الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الحسين يجمعنا وحبه يوحدنا

بواسطة azzaman

الحسين يجمعنا وحبه يوحدنا

عبد اللطيف الموسوي

 

صدق من قال إن الإمام الحسين بن علي (عليهما السلام) لا يقاس بالثوار، بل بالأنبياء، ولا تقاس كربلاء بالمدن، بل بالسماوات، ولا تقاس عاشوراء بحوادث الدهر، بل بمنعطفات الكون. فالحسين هو نقطة التقاء القلوب، ومحور عشق الملايين. الحسين، اسم يوحّد البشرية بجميع أعراقها ومعتقداتها، يوحد المؤمنين الموحدين والأحرار وجميع التواقين إلى السلم والعدالة والمساواة بين بني البشر، والمناضلين في سبيل الحرية والإصلاح وطريق الحق . حب الحسين ليس مجرد عاطفة عابرة، بل ركيزة تجمعنا، لأنه يمثل أسمى معاني التضحية والتحرر ورفض العبودية. هذا الحب يوحد أبناء هذه البسيطة لأن القيم التي آمن بها الحسين واستشهد من أجلها، هي قيم عابرة للأديان والثقافات والألوان ، قيم جعلت اسمه يتردد بعمق في وجدان كل من يؤمن بكرامة الإنسان.

لقد أحببنا الحسين، وسوف نبقى نحبه، لأنه جسّد أعظم صور التضحية والإباء فهو لم يقاتل من أجل سلطة أو جاه، ولا من أجل دنيا زائلة ومطامع زائفة، بل قاتل إستجابة لنداء مبادئه وقيمه، واستجابة لنداء القوم (الماكرين) الذين سرعان ما انفضوا من حوله بفعل الترغيب والترهيب. لقد ضحى بنفسه وأهله وأصحابه من أجل مبادئ العدل والحق فلم يتوانَ عن الوقوف في وجه الظلم الصارخ. لقد دوت صرخته في كربلاء فسمعتها كل الكائنات في أرجاء السموات والأرضين، وما زال صداها يتردد حتى اليوم في الوجدان العالمي النقي ليوقظ الضمائر ويلهب المشاعر..

 تضحيته في كربلاء أعطت البشرية درسًا بليغًا خالدًا، خلود اسمه،  مفاده أن الدماء تهون وترخص أمام القيم والمبادئ، وأن الشرف والكرامة أهم من الحياة ذاتها، فلا خير في حياة مقرونة بالذل والخنوع. ومصداق كلامنا قولته الشهيرة : ألا وإن الدعي ابن الدعي قد ركز بين السلة والذلة، وهيهات منا الذلة.

أجل أختار الحسين (عليه السلام) وأصحابه السلة، وهي استلال السيوف والحرب، على الذل والخنوع فهبوا يقاتلون رغم إدراكهم أنهم مغلوبون مقتولون وهم بإزاء جيش جرار كان بإمكانه أن يفرض السيطرة على العراق بأسره لا على ما ينيف على سبعين رجلاً بقليل…

لقد اختار الحسين المواجهة وهو يعرف أن قلوب القوم معه وسيوفهم عليه، فآثر الموت على الحياة الذليلة، ليصدح بصوت عالٍ إن الإنسان الأصيل حر بطبعه، يرفض أن يُساق كالعبيد لأي قوة ظالمة . المبادئ التي غرستها ثورة الحسين في النفوس زرعت في الوقت نفسه حب الحسين في تلك النفوس، ليصبح هذا الحب خير جامع . أجل حب الحسين يجمعنا وسوف يظل يجمعنا لأن دم الحسين ما أريق إلا من أجل أن يدعونا إلى الشراكة الإنسانية الخالصة والعيش بكرامة ورفض الذل والخنوع. دم الحسين المراق كان المطرقة التي أيقظت النيام، وهزت العروش، وزلزلت الأرض تحت أقدام الطغاة من أجل عالم لا مكان فيه للظلم والعبودية. فهل نحن برسالة الحسين مقتدون، وعلى طريقه سائرون، أم نكتفي بترديد شعارات وأهازيج تلهج بها ألسننا وتشعر بها قلوبنا، فيما تأبى رغباتنا وأطماعنا السير على نهج هذا الثائر العظيم الذي لم يخرج أشرًا ولا بطرًا ولا مفسدًا ولا ظالمًا، وإنما خرج ساعيًا للإصلاح في أمة جده. لا شك أن هذا النهج الرسالي هو الذي وحّد القلوب على حب الحسين، وحسبي هنا أن أختم بمقولة المفكر المسيحي انطوان بارا : ﴿لو كان الحسين منا، لنشرنا له في كل أرض راية، ولأقمنا له في كل أرض منبرًا، ولدعونا الناس إلى المسيحية بإسم الحسين).

 

 


مشاهدات 99
الكاتب عبد اللطيف الموسوي
أضيف 2025/07/06 - 3:34 PM
آخر تحديث 2025/07/07 - 1:51 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 456 الشهر 3895 الكلي 11157507
الوقت الآن
الإثنين 2025/7/7 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير