الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
بعض اصحاب العمائم والزي العربي كالحرباء… فاحذروهم

بواسطة azzaman

بعض اصحاب العمائم والزي العربي كالحرباء… فاحذروهم

 احسان باشي العتابي

 

اطلاق الاحكام جزافا، فضلا عن التعميم، امر لا يقره العقل السليم ولا يرضى به الضمير الحي، اذ هو من اعظم صنوف الظلم التي لا ينبغي ارتكابها حتى بحق من نختلف معهم في الفكر والموقف. ومن هذا المنطلق، فان وصف الحال كما هو، اصدق في الحجة واقوى في البرهان، لانه لا يترك للمخالفين منفذا للمراوغة مهما امتلكوا من دهاء او لبسوا ثوب الخداع والتلون.

للاسف الشديد وكالمعتاد في كل مرحلة من مراحل التاريخ، تظهر فئات تتقن فن التلون، الاولى تتزين بلباس الدين والثانية بالوجاهة الاجتماعية لتبرير ظلم الطغاة وتمويه الحقائق!!! وليس في هذا القول تعميم، حتى لا يتصيد البعض في الماء العكر، بل توصيف لحال الفئتين الذي طالما تكرر كما لا يخفى على الجميع.

وبنظرة فاحصة في سجل التاريخ العربي والاسلامي، نجد ان تلك الفئتين كان لهما الدور الابرز في تثبيت دعائم الظلم والتسلط على الشعوب، والسبب في ذلك جلي: الطمع بالمغانم التي يمنحها الحكام الظلمة لمن يشتري صمتهم وولاءهم، فيتحولون الى ابواق تبرر الاستبداد وتجمل وجه الطغيان.

ولو شئنا التوسع في سرد مواقف هؤلاء على امتداد التاريخ لطال بنا المقام، لذا ساكتفي بالاشارة الى ما يخص تاريخ العراق الحديث، الذي هو موضع اهتمامي الاول.ففي حقبتي البعث وما تلاها من احتلال امريكي، تكررت الصورة ذاتها وان اختلفت الاسماء والشعارات.شخصيات عديدة من تلك الفئتين كانت بالامس القريب تسبح بحمد نظام البعث، وتدافع عن سياساته القمعية، وتعيش في رغد ونعيم مما يغدقه عليها الحاكم المستبد، اذ كان يعتبرهم واجهته الاجتماعية والدينية لتبرير ظلمه امام العامة.

لكن المفارقة الصارخة ظهرت بعد سقوط النظام، حين تغيرت الوجوه والولاءات في ليلة وضحاها!!! اولئك انفسهم الذين كانوا بالامس انصارا للبعث، اصبحوا بين عشية وضحاها دعاة حرية، ومناصرين للاحتلال الامريكي الذي انقذهم من بطش النظام السابق!!! غير ان حقيقتهم لم تتبدل، فهم لا يدورون الا في فلك مصالحهم، حيثما دارت السلطة والمال.

لقد عاشوا في ترف اكبر مما عاشوه في زمن البعث، ووجدوا في التحولات السياسية الجديدة فرصتهم للعودة بلباس جديد وشعارات مزيفة، تارة باسم الدين، وتارة باسم الوطنية، والغاية واحدة: البقاء في دائرة النفوذ والامتياز.

وهكذا ظلوا، بين عهد واخر، يتبدلون كما تتبدل الحرباء، لا مبدا لهم ولا ثبات، سوى الولاء لمن يدفع اكثر او يضمن لهم حياة الرفاه.لذلك، وجب التحذير منهم… فمهما غيروا الوانهم، ومهما تلطفوا في خطابهم، تبقى حقيقتهم كما هي: حرباء تتقن التلون على حساب الوطن وابنائه،بل على حساب منطق العقل والاخلاق الرفيعة.

خلاصة القول:

ان اخطر ما يبتلى به اي وطن ليس عدوه الخارجي، بل اولئك الذين يتزينون بلباس الدين او الوجاهة الاجتماعية _ العشائرية _ ليخدعوا الناس،فيسقطوا باسم الفضيلة ما لم يسقطه السيف.هؤلاء هم العلة المزمنة في جسد كل شعب، يتلونون مع كل نظام، ويقتاتون على جراح الوطن كلما تبدل الحاكم.فليكن وعي الناس هو السلاح، ولتكن البصيرة هي درعهم ضد كل من يتخذ من العمامة او العقال ستارا يموه به خيانته.

فالحرباء… مهما غيرت لونها، لن تصبح يوما طائرا حرا.


مشاهدات 62
الكاتب  احسان باشي العتابي
أضيف 2025/10/18 - 3:10 PM
آخر تحديث 2025/10/19 - 1:44 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 61 الشهر 12344 الكلي 12152199
الوقت الآن
الأحد 2025/10/19 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير