فاتح عبد السلام
هناك يوم عالمي للعمل الإنساني مرّ من دون ان تلتفت الدول اليه، في حين ان دولنا العربية ومنها العراق كانت لسنوات طويلة معنية بتلقي الدعم الإنساني من منظمات ودول لأسباب تخص الحروب الداخلية والخارجية التي واجهها البلد.
هناك جانب تطوعي للعمل الإنساني يحتاج الى تحفيز في مؤسساتنا ووزارتنا وجامعتنا ومدارسنا، فالعمل لخدمة الإنسانية يبدأ من الحي السكني والقرية والبلدة والمدينة، ولابد من تنمية هذه الثقافة لكي ينمو المجتمع نموا صحيحا ويعالج نفسه بنفسه ويسد الثغرات التي تنفتح كالجروح الغائرة في النسيج الاجتماعي.
وبهذه المناسبة وجدت في كلمة منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في العراق، غلام محمد إسحق زي، دلالات عميقة وتحتاج الى الانتباه والتأمل ثم الشروع بالعمل الجدّي، اذ .
قال في بيان صحافي أصدره لمناسبة اليوم العالمي للعمل الإنساني:
«نقف لنحيي شجاعة وتفاني وتضحيات العاملين في المجال الإنساني في كل مكان، ونقف تضامناً مع الأشخاص الذين نخدمهم».
وخاطب المهجّرين في العراق قائلاً: «لقد حقق العراق اليوم تقدماً كبيراً، إذ وجد أكثر من خمسة ملايين نازح سبيلاً للعودة إلى مناطقهم أو الانتقال إلى مكان آخر أو الاندماج في مجتمعات محلية جديدة، وقد أمكن تحقيق ذلك من خلال قدرة الشعب العراقي على الصمود والعمل المشترك الذي تضطلع به الحكومة العراقية والأمم المتحدة والشركاء في المجال الإنساني، لكن بالرغم من ذلك، لا يزال الآلاف يعانون النزوح في مخيمات النازحين داخلياً وفي المستوطنات العشوائية وفي المناطق الحضرية في أنحاء البلد، ينتظرون الحلول التي تسمح لهم بإعادة بناء حياتهم بكرامة وأمان».
اذن هناك الالاف يعانون في المخيمات، وهذا عيب على هذا البلد النفطي الكبير والذي يتحدث بشكل رسمي عن تجاوز كل مراحل الإخفاق والدخول في الاستقرار المعيشي، بل ويدعو العوائل العراقية النازحة في مخيم الهول السوري للعودة الى البلد. ثمة تناقض واضح يحتاج للعمل على تجاوزه. ذلك ان وجود النشء الجديد منذ عقد وأكثر في مخيمات سيقود الى عقد نفسية واجتماعية وطبقية، وهذا لا يساعد في التعاطي السليم مع فكرة التساوي في حقوق المواطنة.
ماذا فعلت وزارة الهجرة والمهجرين في عقد من الزمان، كم مجمعاً سكنياً تبنت بناءه، واذا كانت الموازنة العراقية لا تكفي، فكم دولة تحركت هذه الوزارة وفاتحتها لتقديم المساعدات لإتمام مشاريع الإسكان البسيط للمواطنين بدل المذلة وتقديم المساعدات الغذائية الهامشية وسط غياب شبه كامل للرعاية الصحية والاجتماعية المطلوبة.
إنه يوم عالمي للنازحين في بلادهم، والعين تخرج من نطاق العراق نحو قطاع غزة الغارق في النزوح القاتل.