الأمن السيبراني وتطبيقات الذكاء الاصطناعي أبرز التحديات المعاصرة
مجيد ملوك السامرائي[*]
لم يعد مفهوم الأمن السيبراني مقتصرًا في الجغرافيا والسيادة التقليدية وحماية الحدود والمؤسسات المادية، انما أصبح يمتد إلى الفضاء السيبراني بكل ما يحتويه من بيانات وأنظمة معلوماتية وبنية تحتية رقمية والذي يُعد ساحة جديدة للصراعات والتجاذبات الاستراتيجية، ومع التحول العميق الذي يشهده العالم في المجال الرقمي أصبحت البنية المعلوماتية الرقمية تمثل العصب الحيوي للأنشطة الفردية والمؤسساتية والدولية لتنامي الاعتماد على التكنولوجيا الرقمية والإنترنت في جميع مناحي الحياة، وترافق هذا التحول مع بروز تهديدات متزايدة تُعرف بالهجمات السيبرانية (Cyber Attacks) التي باتت تمثل خطرًا مباشرًا على الأمن القومي وسلامة الاقتصاد واستقرار المجتمعات، لذلك تبرز الحاجة إلى تعزيز الوعي وتطوير منظومات الحماية وبناء ثقافة أمنية رقمية مستدامة، وهكذا اصبح الأمن السيبراني ضرورة لا ترفًــا أذ ان الهجمات الإلكترونية تعد تهديدًا حقيقيًا للبنى التحتية والأنظمة المصرفية وحتى السيادة الوطنية.
برز الأمن السيبراني بوصفه أحد أبرز التحديات المعاصرة التي تواجه الأفراد والمؤسسات والدول على حد سواء، وتتسارع الحاجة إلى تعزيز مفاهيم الأمن السيبراني بالتوازي مع ازدياد استخدام التقنيات الذكية والتكامل مع الذكاء الاصطناعي Artificial Intelligence)) والذي بدوره يحمل إمكانات مزدوجة؛ فهو يمثل من جهة أداة لحماية الأنظمة ومن جهة أخرى وسيلة للهجوم المتطور والمؤتمت، وفي هذا السياق تتعاظم التحديات المعاصرة التي تواجه مختلف الدول والمؤسسات مما يستوجب بناء ثقافة سيبرانية مستدامة وتشريعات ذكية ومنظومات رقمية مُحصّنة.
مفهوم الأمن السيبراني:
يُقصد بالأمن السيبراني(Cybersecurity) مجموعة الإجراءات التقنية والتنظيمية والإدارية التي تهدف إلى حماية أنظمة المعلومات من الاختراق والتلف والوصول غير المصرح به. ويُعرَّف الأمن السيبراني بأنه مجموعة من السياسات والتقنيات والإجراءات الوقائية المصممة لحماية الأنظمة الرقمية والشبكات والبرمجيات والبيانات من الهجمات الرقمية والتخريب والتدمير والسرقة، وتكمن أهميته في حماية المعلومات الحساسة (مثل البيانات المالية والطبية) وضمان استمرارية عمل المؤسسات ومنع التجسس والاختراقات الإلكترونية.
يهدف الأمن السيبراني بالدرجة الأولى إلى تحقيق ثلاثة مبادئ هي؛
سرية حماية المعلومات من الوصول غير المصرح به، وسلامة ضمان عدم التعديل أو التلاعب بالمعلومات أثناء تخزينها أو نقلها، وتوفر ضمان وصول المستخدمين المصرح لهم إلى المعلومات والأنظمة في الوقت المناسب. ويُعد الأمن السيبراني من ركائز الأمن القومي الحديث ويكتسب أهمية استراتيجية متزايدة في ضوء الاعتماد المكثف على التكنولوجيا الرقمية في مجالات المال والطاقة والاتصالات والتعليم والصحة والمواصلات (النقل والاتصالات) وبالتالي ضمان توافر المعلومات وسريتها وسلامتها.[1]
تطور الأمن السيبراني:
شهد الأمن السيبراني تطوراً مرحليا متتاليا رافق تطور التكنولوجيا الرقمية منذ بدايات استخدام الحواسيب وتحديداً في النصف الثاني من القرن العشرين وصولاً إلى عصر الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة حيث سجلت مستويات خطيرة للتهديدات السيبرانية، وفي كل مرحلة من مراحل الثورة الرقمية ظهرت تهديدات جديدة استدعت تطوير وسائل وتقنيات دفاعية أكثر تعقيدًا وكما يلي: