والأماكن والزمن التقريبي لكل حدث، ليبدأ القلم بسرد الأحداث ، طبعا أثناء الكتابة قد تحصل تغيرات كثيرة على الشخصيات وعلى سير الأحدث لأن الكاتب دخل عمليا في أحداث الرواية كمن يدخل أزقة مدينة لاول مرة يمتلك عنها معلومات نظرية ليس أكثرفتصادفه حين ذاك الكثير من المظاهر والتعرجات لم تكن في حسبانه نطريا ،ثم يستمر السرد مع مراعاة حجم الرواية و الالتزام باشتراطاتها كرواية قصيرة جدا وبافضل واجمل شكل لأيصال المعنى للمتلقي .
4.كيف تدير عملية "التكثيف والأيجاز والأختصار للحدث والزمان والمكان والشخصيات" في رواياتك؟هل تعتمد على تقنيات معينة لتحقيق أقصى قدر من التأثير بأقل عدد من الكلمات؟
ج أمر الكثيف والاختزال يعتمد بالدرجة الأولى على فهم الروائي لما يجب أن يحذف وما يجب أن يترك للمتلقي من توصيف وتعريف دون أن تدخل الرواية في كهوف التلغيز والغموض المبالغ فيه ، كذلك يجب أن يكون الكاتب حاذقاً في اختيار أنسب وأدق وأبلغ الكلمات في صياغة العبارة ليتخلص من الأسهاب والأطالة ، مع فهم ثقافة وعقلية المتلقي في التأويل والتحليل والقدرة على ملء الفراغات لإستكمال لوحة السرد في مخيلته ، فقد تكون بعض الفراغات أكبر من قدرة فئة من المتلقين على تخيلها وبناء تراكيبها ليكتمل النص ، بمعنى أن بعض الروايات القصيرة جدا قد تكون نخبوية تستعصي على البعض بينما يجد فيها البعض الآخر متعة كبيرة في أستكمال صورها وأحداثها من عنديته ، ومنها مثلا عدم أعطاء دور كبير للراوي كلي العلم في الرواية القصيرة جدا لأعطاء فرصة للمتلقي لتوقع سلوكيات وتصرفات الشخصية ضمن سياق النص وقد يستنتج نهايتها على خلاف الروائي وتوقعاته ، فليس سهلا توقع وحدس دقيق لمستقبل تصرفات الشخصية وفرض سلوكية معينة عليها .
5.هل هناك "وصف" أو "نظرية" محددة تتبعها في كتاباتك للرواية القصيرة جداً، أم إنك تركت المجال للتجريب والتطور مع كل عمل؟
ج بعد هذه الفترة الزمنية من سنوات ممارسة كتابة الرواية القصيرة جدا بمستويات مختلفة بين القوة والضعف بين الوضوح والغموض وكذا هو حال الرواد وبقية كتاب الرواية القصيرة جدا في الوطن العربي وخارجه ، حتى توصلت الى ضرورة وضع بعض الضوابط لكتابة رواية يمكن ان نطلق عليها (رواية قصيرة جدا ) تتميز بها عن بقية الانواع الروائية الأخرى أسميتها المرتكزات الأساسية للرواية القصيرة جدا ونقدها :-
بما ان الرواية القصيرة جدا هي نوع جديد من انواع جنس الرواية فلابد ان تكون لها توصيفات ومحددات تميزها من الأنواع الأخرى لجنس الرواية ، ويكسبها مواصفات خاصة وعلامات فارقة تميزها عما حولها من الأجناس والأنواع الأدبية السردية المجاورة الأخرى، فالرواية القصيرة جداً لايميزها الطول فقط عن الرواية الطويلة والرواية القصيرة وهذا ما قد يظنه أو يتبناه بعض الأدباء من الروائيين ومن ضمنهم من يظن انه كتب رواية قصيرة جداً إعتماداً على الطول وعدد الكلمات والصفحات فقط وهذا غير صحيح...
فكونها وصفت بالرواية يجب أن تتوفر فيها جميع اشتراطات الرواية المعروفة والمتفق عليها من قبل أغلبية النقاد وفي مقدمتها :-
تعدد الشخصيات فلايمكن أنْ توصف بتوصيف الرواية إذا اختصرت على شخصية واحدة وحتى بشخصيتين حيث تقترب هنا وتتداخل مع القصة الطويلة والقصيرة على حد سواء التي تتميز بعدم تعدد الشخصيات وتناغي النوفيلا والنوفيلا ليست رواية كما كتبت عالمياً وعربياً على الرغم من سيادة هذا الفهم الخاطيء للنوفيلا كونها مطابقا للرواية.وهنا يجدر بنا أن نميز بين الرواية ، والنوفيلا والمايكرو نوفيلا في الأدب العربي والكتابة باللغة العربية، هذه اللغة التي تمتلك قدرةهائلة على التميير الدقيق بين معاني وإيحاءات الكلمات والمفردات ، وكذلك تميزها بغنى المرادفات اللغوية وما تمتلكه من قدرة على الترميز والتلميح والأيحاء دون التصريح، مما يكسبها القدرة على الأختصار في اللفظ وغنى المعنى وهذا ماعجزت عنه أغلب اللغات المعروفة في العالم ومن ضمنها اللغة الايطالية التي لجأت من اجل بلوغ درجة مقبولة من الاختزال كانت الى ابتداع(النوفيلا) حيث يعود بنا اصل كلمة نوفيلا الى اللاتينية novusبما يعنى الجديد المتعارف عليها ، وبذلك نستنتج ان النوفيلا لاتساوي الرواية ، والشورت نوفيلا لاتساوي الرواية القصيرة جدانوفيلا كش وطن ونوفيلا سارق العمامة للروائي العراقي زيد الشهيد)) التي امتازتا بالسخرية والتهكم ومحدودية شخصياتها اما بالنسبة لرواية (هذيان محموم) القصيرة جداً وغيرها لكتاب الرواية القصيرة جدا في العراق والوطن العربي فقد توفرت فيها كل اشتراطات الرواية ، كرواية قصيرة جداً،وليست نوفيلا ولا شورت نوفيلا وهي تسمية غير دقيقة فلا توجد بالمقابل لونك او نوفيلا طويلا ، وكذلك لاتوجد ماكرو نوفيلا مقابل المايكرو نوفيلا !!!فهي نوفيلا وكفى، في حين توجد كل هذه التصنيفات في الرواية.
روايات تيشخوف القصيرة بانها رواية قصيرة جدا من حيث الأسلوب وطريقة الكتابة والحجم وان لم يصنفها هو برواية قصيرة جدا ، وكذلك النص السردي لغارسيا ماركيز (الرجل العجوز ذي الجناحين الطويلين) يمكن اعتباره رواية قصيرة جداً ضمن توصيفاتنا للرواية القصيرة جداً ...
مما يسقط إدعاء من يرى أن الشورت نوفيلا هي الرواية القصيرة جدا كما وصفوا ووصموا بعض النصوص السردية لكتاب غربيين بأنها شورت نوفيلا وهي روايات قصيرة جدا على الرغم من ان لاكتابها ولا نقادها وصفوها بهذا التوصيف بل هي وصفت كروايات قصيرة كما عند تيشخوف وهمنغواي في الشيخ والبحر.و مزرعة الحيوان لآوريلا ، وكافكا في المسخ...
أحيانا يتم الخلط بين القصة والرواية في التسمية دون التمييز بينهما فلوكانت القصة هي غرفة واحدة في عمارة ن فالروايةهي العمارة بكامل طوابقها وغرفها ، وبذلك يتم التمييز بين الرواية القصيرة جدا والقصة الطويلة أو القصيرة والقصيرة جدا ...
لابد أن تتضمن الرواية القصيرة جدا تعدد الشخصيات ، وان كانت الشخصية المركزية هي المهيمنة على السرد ،ويكون دور الشخصيات الثانوية محددا وخفيف الظل من حيث عدد وحجم وطول الحورات والتوصيفات للشخصيات ما عدى العلامات الفارقة والمميزة للشخصية عن غيرها من بني البشر بصفاتهم السائدة القومية والعرقية والجنسية ...
وتعدد الشخصيات يستلزم تعدد الحورات بين مختلف الشخصيات الثانوية فيما بينها وبين الشخصية المركزية مع الالتزام بدرجة عالية من الحذف والاختزال (خير الكلام ما قل ودل ) ووفق مقولة الجرجاني ( جوع اللفظ واشبع المعنى)، وجواز الترميز والتلميح دون الإسهاب والتصريح بما يفي بايصال المعنى دون اسهاب واطناب ودون الايغال في الغموض يجب ان يكون جسد الروايةالقصيرة جدا ضامرا وليس مترهلا...سهلا ممتنع وليس مبتذلا .
الرواية القصيرة جدا قادرة لاحتواء كافة الثيمات الروائية ولا تقتصر على التهكم والسخرية والتعبر عن مأساة كما في (النوفيلا)
ومن أهم صفات الرواية القصيرة جدا هو ترك مساحات بيضاء من حصة المتلقي القاريء ضمن السرد كمؤلف ثان يقوم بأشغالها ضمن مخيلته ومستوى أطلاعه وثقافته وجديته في فهم النص في عالم أصبح معروف المعالم كشعوب وحضارات وميزات ، فعالم الفضائيات والانترنيت واليوتيوب والذكاء الاصطناعي وتطور وسائل السفر وضروراته بين مختلف قارات العالم سهل على المتلقي المؤلف الثاني ملأ الفراغات المتروكه من قبل المؤلف الأول ولا داعي لأعادة تعريف المعروف والمعرف...
