القطاع الحكومي بين الترهّل والإمتيازات
دهام العزاوي
لست بصدد نقد السلوك، بقدر ما أهدف إلى تسليط الضوء على توجهات حكومية تصاعدت في السنوات الأخيرة، بدأت تُربك المفهوم العام للإدارة، ذلك المفهوم الذي ينبغي أن يستند إلى معايير الأداء والكفاءة والمنجز، كأساس لتقديم الحوافز والمكافآت وكتب الشكر للموظفين الحكوميين.
للأسف، بدأنا نلاحظ في الآونة الأخيرة تسابقًا بين مؤسسات الدولة العليا ووزاراتها على تقديم كتب شكر لفئات وظيفية دون حق مكتسب أو كفاءة مشهودة، في وقت ندرك فيه جيدًا حجم الضرر الذي أصاب الجهاز الحكومي؛ حيث تنخر فيه قيم اللامبالاة، والمحسوبية، والفساد المالي والإداري، فضلًا عن إضاعة الوقت بلا أي خدمات حقيقية للمجتمع والدولة.
إن ما لا يخفى على أحد أن القطاع العام، في غالبية دول العالم، قد حمل مشعل الإصلاح والتنمية في الكثير من الدول الكبرى والصغرى، إلا أن الأمر في العراق مختلف؛ إذ بات هذا القطاع مترهلًا ومثقلًا بجمهور من العاطلين عن العمل، الذين تحولوا – بكل أسف – إلى سلعة في سوق الانتخابات والمزايدات السياسية، بعيدًا عن معيار الكفاءة والشهادة.
ولا يختلف اثنان على أن الموظــــــف الحكومــــــي في العراق يُعد من أقل الموظفين عطاءً في العالم، لكـــــــثرة العطل والمناسبات والإجـــــــازات المرضية. ناهيك عن أن الدوام اليومي، في غالبه، يُهدر بين طقوس الفطور، وتبادل الإجازات، والمساومات مع المراجعين، إلى جانب الوشايات وكتابة التقارير.
كل ذلك انعكس سلبًا على أداء الموظفين وأسهم في ترهل القطاع العام، الذي بات – بحق – يشكل عبئًا حقيقيًا أمام أي نية صادقة للإصلاح الاقتصادي، في ظل بيروقراطية متجذرة وقيم اجتماعية متغلغلة ترى في الوظيفة العامة مكسبًا شخصيًا ومحطة استراحة، بدلًا من كونها وعاءً حاضنًا للإبداع وخدمة الوطن.