لهذه الأسباب توقّفت الحرب

فاتح عبدالسلام

توقّفت حرب من اثني عشر يوماً بين إيران وإسرائيل، ومعهم الولايات المتحدة، التي قامت بدور منفذ “الضربة القاضية المقننة” على ملف الحرب وليس المنشآت النووية الإيرانية التي لا تزال في أجزاء منها لاسيما بوشهر موجودة ومن الممكن ان تواصل الطريق نحو البرنامج السلمي. وابلغ ما قيل في الحرب ان الرئيس ترامب قال انه غير راض عن إسرائيل وعن ايران معاً.

توقفت الحرب بعد أن أظهر الجانبان الإيراني والإسرائيلي استعراضا لأقوى ما يمتلكان من ترسانة هجومية، وألحقَ أحدهما بالآخر الخسائر التي تشير الى انّ الحسم العسكري غير ممكن مطلقاً بين طرفين متباعدين جغرافياً لكن الايذاء بفعل التفوق التكنولوجي العسكري هو العنوان الأكبر.

توقفت الحرب، وكل من إيران وإسرائيل وامريكا يدعي الانتصار فيها، وهذه هي النتيجة التي أفضت الى وقف سريع للحرب.

توقفت الحرب سريعاً لأنها كانت مصمّمة على حالة الاطمئنان في حدودها « الفنية» التي لن تصل الى تغيير النظام الإيراني بالرغم من التلميح في إطار الضغط النفسي.

توقفت الحرب لأنّ الولايات المتحدة لن تغامر من أجل لا شيء، فخيار الفوضى ليس من خيارات الرئيس ترامب كما كان عند سلفه الاسبق جورج دبليو بوش في العراق قبل اثنين وعشرين عاماً.

للمرة الأولى في التاريخ، تتوقف الحرب بين المتصارعين من دون مفاوضات مباشرة بينهما، وعبر طرف ثالث هو الولايات المتحدة، وكأنّ الطرف الثالث قرر ذلك من جانبه وانتهى الأمر الى قبول المتحاربين. توقفت الحرب التي كان الطرفان فيها متعطشين لهذا التوقف، كما كانا من قبل متعطشين لنيل أحدهما من الآخر.

حقا كان الرئيس الأمريكي ينتظر أن يشبع الطرفان المتحاربان، إيران وإسرائيل، رغباتهما المتفاقمة للقتال حتى الانتهاء الى نتيجة الاقتناع بأنّ لكل منهما حدوداً معينة بالنفوذ والوجود والإمكانات.

توقفت الحرب الإيرانية الإسرائيلية بهذه السرعة المتوقعة وغير المتوقعة في آن واحد، لأنّ ذلك من ملامح الشرق الأوسط الجديد، وخاصة للذين لم تتضح لهم الملامح حتى الآن، و مازالوا يعيشون في أوهام الماضي.

لكن هل تعني نهاية هذه الحرب، غلق كل الملفات الإيرانية التي كانت مفتوحة في المنطقة؟ ثمة اقتراب جدي من غلق محدود لتلك الملفات، وربما فتح ملفات جديدة، فالحروب تأتي بالسلام أيضاً.