ضرورة توفر ميزة التنقل والتنوع في المكان والزمان في الرواية باعتبارها سرد للتحولات والتبدلات الزمكانية بالنسبة للشخصيات والأحداث والظواهر...
وحينما يستوفي الناقد هذه الأشتراطات في النص السردي الماثل أمام ناظريه يصدر حكمه بأن هذا النص السردي هو رواية قصيرة جدا،مع التزامه بالحد الأدنى والحدالأعلى للكلمات حتى لاتختلط مع الرواية الومضة ولا تقترب كثيرا من عدد كلمات الرواية القصيرة حسب طولها وعدد كلماتها المعروف والذي لايقل عن 7000 كلمة ...
نحن بما تقدم لانفرض مساطر قياس صارمة المقاس والحدود ولكننا نحدد الخارطة الجينية للنص لنميز بين نوع روائي واخر من انواع جنس الرواية ، ولسنا مع مقولة الميوعة النوعية والاجناسية بين الابداعات الادبية مما يفقدنا التوصيف والتعريف للمنتج الابداعي لتعن الفوضى وهذا لايخدم متطلبات الابداع والجمال ويفقد التمييز بين خالق النص الحاذق المبدع العارف والواعي لما يبدع وبين الكاتب الفوضوي بدعوى تداخل ألانواع والاجناس الأدبية وعلى الرغم من صحته ولكن يجب الا يعني العدم وذوبان كل جنس في الجنس والنوع الثاني...
*وبعد أن يستكمل الناقد وضع كل ماتقدم من مواصفات الرواية القصيرة جدا كخارطة جينية عامة ينتقل الى التوصيفات الأبداعية للنص المدروس من حيث أسلوب السرد وثراء اللغة المستخدمة وشعريتها ومدى قدرتها واستجاباتها للتعبير الأمثل للمعنى ورسم الصورة ودقة الحدث ...
فحص قدرة المؤلف الأول على التعبير عن الأحداث والسلوكيات والظواهر بشكل فني رفيع بعيدا عن السرد الخبري الممل وهذه قدرة وكفاءة تميز مبدع عن آخرمن حيث سعة الخيال وعمق التجربة والبراعة والفطنة في التقاط الحدث والصورة وصياغتها فنيا.
كذلك ملاحظة ثيمة الرواية وهل هي من المكرر والمعاد او من الثيمات المبتكرة الجديدة التي تحمل رسالة بليغة،وحتى قدرة المبدع على بث روح التجديد الغير مكرر، حتى في الثيمة المعادةالتي يتمكن الروائي المبدع صياغتها باسلوب جديد وشكل مبتكر جذاب .... عندها يمكن أن يحكم على منتجه هل هو رواية قصيرة جدا أم لا....
6.كيف توازن بين الحاجة إلى الأيجاز وبين تطوير البنية السردية للرواية، مثل وجود بداية ووسط ونهاية، حتى لو كانت مكثفة؟
جهذا الامر ممكن موازنته من خلال مايمتلكه الكاتب من حنكة وتجربة في الكتابة ، وما يمتلكه من ثقافة موسوعية ومن خزين كبير من مفردات اللغة العربية ودلالاتها ، وكذلك ثقافته في مدى خزينه الرمزي والاسطوري وقدرته وفطنته في استخدام هذه الرموز والكلمات من اجل كتابة العبارة القصيرة المكتنزة بالمعنى كما قالها الجرجاني (( تجويع اللفظ وأشباع المعنى )) وهذه مهمة غير يسيرة يفترض بكاتب الرواية القصيرة جدا اجادتها واكما واكتمال عدته لانجازها ، كى لايشعر المتلقي بهشاشة وسطحية وعدم غتى النص الروائي وجماليته .وعليه أن لاتختلط وتضيع عليه بداية وذروة ونهاية الرواية حتى وانْ تداخلت أحداثها ...
7.كيف كان التلقي أول أعمالك في الرواية القصيرة جدا ً من قبل القراء والنقاد؟ وهل واجهت أي"استخفاف والتنمر"كما ذكر الناقد عبد الله الميالي في تقديمه؟
ج في الحقيقة لقد واجهة الكثير من الصدود وعدم الاهتمام بهذا المنجز باعتباره نوعا جديدا ، فمنهم من يحسبه قصة طويلة ، ومنهم من يعتبره