الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
السفراء والعمداء والمحاصصة العليا

بواسطة azzaman

السفراء والعمداء والمحاصصة العليا

ضياء واجد المهندس

 

يبدو أنّ العراق قرر أن يبتكر نوعاً جديداً من الدبلوماسية، اسمها “دبلوماسية الأصهار”، حيث يصبح ابن الأخ سفيراً، وابن الخالة دبلوماسياً، وصهر الزعيم ممثلاً دائماً للأمم المتحدة! وهكذا تتحوّل السفارات إلى صالات عائلية أشبه بمآدب العرس، لكن الفرق أن وليمة العرس تدوم ليلة، فيما وليمة “السفراء الجدد” ستكلف العراق مئات الملايين من الدولارات سنوياً.وفق تقرير لديوان الرقابة المالية (2023)، بلغت نفقات السلك الدبلوماسي العراقي أكثر من 650 مليون دولار سنوياً، منها أكثر من 70 % تذهب كرواتب ومخصصات. والسؤال: هل ندفع هذه المبالغ لتمثيل العراق أم لتمثيل «بيت العم والخال»؟أما التعليم العالي، فقد دخل بدوره في «الكورال الحزبي»، حيث يتم اختيار العمداء لا بناءً على البحوث المنشورة في مجلات علمية، بل بناءً على عدد المنشورات في صفحات «الفيسبوك الحزبي»!إحصائية رسمية صادرة عـــن وزارة التعليم العالـــــي (2024) تكشف أن أكثر من 65 % من تعيينات العمداء ورؤساء الأقسام تمت بـ»التكليف بالوكالة» خارج السياقات القانونية. وبدلاً من أن تكون الجامعات منابر للعلم، أصبحت غرف انتظار حزبية، حيث يقف الأكاديمي على باب الفصيل حاملاً أطروحته بيد، وولاءه السياسي باليد الأخرى.

ولأن الأرقام لا تكذب (إلا إذا دخلت البرلمان)، فإننا نجد أن العراق ينفق سنوياً ما يقارب 5.4 % من الناتج المحلي الإجمالي على التعليم، أي أكثر من 14 تريليون دينار عراقي. لكن النتيجة؟ الجامعات العراقية خرجت من التصنيف العالمي لأفضل 500 جامعة، وصار الطالب العراقي يبحث عن مقعد في الجامعات الأهلية التي ارتفع عددها إلى 74 جامعة وكلية أهلية، معظمها أشبه بمكاتب صيرفة علمية: «ادفع القسط.. تستلم الشهادة»!السخرية المرة أن السياسي الذي يعيّن ابن خالته سفيراً، هو نفسه الذي يعيّن «رفيقه النضالي» عميداً للكلية، ثم يقف على المنبر ليتحدث عن «الإصلاح». وفي النهاية، نجد أن كرامة العراق صارت محشورة بين حقيبة دبلوماسية تُدار من صالة عائلية، وقاعة محاضرات تُدار من غرفة حزبية.إنها ليست اغتيالاً للشرف الأكاديمي فقط، بل هي أيضاً مجزرة للدبلوماسية العراقية. وإذا كان المواطن يضحك اليوم من «قائمة السفراء»، فقد يبكي غداً عندما يجد أن ابنه، بدلاً من أن يُشرف على مختبر علمي، صار يُشرف على «مكتب حزبي للقبول المركزي».والسؤال الأخير: إذا كانت الدولة العراقية تُدار بهذا الشكل، فهل سيأتي يوم نقرأ فيه خبراً عاجلاً:

> «تعيين حفيد الزعيم ملحقاً ثقافياً في سفارة العراق.. لأنه حصل على شهادة (الحضانة الدولية) بامتياز»؟

 

 


مشاهدات 59
الكاتب ضياء واجد المهندس
أضيف 2025/09/01 - 3:23 PM
آخر تحديث 2025/09/02 - 5:53 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 564 الشهر 1294 الكلي 11419167
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/9/2 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير